عن ملائكة فلسطين
لم تكن ليلة رأس السنة ليلةً احتفاليةً لعائلة الطفلة ملاك الخطيب (14 عاماً) من قرية بيتين في محافظة رام الله، ففي هذا اليوم عاشت الطفلة أصعب أيام حياتها التي كانت اهتماماتها، حتى ذلك الوقت لا تتعدى اجتياز امتحان اللغة الإنجليزية في الصف الثامن الدراسي، ومشاهدة مسلسلِ سوريٍ يُعرض في الثامنة مساءً.
حكمت محكمة الاحتلال الأربعاء 21/1/2015 على أحلام الطفلة ملاك، بالسجن شهرين مع دفع غرامةٍ تُقدر بـستة آلاف شيكل (يزيد عن 1500 دولار) بتهمة محاولتها طعن جندي، ورشق آخر بالحجارة، وقطع الطريق في اللحظة نفسها التي كانت فيها عائدةً من مدرستها القريبة من الشارع الالتفافي المسمى شارع 60، فحتى تلك اللحظة، لم تكن ملاك تميِّزُ بين العسكر والحرامية.
قد تعتقد ملاك، الآن، في سجن هشارون المحتجزة فيه، أنها محظوظة، لأن حكمها كان أخف من أحكام شبانٍ اعتقلوا على التهمة نفسها، ولأنها اعتقلت بعد تقديمها آخر امتحانٍ في فصلها الدراسي، وليس قبله، في وقت لا تعي فيه كثيراً معنى أن تظل محجوزةً بين أربعة جدران، بعيداً عن عائلتها.
ما الجرم الذي اقترفته الطفلة ملاك الخطيب، لتسجن شهرين، في ظل ظروفٍ لا يتحملها من هم أكبر منها، هل هناكَ ما يسمى الإرهاب غير هذا الحكم، كيف يمكن للحكومة الإسرائيلية أن تضع نفسها في موضعٍ كهذا، من دون أن تحتاج إلى تبرير موقفها أمام أيٍ كان، أم بات ينطبق عليها المثل: إذا لم تستحِ فافعل ما شئت.
على الرغم من أنها تدرس في جامعتي وفي تخصصي، إلا أنني لا أعرف لينا خطاب (18 عاماً) شخصياً، ولا أعرف إن صادفتها مرة على درج الكلية، لكنني تعاطفتُ معها لا شعورياً، عندما أعلن أن قوات الاحتلال اختطفتها قبل شهر ونصف شهر.
محامي الطالبة في جامعة بيرزيت فاجأ الجميع، عندما عاد من زيارتها قائلاً: كنت أتوقع أن أرى فتاةً منهارة، لكنني وجدتُ فتاةً تنتصر على جيش يحيط بها من كل الجوانب، ويحاول هزيمتها نفسياً على الأقل. ولكن، كان هذا ممكناً لو لم يكن الحديث عن لينا خطاب.
يمدّد الاحتلال اعتقال الفتاة أسبوعاً آخر في كل مرة، ويتعمد إطالةِ فترة الحكم عليها، محاولاً نزع ثقتها بنفسها، عاجزاً عن تحقيق ذلك.
يرسخُ جيش الاحتلال، بتصرفاته الأخيرة، قناعة أنه يوجه غضبه ضد أي كان، من دون النظر إلى عمره أو جنسه أو ظروفه، غير مكترثٍ بإرهابه، ما دام لن يكون هناك من يدعو رؤساء العالم إلى السير في مسيرةٍ مليونية، تجوب شوارع رام الله، رفضاً للسياسات الإسرائيلية، تحت عنوان: أنا لينا خطاب وملاك الخطيب.