10 أكتوبر 2024
عن الأسلحة والألبان وسيلان
لماذا كل هذا السلاح في اليمن؟ وما علاقة الرواج للحرب بباب المندب، وهل لو زرع علي عبد الله صالح الدخان في سيرلانكا أو الصين، واكتفى ببقية أمواله، سيزعل منه باب المندب، ويفرح رأس الرجاء الصالح، ويعلن باب المندب عصيانه لمرور السفن؟
(رأيت فيلماً وثائقيا من سنوات، عن زعيم كولومبي لمافيا المخدرات، انفصل عن زوجته القديمة، وأولادها الذين صاروا زعماء لمافيات مخدّرات أيضا، وتزوج من فتاةٍ أصغر منه بخمسين سنة وافتتح مطعماً لآخر سنواته)، ما كل هذه الذخائر العامرة في سورية والعراق؟ ولماذا ينعدم لبن الأطفال في مصر، وتكثر أسلحة الدولة الحديثة في أيدي الفلاحين من العساكر الريفيين أمام الوزارات والبنوك، ومن كثرة الأسلحة يكاد الواحد أن يرى البنك قسم شرطة، من كثرة العساكر والأسلحة المرفوعة على الأكتاف؟ ولماذا تدّخر المدرسة المصرية فلوس الدروس الخصوصية لسنوات (شقى عمرها)، كي تدفع رشوة من دمها ويصير ابنها ضابطا؟ ما سر هذا الهَوَس بوظائف الضباط والسلاح والقوة؟ هل يحسد الواحد منا نحن العرب (سويسرا)، لأنها نائمة سعيدة من سبعين سنة، ونحن نحارب يومياً من سبعين سنة أيضا؟ وهل إسرائيل هي قدرنا المسطور في الكتب؟.
كيف يتحول بشّار من طبيب أطفال إلى قاتل؟ واضح أن تحت الجلد لم يكن هناك لا أي طفل ولا أي طبيب. وكيف يتحوّل ضابط مخابرات إلى رئيس جمهورية، بقوة دفع الدبابة والطلقات في أجساد الشعب ومعاونة الكتّاب والصحفيين؟ هل أصبح الجميع يندفع بقوة ناحية السلاح والدم والقتل. أعرف أن الجيوش العربية، منذ كفّت عن محاربة إسرائيل، أصبحت بلا عمل، خصوصاً أن السياسة ماتت وحنطت وعلقت على أبواب بوتيكات، تسمى زوراً الأحزاب.
هل صارت البحور بمثابة قبورنا، بعدما زادت حروبنا، وارتفعت أسعار قبورنا بشكل مثير للدهشة. هل يريد بشّار الأسد أن يحكم بيوتاً مهدمة، ويريد علي عبدالله صالح أن يحكم جبالاً مليئة بالصواريخ والبنادق، ويريد الجيش المصري أن يحكم بلداً دينه العام، يتوازى مع منتجه، وإلا منع لبن الأطفال عن الأمهات، واشترى بالديون أسلحة وسفنا وسجاجيد حمراء، وحفر تفريعةً لا يحتاجها العالم.. وأعلن رئيسهم للشعب (هتدفعوا يعني هتدفعوا) (وهتفكوا الدولارات يعني هتفكوها) بعدما رمى 60 ملياراً من الجنيهات المصرية من مدّخرات المساكين المحدودة في الفجر والرمال، وجاء بجنرال آخر، وهو حفتر، كي يكون ونيسه في ليبيا، فهرب العمّال الفقراء من صعيد مصر والدلتا إلى بلادهم، لكي يكونوا عاطلين أو مشاريع لصوص (نصف مليون على أبسط تقدير).
