10 نوفمبر 2018
عن التعليم في المغرب
يونس كحال (المغرب)
سنوات طويلة والمنظومة التعليمية في المغرب تعاني من انتكاسات متتالية، إذ لم تستطع البرامج الحكومية التي خصّصت لها أن تحد من انهيارها، حتى أصبح ما نراه الآن مجرد منظومة خالية من أي روح. وهذا طبعاً بعد إصلاحات شكلية التي لا تمس جوهر القضية التعليمية أكثر ما تمس ظاهرها وإعطاء انطباع بأن هناك إصلاح في هذا المجال، وهذا ما نلاحظه من تناوب الوزراء على هذا القطاع، والذي ترصد له ميزانية ضخمة ويعتبر من أولويات الأولويات لدى المغاربة قاطبة.
التعليم في جميع دول العالم منظومة أو لنقل قطارا، لا يمكن أن تصلح قاطرة و تترك الأخرى، وإلا فإن القاطرة المعطوبة ستعيق مسير القطار، ولا يمكن أيضا أن تفصل قاطرة عن الباقي، إما نصلح القطار بجميع أجزائه أو لا، أما وأن نصبغه ونضعه على السكة فإنه سينقلب في أول منعرج.
لن أتحدث عن السياسات المتتالية التي أوصلت التعليم في المغرب إلى هذه الحالة، فذلك يحتاج صفحات وصفحات، ولكن سأتحدث عن واقعه المرير وعن بعض الأطراف التي تزيد من تعميق جراحه، خصوصاً مع توالي الحوادث التي عرفها في الأيام الأخيرة حيث خلقت نقاشا حادا بين جميع أطراف المجتمع، خصوصا على مواقع التواصل الاجتماعي.
كانت الأسرة ولا زالت اللبنة الأساسية في المسألة التعليمية، لكنها عندما تخلت عن دورها وأصابها الخلل اهتز ركن من أركان المنظومة التعليمية، فقد أصبح التلميذ يخرج من منزله غير مسلح، لا بأخلاق ولا بقيم، ويذهب إلى المدرسة خالي الوفاض، اللهم إلا من ثقافة عنف وانحلال استقاها من شارع، هو الآخر مريض، ومن انفتاح على قنوات فضائية نقلت له قيما مغلوطة، ومن إبحاره في بحر الأنترنت الذي ليس له قرار من دون عدة، فتكوّن لدينا جيل متنمر ومتمرّد على كل شيء، ترسله الأسرة إلى المدرسة، طمعا في أنها ستربيه وتقوم مقامها في ذلك، لكنها واهمة في مطمحها ذلك، فالتلميذ يجب أن يتلقى التربية والأخلاق على يد الأسرة أولا، ثم يأتي بعد ذلك دور المدرسة، وهو ما نلاحظه في بعض المتعلمين الناجحين، حيث أنهم يأتون إلى التعلم وتحقيق أهداف مسبقة، بخلاف من ترسلهم أسر لا يملكون في رصيدهم سوى التسيّب والاعتداء على زملائهم وأساتذتهم.
وخير مثال على ما سبق نجد حدثين مهمين، شغلا الرأي العام المغربي أخيرا، أولهما قضية التلميذة والتلميذ صاحبا القبلة داخل القسم، فعندما قرّرت الإدارة طرد التلميذة تدخلت أطراف عديدة، وقامت بحملة إعلامية ضخمة وممنهجة، للضغط على الرأي العام لتسويق فكرة أن الإدارة التربوية هي المخطئة في قرارها، بل وخرج والد التلميذة من دون أن يرف له رمش يبرّر فعلة ابتنه، وتمّ تحوير النقاش من فعل لا أخلاقي داخل مؤسسة تربوية إلى نقاش قرار الإدارة. وهكذا وبكل بساطة، تم تهريب النقاش وبقي المشكل من دون أن يجد له حلا أيا كان، وما إن بدأت قضية القبلة تدخل في طي النسيان، حتى تفجرت قضية أخرى، وهذه المرة موثقة بالصوت والصورة، تلميذ يعتدي بالضرب على أستاذه أمام قهقهات أصدقائه ومن شاهد مقطع الفيديو ذاك أحسّ بأن التعليم تمت إهانته، وّأن القيم عن احترام الصغير الكبير تم شطبها بجرة كلمات من تلميذ على وجه أستاذه، والأنكى أنّ هناك من خرج يبرّر لتلك الفعلة الشنيعة.
من زرع الحقد في قلب ذلك التلميذ؟ هل هي الآيات القرانية والأحاديث النبوية التي ينادي بعضهم من حذفها من المقرّرات الدراسية؟ من جعل من هذا التلميذ إرهابي بشكل آخر؟ من بخس دم الأستاذ داخل المجتمع حتى أصبح عرضة للتنكيت والتنكيل، هل هي المناهج الدراسية أم التربية الأسرية أم عوامل أخرى؟
في جميع المجتمعات التي تحترم نفسها عندما تقع مشكلة في قطاع معين تتحرّك الأطراف المختصة لإيجاد الحل، حتى لا تتكرر المشكلة. إلا في الدول المتخلفة، فإنه لدينا اختصاصيين في تبرير المشكلات وتصويرها بشكل آخر، بل وربطها بما هو أيديولوجي وغيرها من الشماعات، كما أن لدينا محترفين في تهريب النقاشات.
