عيد استقلال واحتلال قائم

يوم الاستقلال، إنه اليوم الذي أعلن فيه الرمز القائد أبو عمار في الجزائر دولة فلسطين عام 1988.
يعتبر هذا اليوم بمثابة يوم تاريخي في حياة القضية الفلسطينية، فكل عام نحتفل بهذا اليوم على الرغم من استمرار الاحتلال الإسرائيلي، لكن الوضع يختلف اليوم، فزيادة على الاحتلال هناك هبة شعبية جماهيرية في القدس ومناطق الضفة الغربية ضد الاحتلال والمستوطنين وممارساتهم الهمجية ضد مقدساتنا وشعبنا.
في ذكرى هذا اليوم، خرج عديدون ممن يوصفون بالنشطاء السياسيين والفيسبوكيين مستهزئين من الاحتفال بعيد الاستقلال، وهم يسألون: ما جدوى هذا اليوم؟ ولماذا نحتفل به ونحن تحت احتلال؟ هؤلاء لم يكونوا موجودين في ذاك الوقت، ولم يعاصروا انتفاضة الحجارة. أرى أنهم حاولون المزاودة على أبو عمار وقراراته.
لكل شخص وجهة نظره، وتحترم جميعها، ولكن، لا يسمح بأن نقلل من رمزنا أبو عمار، ولأن معظم شبابنا اليوم لم يعاصروا هذه الفترة، لا يحق لهم التقليل بهذا الشكل، فلو كان أبو عمار على قيد الحياة لكان أجابنا عن وجهة نظره بهذا الشأن.
لم أكن أيضا بعيدة عن هذا الاستهزاء، لكني أراه من وجهة نظر أخرى، فكل ما حاول أبو عمار فعله وضحى بحياته من أجله أصبح الآن هباء، بسبب اختراق الاحتلال مناطق C التي نص عليها اتفاق أوسلو، وأصبحت كل مناطق الضفة بشقيها الغربي والشرقي مباحة لأقدام جنود الاحتلال وقتما شاءوا.
منذ ليلة عيد الاستقلال، استمرت كلمات ياسر عرفات في الجزائر عن قيام دولة فلسطين ترن في أذني، ومشهد يمر من أمام عيني: الجميع يقف ويصفق ويهلل لفلسطين عالياً. ولكن، خلال قراءتي بعض التعليقات على شبكة التواصل الاجتماعي، والتي تضمنت السخرية من ذلك اليوم، كثرت التساؤلات لدي: لماذا نحتفل بهذا اليوم التاريخي كل عام، ونحن مازلنا تحت وطأة الاحتلال؟ ما هدف أبو عمار في ذاك الوقت من هذا الإعلان لدولة فلسطين، ووقوف الدول العربية آنذاك بصفه وتشجيعه؟
سألت والدي عن هذا اليوم، وكيف كان الاستقبال منهم، فأخذ يسرد لي ظروف القضية وقتها، ومدح أبو عمار، وقال إنه داهية سياسية، ولا أحد يعرف ما يدور برأسه، وأنهم فوجئوا بالإعلان، ولم يشعروا إلا بالفرح العارم، وأخذوا يهتفون لفلسطين ولأبي عمار، وكأنه بالفعل نلنا الاستقلال، وتحررنا من الاحتلال.