تتواصل الانتهاكات الإسرائيليّة وخروقات اتفاق وقف إطلاق النار، الموقّع برعاية مصريّة في السادس والعشرين من شهر أغسطس/ آب الماضي، مع رصد منظمة حقوقيّة دوليّة 162 خرقاً إسرائيلياً للاتفاق، بعد أربعة أشهر على بدء تطبيقه.
وفيما أنهى الاتفاق 51 يوماً من العدوان على غزة، بعد أن استباحت إسرائيل القطاع ودمّرت أحياءً بأكملها، تبدو غزّة اليوم، في ظل تزايد الانتهاكات وتأخّر إعادة الاعمار واستمرار التضييق والحصار، وكأنّها مقبلة على انفجار جديد، تحذّر منه الفصائل والقوى الفلسطينية مراراً.
ولا تفضّل الفصائل مواجهة عسكريّة جديدة، في ظلّ صعوبة الأوضاع المعيشيّة، إلا أنّها لا تحتمل مزيداً من التعطيل والتأخير في الإعمار، واستمرار الحصار والتضييق المفروضين على القطاع، الذي يقطنه نحو مليوني إنسان، وهو ما يضعها أمام خيارات صعبة.
واتفقت الفصائل الفلسطينيّة قبل ايام، وفق معلومات "العربي الجديد"، على "رصد الانتهاكات الإسرائيليّة وإرسال مذكرة إلى السلطات المصرية، التي رعت اتفاق وقف إطلاق النار، وذلك في مسعى لدفع مصر إلى التدخّل وإلزام الاحتلال بوقف عدوانه على القطاع، تمهيداً لنزع فتيل الأزمة المتصاعدة".
وتنوي الفصائل، في المذكرة التي يجري تجهيزها حالياً، الدعوة إلى استئناف مفاوضات وقف إطلاق النار غير المباشرة برعاية مصريّة، بعد تعطّلها لشهرين، نتيجة الأحداث الأمنية في سيناء، والتي أجلت جلسة مفاوضات كان من المفترض أنّ تبدأ قبل شهرين.
وتوثّق "الفدراليّة الدوليّة للحقوق والتنمية"، وهي منظمة أوروبيّة تتخذ من روما مقراً لها، 162 خرقاً إسرائيلياً لتفاهمات وقف إطلاق النار، منذ توقيع الاتفاق قبل أربعة أشهر. وكانت معظم الانتهاكات وقعت بحق صيادين فلسطينيين في عرض بحر القطاع، وضمن الأميال البحرية الستة التي سُمح بالصيد فيها.
وترصد المنظمة الحقوقية، في تقريرها 108 انتهاكات من أصل 162 انتهاكاً، بحقّ الصيادين الفلسطينيين، أدّت 53 حادثة منها إلى اصابة 11 صياداً، فيما تتوزّع الحوادث الأخرى على 9 حوادث مطاردة للقوارب، أدت إلى اعتقال 31 صياداً في عرض البحر، و16 حادثة احتجاز ومصادرة لقوارب الصيادين، فيما بلغ عدد حوادث إغراق وتدمير وإحراق القوارب 12 حادثة. وبلغت حوادث منع الصيادين من الإبحار 7 حوادث. كما توثّق المنظمة 8 حوادث لعمليات تجريف وتوغّل للآليات العسكريّة الإسرائيليّة في أراضي المواطنين، تركزت معظمها شرقي مدينة خان يونس، بالإضافة إلى توثيقها 29 حادثة إطلاق نار على المزارعين والأراضي الزراعية، خصوصاً في شمال القطاع، أدت إلى إصابة مُزارِعَين.
وأطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي النار على المواطنين على حدود قطاع غزة، ما أدّى إلى إصابة مواطنين، كما أطلقت النار على صيادي الطيور، شمالي القطاع، ما أدى إلى اصابة صياد واحد بجروح متوسطة، بالإضافة إلى حادثتي قتل على الحدود الشرقيّة للقطاع.
في المقابل، وثقت المنظمة حادثتي إطلاق صواريخ من قطاع غزة على البلدات الإسرائيلية، وحادثة إصابة جندي إسرائيلي على الحدود الشرقية لقطاع غزة، حيث قالت مصادر إسرائيلية إنّه أصيب بعد أن أطلق قناص فلسطيني النار عليه على السياج الأمني شرقي خان يونس.
من جهته، يؤكّد القيادي في حركة "حماس"، صلاح البردويل لـ"العربي الجديد"، أنّ "تفاهمات وقف إطلاق النار وُقّعت على أساس أن يكفّ العدوان، وأنّ يتمّ الاعمار بسرعة، وأن تفتح المعابر ويُرفع الحصار وتُفعل اتفاقية 2012، ثم تُناقش ملفات الميناء والمطار".
ويؤكّد البردويل أنّه "لو كان لدى العدو الصهيوني إصرار على نقض الاتفاق ولو بشكل جزئي بين الفينة والأخرى، كمادة انتخابية داخليّة، أو للاستقواء على الفلسطينيين، فإنّ ذلك لن يمر، وستكون له المقاومة في غزة بالمرصاد".
ويلفت البردويل إلى أنّ "الفصائل ستضع الجانب المصري عند مسؤولياته لإلزام الاحتلال بالاتفاق"، محذراً من أنّه "إذا كان الاحتلال يختبر قوّة وصمود المقاومة، فإنهم سيفاجأون بأن لا حدود لصمود المقاومة وصلابتها، وأنّ أيّ تصعيد، سيكون العدو الصهيوني أول المحروقين بنيرانه".