فماذا تريد الجيوش المجهَّزة من دماء الشعب، من شعوبٍ مسكينةٍ لا تجد لها قبوراً للموت، فتهرب إلى البحر هرباً من الموت، كي تموت بلا غسل ولا كفن؟
لماذا لا يفكر علي عبدالله صالح في زراعة المانغو في سيلان، مثلا، كي يهرب من حر الجبال ببقايا ثرواته وأحفاده إلى ظلال الشجر، كما اشتغل كارتر بنجارة الكراسي والمحاضرات. ولماذا لا يعمل جنرالات مصر بتجارة الأخشاب والألبان صراحة، طالما في الأخشاب والألبان منافع للميزانية، ومدخولهما يساعد على تصنيع المدافع والحفاظ على الأمن القومي؟
أعرف أن الحروب صارت مهنةً، وأن الأنظمة العربية تنتعش في أزمنة الحروب، أكثر مما تنتعش في أزمنة السلام، وأن السلطات العربية تحب الحروب كالبهارات، لوجودها الدائم والثقيل على الصدور دعامة لاستمرارها، ولا مانع من إجراء انتخاباتٍ تحت قوة السلاح وشكيمته، تكون نتائجها كاسحةً لرؤساء تقوم عليهم ثورات كاسحة بالملايين، ثم يرغبون في العودة من شبابيك القنوات الفضائية بأموال رجال أعمالهم وأبناء عمومتهم، كي يؤكدوا للناس، لا بديل آخر لكم عندنا أو "ولا يوم من أيامك يا مبارك" أو "نفسي أعتذر حتى لشراب مبارك المعفن"، كما أعلنت سهير البابلي، وإلا فالسلاح موجود والقتل موجود وقبورنا ستكون في البحر.
واضح أن عبد الفتاح السيسي حينما كان يخاطب "الإخوان" في 30 يونيو/حزيران بمقولته الشهيرة: "يعني لتحكمونا لتقتلونا يعني"، كان يعلن، بصفاء ومكر، ما سوف تصير إليه الأمور بالتمام والكمال، وخاصة بعد ثلاث سنوات وشهور، ما زالت آلة القتل تعمل، ليل نهار، في الشعب، بعدما أعاد الرجل النظارة السوداء إلى عينيه، كي يخفي اضطرابه وطمعه خلف العدسات، إلا أن حبات العرق تخونه مع اللجلجات التي لا تؤدي إلى معنى، سوى أننا عند نقطة الصفر، وما زلنا نستورد الأسلحة بالمليارات، ولا نجد الألبان للأطفال.
(رأيت فيلماً وثائقيا من سنوات، عن زعيم كولومبي لمافيا المخدرات، انفصل عن زوجته القديمة، وأولادها الذين صاروا زعماء لمافيات مخدّرات أيضا، وتزوج من فتاةٍ أصغر منه بخمسين سنة وافتتح مطعماً لآخر سنواته)، ما كل هذه الذخائر العامرة في سورية والعراق؟ ولماذا ينعدم لبن الأطفال في مصر، وتكثر أسلحة الدولة الحديثة في أيدي الفلاحين من العساكر الريفيين أمام الوزارات والبنوك، ومن كثرة الأسلحة يكاد الواحد أن يرى البنك قسم شرطة، من كثرة العساكر والأسلحة المرفوعة على الأكتاف؟ ولماذا تدّخر المدرسة المصرية فلوس الدروس الخصوصية لسنوات (شقى عمرها)، كي تدفع رشوة من دمها ويصير ابنها ضابطا؟ ما سر هذا الهَوَس بوظائف الضباط والسلاح والقوة؟ هل يحسد الواحد منا نحن العرب (سويسرا)، لأنها نائمة سعيدة من سبعين سنة، ونحن نحارب يومياً من سبعين سنة أيضا؟ وهل إسرائيل هي قدرنا المسطور في الكتب؟.
كيف يتحول بشّار من طبيب أطفال إلى قاتل؟ واضح أن تحت الجلد لم يكن هناك لا أي طفل ولا أي طبيب. وكيف يتحوّل ضابط مخابرات إلى رئيس جمهورية، بقوة دفع الدبابة والطلقات في أجساد الشعب ومعاونة الكتّاب والصحفيين؟ هل أصبح الجميع يندفع بقوة ناحية السلاح والدم والقتل. أعرف أن الجيوش العربية، منذ كفّت عن محاربة إسرائيل، أصبحت بلا عمل، خصوصاً أن السياسة ماتت وحنطت وعلقت على أبواب بوتيكات، تسمى زوراً الأحزاب.