مشكل التعليم في المغرب، وفي معظم الدول العربية، مرتبط بسياسات الدولة التي لا تتوفر على رؤية واضحة في هذا القطاع، ولم تستطع أن تجد الوصفة السحرية لعلاجه، وذلك إما لأنها لا تريد، أو أنها تريد، ولا تعرف كيف.
التعليم في جميع دول العالم منظومة أو لنقل قطارا، لا يمكن أن تصلح قاطرة و تترك الأخرى، وإلا فإن القاطرة المعطوبة ستعيق مسير القطار، ولا يمكن أيضا أن تفصل قاطرة عن الباقي، إما نصلح القطار بجميع أجزائه أو لا، أما وأن نصبغه ونضعه على السكة فإنه سينقلب في أول منعرج.
لن أتحدث عن السياسات المتتالية التي أوصلت التعليم في المغرب إلى هذه الحالة، فذلك يحتاج صفحات وصفحات، ولكن سأتحدث عن واقعه المرير وعن بعض الأطراف التي تزيد من تعميق جراحه، خصوصاً مع توالي الحوادث التي عرفها في الأيام الأخيرة حيث خلقت نقاشا حادا بين جميع أطراف المجتمع، خصوصا على مواقع التواصل الاجتماعي.
كانت الأسرة ولا زالت اللبنة الأساسية في المسألة التعليمية، لكنها عندما تخلت عن دورها وأصابها الخلل اهتز ركن من أركان المنظومة التعليمية، فقد أصبح التلميذ يخرج من منزله غير مسلح، لا بأخلاق ولا بقيم، ويذهب إلى المدرسة خالي الوفاض، اللهم إلا من ثقافة عنف وانحلال استقاها من شارع، هو الآخر مريض، ومن انفتاح على قنوات فضائية نقلت له قيما مغلوطة، ومن إبحاره في بحر الأنترنت الذي ليس له قرار من دون عدة، فتكوّن لدينا جيل متنمر ومتمرّد على كل شيء، ترسله الأسرة إلى المدرسة، طمعا في أنها ستربيه وتقوم مقامها في ذلك، لكنها واهمة في مطمحها ذلك، فالتلميذ يجب أن يتلقى التربية والأخلاق على يد الأسرة أولا، ثم يأتي بعد ذلك دور المدرسة، وهو ما نلاحظه في بعض المتعلمين الناجحين، حيث أنهم يأتون إلى التعلم وتحقيق أهداف مسبقة، بخلاف من ترسلهم أسر لا يملكون في رصيدهم سوى التسيّب والاعتداء على زملائهم وأساتذتهم.
وخير مثال على ما سبق نجد حدثين مهمين، شغلا الرأي العام المغربي أخيرا، أولهما قضية التلميذة والتلميذ صاحبا القبلة داخل القسم، فعندما قرّرت الإدارة طرد التلميذة تدخلت أطراف عديدة، وقامت بحملة إعلامية ضخمة وممنهجة، للضغط على الرأي العام لتسويق فكرة أن الإدارة التربوية هي المخطئة في قرارها، بل وخرج والد التلميذة من دون أن يرف له رمش يبرّر فعلة ابتنه، وتمّ تحوير النقاش من فعل لا أخلاقي داخل مؤسسة تربوية إلى نقاش قرار الإدارة. وهكذا وبكل بساطة، تم تهريب النقاش وبقي المشكل من دون أن يجد له حلا أيا كان، وما إن بدأت قضية القبلة تدخل في طي النسيان، حتى تفجرت قضية أخرى، وهذه المرة موثقة بالصوت والصورة، تلميذ يعتدي بالضرب على أستاذه أمام قهقهات أصدقائه ومن شاهد مقطع الفيديو ذاك أحسّ بأن التعليم تمت إهانته، وّأن القيم عن احترام الصغير الكبير تم شطبها بجرة كلمات من تلميذ على وجه أستاذه، والأنكى أنّ هناك من خرج يبرّر لتلك الفعلة الشنيعة.
من زرع الحقد في قلب ذلك التلميذ؟ هل هي الآيات القرانية والأحاديث النبوية التي ينادي بعضهم من حذفها من المقرّرات الدراسية؟ من جعل من هذا التلميذ إرهابي بشكل آخر؟ من بخس دم الأستاذ داخل المجتمع حتى أصبح عرضة للتنكيت والتنكيل، هل هي المناهج الدراسية أم التربية الأسرية أم عوامل أخرى؟
في جميع المجتمعات التي تحترم نفسها عندما تقع مشكلة في قطاع معين تتحرّك الأطراف المختصة لإيجاد الحل، حتى لا تتكرر المشكلة. إلا في الدول المتخلفة، فإنه لدينا اختصاصيين في تبرير المشكلات وتصويرها بشكل آخر، بل وربطها بما هو أيديولوجي وغيرها من الشماعات، كما أن لدينا محترفين في تهريب النقاشات.
مشكل التعليم في المغرب، وفي معظم الدول العربية، مرتبط بسياسات الدولة التي لا تتوفر على رؤية واضحة في هذا القطاع، ولم تستطع أن تجد الوصفة السحرية لعلاجه، وذلك إما لأنها لا تريد، أو أنها تريد، ولا تعرف كيف.
مقالات أخرى
28 يناير 2018
29 أكتوبر 2017
07 سبتمبر 2016