19 أكتوبر 2019
عن الثورة.. في عيدنا السابع
ربما لم تكن مصادفة أن تشتعل أغصان سورية بأزهار الثورة السورية في آذار، فأي زمنٍ آخر لم يكن ليكون أنسب منه للبدايات.. كل البدايات، تلك التي لا تكاد تنطفئ وتتعرّى لنظنّها قد جفت، حتى تطلق النسغ كل آذار من جديد.
في عيد ميلادها السابع، تئن الثورة السورية تحت أنقاض بيوت الغوطة الشرقية، ليخرجها رجالها جريحة مدماة، لكنها حيّة.
في عيد ميلاها السابع، تصيح الثورة السورية من داخل معتقلات نظام الأسد، تكزّ على أسنانها الغضة بعد كل اغتصاب، لكنها تمزّق ليل المعتقل بصراخها، لتقول لنا إنها لم تزل حيّة.
في عيد ميلادها السابع، تمسكنا من أنفاسنا، وتشد شعر أحلامنا وتهزّنا بكل قوّتها لنُسقط عن ذاكرتنا الغبار، ونُعيد النظر مرات ومرات قبل أن يتجرأ أحدنا، ويعلّق على روحه، أو حتى على جداره الافتراضي، ورقة نعوتها.
ما يحييه السوريون في آذار منذ 2011 ليس عيداً للثورة بمفهومها الواقعي، حراكا شعبيا جامحا فقط، بل هو عيد لاستعادة تفاصيل أعمق لامستها الثورة، فأعادت صياغتها وخلقها. حيث لم يكن لآذار في "سوريا الأسد" ما قبل الثورة نكهة الحياة، ولا طعم تجددها، بعد أن غيّب النظام الدكتاتوري كل أعياده، وشوّهها عن قصد.
لم يكن يوم الثامن من آذار عيدا للمرأة السورية المسلوبة الحقوق والمهمّشة، كما الرجل السوري، بل كان يوم احتفال بفرض سيطرة الأسد الأب علينا في "ثورة الثامن من آذار"، يتكفّل خلاله "الاتحاد النسائي" بتمزيق مفهوم المرأة الحرة والمستقلة، وترسيخ النموذج الممسوخ والمستلب والمنافق منها.
لم يكن يوم الحادي والعشرين من آذار ليتجرأ على إعلان نفسه عيدا للخصب، أو نيروزا كامل الاشتعال، حيث ينشغل إعلام النظام وأبواقه بحصر الحدث في عيد الأم العربي، ليس رفعا
لقيمة الأم، أو اهتماما بها، بل لحصر الاحتفال بحدث واحد، لا يُسمح لأحد بالاحتفال بغيره.
لم يكن يوم السادس والعشرين من آذار قادرا على الاستمرار بإحياء ذكرى وفاة سلطان باشا الأطرش، قائد الثوة السورية الكبرى عام 1925 والرمز الممثل للوحدة الوطنية والإرادة الشعبية المقاومة للاحتلال، حيث قام نظام الأسد، ضمن سياسته الممنهجة في طمس وتغييب كل الأسماء الوطنية، بل ومحوها من الذاكرة الشعبية، بمنع الاحتفال بهذه المناسبة تحت قوة الرصاص.
لم يصبح لآذار نبض حياة قبل 2011، ولم نعرف، نحن السوريين، معنى الولادة والانبثاق والحقوق والحرية قبل هذا التاريخ.
بعد انطلاق ثورة الحرية في آذار 2011، احتفلنا بها في 15 أو 18 من هذا الشهر، صار لعيد المرأة وقع آخر، أدركته النساء السوريات، عندما أدركن أن لهن أصواتا لم يسمعنها من قبل، وعندما عرفن أنهن قادرات، على الرغم من حجم الموت الهائل الذي يحيط بهن اليوم، على منح الحياة لكل من حولهن في أصعب الظروف، وأشدها تعقيدا.
بعد الثورة، وعلى الرغم من كل اليأس الذي أحدثه، وما يزال، إنكار العالم إبادة الحياة التي يتعرّض لها السوري اليوم، صار الربيع يتفجّر في الواحد والعشرين من آذار، ويتدفق من قلوب السوريين وأغنياتهم علانية، ومن دون أي قيود، وعاد نيروز ليشتعل على قمم أرواحنا التي طاولت السماء، فيطلق للعالم شارة البدء من جديد. وعاد الكردي ليصدح على أنغام بزقه، وبقصائد ترتدي كلماته وتزهو بها.
بعد آذار الثورة، استعاد السوريون تاريخهم، ونفضوا عن أسماء رجالاتهم رماد سنين الأسد، ليستعيدوا وجوههم القديمة الجميلة، ويلقوا عنهم تلك الأقنعة التي يصرّ العالم أن يُلبسهم إياها اليوم، ليراهم شعبا كاملا من الإرهابيين والقتلة، فيبرر لنفسه السماح للأسد بقتلهم جميعا.
لم تكن الثورة وحدها من وُلد في آذار، فقد وُلدنا جميعا من جديد، حين سمعنا أول مرة صراخنا، ونحن نستنشق أنفاس الحرية الأولى.
اليوم، وعناداً بالموت والدمار والمجازر.. وعلى الرغم من سقوط كل شعارات العالم الإنسانية الجوفاء، نحتفل مع الثورة بعيدنا السابع، نحتفل بأنفسنا، بسوريتنا، بانتصارنا على هذا العالم، فقط بأننا لم نمت بعد كما يشتهي. نحتفل بتجدد النسغ فينا، وإطلاقنا عصيانا مفتوحا ضد الظلم والاستبداد.