هل صارت البحور بمثابة قبورنا، بعدما زادت حروبنا، وارتفعت أسعار قبورنا بشكل مثير للدهشة. هل يريد بشّار الأسد أن يحكم بيوتاً مهدمة، ويريد علي عبدالله صالح أن يحكم جبالاً مليئة بالصواريخ والبنادق، ويريد الجيش المصري أن يحكم بلداً دينه العام، يتوازى مع منتجه، وإلا منع لبن الأطفال عن الأمهات، واشترى بالديون أسلحة وسفنا وسجاجيد حمراء، وحفر تفريعةً لا يحتاجها العالم.. وأعلن رئيسهم للشعب (هتدفعوا يعني هتدفعوا) (وهتفكوا الدولارات يعني هتفكوها) بعدما رمى 60 ملياراً من الجنيهات المصرية من مدّخرات المساكين المحدودة في الفجر والرمال، وجاء بجنرال آخر، وهو حفتر، كي يكون ونيسه في ليبيا، فهرب العمّال الفقراء من صعيد مصر والدلتا إلى بلادهم، لكي يكونوا عاطلين أو مشاريع لصوص (نصف مليون على أبسط تقدير).
فماذا تريد الجيوش المجهَّزة من دماء الشعب، من شعوبٍ مسكينةٍ لا تجد لها قبوراً للموت، فتهرب إلى البحر هرباً من الموت، كي تموت بلا غسل ولا كفن؟
لماذا لا يفكر علي عبدالله صالح في زراعة المانغو في سيلان، مثلا، كي يهرب من حر الجبال ببقايا ثرواته وأحفاده إلى ظلال الشجر، كما اشتغل كارتر بنجارة الكراسي والمحاضرات. ولماذا لا يعمل جنرالات مصر بتجارة الأخشاب والألبان صراحة، طالما في الأخشاب والألبان منافع للميزانية، ومدخولهما يساعد على تصنيع المدافع والحفاظ على الأمن القومي؟
أعرف أن الحروب صارت مهنةً، وأن الأنظمة العربية تنتعش في أزمنة الحروب، أكثر مما تنتعش في أزمنة السلام، وأن السلطات العربية تحب الحروب كالبهارات، لوجودها الدائم والثقيل على الصدور دعامة لاستمرارها، ولا مانع من إجراء انتخاباتٍ تحت قوة السلاح وشكيمته، تكون نتائجها كاسحةً لرؤساء تقوم عليهم ثورات كاسحة بالملايين، ثم يرغبون في العودة من شبابيك القنوات الفضائية بأموال رجال أعمالهم وأبناء عمومتهم، كي يؤكدوا للناس، لا بديل آخر لكم عندنا أو "ولا يوم من أيامك يا مبارك" أو "نفسي أعتذر حتى لشراب مبارك المعفن"، كما أعلنت سهير البابلي، وإلا فالسلاح موجود والقتل موجود وقبورنا ستكون في البحر.
واضح أن عبد الفتاح السيسي حينما كان يخاطب "الإخوان" في 30 يونيو/حزيران بمقولته الشهيرة: "يعني لتحكمونا لتقتلونا يعني"، كان يعلن، بصفاء ومكر، ما سوف تصير إليه الأمور بالتمام والكمال، وخاصة بعد ثلاث سنوات وشهور، ما زالت آلة القتل تعمل، ليل نهار، في الشعب، بعدما أعاد الرجل النظارة السوداء إلى عينيه، كي يخفي اضطرابه وطمعه خلف العدسات، إلا أن حبات العرق تخونه مع اللجلجات التي لا تؤدي إلى معنى، سوى أننا عند نقطة الصفر، وما زلنا نستورد الأسلحة بالمليارات، ولا نجد الألبان للأطفال.