لم تترك جمعة الغضب الفلسطينية أي مجال للشك في أن ما تشهده الأراضي الفلسطينية انتفاضة مستمرة بالتوسّع، بعدما انضمت غزة، أمس الجمعة، إلى الانتفاضة مقدمةً ستة شهداء فضلاً عن عشرات الإصابات في مواجهات مباشرة مع جنود الاحتلال، بينما كان الاحتلال ومستوطنوه يزيدون من إجرامهم لمحاولة صد المنتفضين، في مختلف الأراضي الفلسطينية المحتلة، مع تعزيز الجيش الإسرائيلي إجراءاته الأمنية، وانتقال مستوطني الداخل المحتل إلى الانتقام بأيديهم من الفلسطينيين، إذ هاجم مستوطن أمس الجمعة أربعة عمال فلسطينيين في مدينة ديمونا في النقب وقام بطعنهم، وذلك بعدما تعرضت مجموعة من الفلسطينيين من بلدة قلنسوة في المثلث، إلى اعتداءات همجية من المستوطنين أمس الأول.
وبلغ عدد الشهداء الفلسطينيين، أمس الجمعة، سبعة، هم شاب قرب مدينة الخليل، وستة آخرون في غزة، إضافة إلى عشرات المصابين. واستشهد الشاب الفلسطيني محمد الجعبري، أمس الجمعة، برصاص الاحتلال بالقرب من مدخل مستوطنة "كريات أربع" في الجهة الشمالية الشرقية لمدينة الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة. ونفى شهود عيان لصحافيين تواجدوا في المكان أن يكون الشاب الجعبري قد نفذ أي عملية طعن، مشيرين إلى تعمد الاحتلال إعدامه، فيما سلم الاحتلال أمس جثمان الشهيد الفلسطيني أمجد الجندي الذي استشهد قبل يومين برصاص جنود الاحتلال في مستوطنة "كريات جات".
وكان اللافت أمس، امتداد الانتفاضة إلى غزة، عبر سلسلة من المواجهات مع جيش الاحتلال المتحصن على تخوم القطاع المحاصر، شرقاً وشمالاً.
أعنف المواجهات تلك التي شهدها محيط موقع "ناحل عوز" العسكري الإسرائيلي المحصن، شرقي مدينة غزة، حيث التحم الشبان الفلسطينيون العزل مع جنود الاحتلال وأمطروهم بالحجارة، فيما واجه المحتلون الشبان بالرصاص الحيّ والقنابل المسيلة للدموع، وقنابل الغاز. واستفز مشهد رفع شابٍ العلم الفلسطيني على السياج الزائل (الحدود) في "ناحل عوز" الجنود الإسرائيليين، الذين طلبوا تعزيزات من الجيش الإسرائيلي، الذي وصل إلى المكان بأعداد كبيرة وبآليات عسكرية، مستخدماً أيضاً طائرة استطلاع لرصد الموقف من الجو.
وعلى مقربة من معبر بيت حانون شمالي القطاع، انتفض العشرات من الشبان الغاضبين، ورشقوا الحاجز بالحجارة، وأطلق جنود الاحتلال المتمركزين في الحاجز وأبراج المراقبة العسكرية الرصاص الحيّ من رشاش ثقيل تجاه الشبان، وفق شهود عيان تحدثوا لـ"العربي الجديد".
اقرأ أيضاً: عشرات الإصابات برصاص الاحتلال في "جمعة الغضب"
أما شرقي خان يونس، جنوب القطاع، فشهدت الحدود مواجهات متقطعة بين عشرات الشبان وقوات الاحتلال، التي ردت بعنف على حجارة الشباب الثائر، ما أدى لاستشهاد اثنين وإصابة العشرات. وتعمّد جنود الاحتلال المدججين بأنواع مختلفة من الأسلحة، استهداف الشبان الفلسطينيين في مناطق التماس معه، في المناطق العُلوية من الجسم وفي مقتل، وهو ما أدى لرفع عدد الشهداء في غزة إلى خمسة وأكثر من خمس وخمسين إصابة مختلفة، وفق المتحدث باسم وزارة الصحة في القطاع أشرف القدرة.
وطالب القدرة، اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ومنظمة الصحة العالمية، وكافة المنظمات الحقوقية والانسانية الدولية، إلى فضح جرائم الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، بعد تعمّد الاحتلال للقنص المباشر في الرأس والرقبة والصدر، مما يدل على رغبته "الإجرامية" في تصفية المواطنين بشكل مباشر.
وقبل هبّة غزة الجماهيرية ضد مواقع الاحتلال الحدودية، دعا نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، إسماعيل هنية، إلى تعميق روح الانتفاضة والمقاومة، وإلى توفير كل وسائل الدعم والإسناد للشعب الفلسطيني في كل مكان، وخصوصاً القدس والضفة الغربية، وإلى حماية الانتفاضة المتصاعدة من أي محاولة للالتفات عليها.
وأكدّ هنية في خطبة الجمعة، ضرورة حماية الثورة المتجددة من أي مؤامرة تستهدف إعادتها إلى نقاط الصفر بعيداً عن المواجهة مع المحتل، داعياً إلى تصعيد الانتفاضة في وجه الاحتلال. وشدد على أنّ المفاوضات مع الاحتلال انتهت بقرار أميركي صهيوني و"يجب أن يكون قرار فلسطيني بوقف المفاوضات ووقف التنسيق الأمني مع العدو واحتضان الشعب والمقاومة".
وطالب هنية الأمتين العربية والإسلامية، على الرغم مما تعيشه من ظروف وآلام وجراح، ألا تنسى معركة القدس والأقصى، ولا تتخلى عن مسؤولياتها. وأشار إلى أنّ الشعب الفلسطيني الذي انتفض منذ عام 1987 (انتفاضة الحجارة)، واستمر في المواجهة موجة وراء موجة، وانتفاضة وراء انتفاضة، وثورة وراء ثورة، له مطلب وحيد، وهو تحرير الأرض والقدس والأسرى من المحتلين المغتصبين، وعودة المشردين الذين يعيشون في المنافي والشتات منذ أكثر من 65 عاماً.
اقرأ أيضاً: القدس تخرج عن سيطرة الاحتلال