هذا الـ "آذار" وكل آذار.. سنحتفل بأننا وثورتنا.. أحياء.
في عيد ميلادها السابع، تئن الثورة السورية تحت أنقاض بيوت الغوطة الشرقية، ليخرجها رجالها جريحة مدماة، لكنها حيّة.
في عيد ميلاها السابع، تصيح الثورة السورية من داخل معتقلات نظام الأسد، تكزّ على أسنانها الغضة بعد كل اغتصاب، لكنها تمزّق ليل المعتقل بصراخها، لتقول لنا إنها لم تزل حيّة.
في عيد ميلادها السابع، تمسكنا من أنفاسنا، وتشد شعر أحلامنا وتهزّنا بكل قوّتها لنُسقط عن ذاكرتنا الغبار، ونُعيد النظر مرات ومرات قبل أن يتجرأ أحدنا، ويعلّق على روحه، أو حتى على جداره الافتراضي، ورقة نعوتها.
ما يحييه السوريون في آذار منذ 2011 ليس عيداً للثورة بمفهومها الواقعي، حراكا شعبيا جامحا فقط، بل هو عيد لاستعادة تفاصيل أعمق لامستها الثورة، فأعادت صياغتها وخلقها. حيث لم يكن لآذار في "سوريا الأسد" ما قبل الثورة نكهة الحياة، ولا طعم تجددها، بعد أن غيّب النظام الدكتاتوري كل أعياده، وشوّهها عن قصد.
لم يكن يوم الثامن من آذار عيدا للمرأة السورية المسلوبة الحقوق والمهمّشة، كما الرجل السوري، بل كان يوم احتفال بفرض سيطرة الأسد الأب علينا في "ثورة الثامن من آذار"، يتكفّل خلاله "الاتحاد النسائي" بتمزيق مفهوم المرأة الحرة والمستقلة، وترسيخ النموذج الممسوخ والمستلب والمنافق منها.
لم يكن يوم الحادي والعشرين من آذار ليتجرأ على إعلان نفسه عيدا للخصب، أو نيروزا كامل الاشتعال، حيث ينشغل إعلام النظام وأبواقه بحصر الحدث في عيد الأم العربي، ليس رفعا
لم يكن يوم السادس والعشرين من آذار قادرا على الاستمرار بإحياء ذكرى وفاة سلطان باشا الأطرش، قائد الثوة السورية الكبرى عام 1925 والرمز الممثل للوحدة الوطنية والإرادة الشعبية المقاومة للاحتلال، حيث قام نظام الأسد، ضمن سياسته الممنهجة في طمس وتغييب كل الأسماء الوطنية، بل ومحوها من الذاكرة الشعبية، بمنع الاحتفال بهذه المناسبة تحت قوة الرصاص.
لم يصبح لآذار نبض حياة قبل 2011، ولم نعرف، نحن السوريين، معنى الولادة والانبثاق والحقوق والحرية قبل هذا التاريخ.
بعد انطلاق ثورة الحرية في آذار 2011، احتفلنا بها في 15 أو 18 من هذا الشهر، صار لعيد المرأة وقع آخر، أدركته النساء السوريات، عندما أدركن أن لهن أصواتا لم يسمعنها من قبل، وعندما عرفن أنهن قادرات، على الرغم من حجم الموت الهائل الذي يحيط بهن اليوم، على منح الحياة لكل من حولهن في أصعب الظروف، وأشدها تعقيدا.
بعد الثورة، وعلى الرغم من كل اليأس الذي أحدثه، وما يزال، إنكار العالم إبادة الحياة التي يتعرّض لها السوري اليوم، صار الربيع يتفجّر في الواحد والعشرين من آذار، ويتدفق من قلوب السوريين وأغنياتهم علانية، ومن دون أي قيود، وعاد نيروز ليشتعل على قمم أرواحنا التي طاولت السماء، فيطلق للعالم شارة البدء من جديد. وعاد الكردي ليصدح على أنغام بزقه، وبقصائد ترتدي كلماته وتزهو بها.
بعد آذار الثورة، استعاد السوريون تاريخهم، ونفضوا عن أسماء رجالاتهم رماد سنين الأسد، ليستعيدوا وجوههم القديمة الجميلة، ويلقوا عنهم تلك الأقنعة التي يصرّ العالم أن يُلبسهم إياها اليوم، ليراهم شعبا كاملا من الإرهابيين والقتلة، فيبرر لنفسه السماح للأسد بقتلهم جميعا.
لم تكن الثورة وحدها من وُلد في آذار، فقد وُلدنا جميعا من جديد، حين سمعنا أول مرة صراخنا، ونحن نستنشق أنفاس الحرية الأولى.
اليوم، وعناداً بالموت والدمار والمجازر.. وعلى الرغم من سقوط كل شعارات العالم الإنسانية الجوفاء، نحتفل مع الثورة بعيدنا السابع، نحتفل بأنفسنا، بسوريتنا، بانتصارنا على هذا العالم، فقط بأننا لم نمت بعد كما يشتهي. نحتفل بتجدد النسغ فينا، وإطلاقنا عصيانا مفتوحا ضد الظلم والاستبداد.
هذا الـ "آذار" وكل آذار.. سنحتفل بأننا وثورتنا.. أحياء.