فاطمة الصغير... بائعة الملوخية في برج البراجنة

20 سبتمبر 2018
لا بدّ من الاستفادة من الموسم قبل انتهائه(العربي الجديد)
+ الخط -

"الحمد لله، أنا وزوجي مستوران". لا العمر يمنع فاطمة من العمل، ولا مرض السكري الذي يمنعها من الوقوف على رجلَيها


قريباً ينتهي موسم الملوخيّة في لبنان. لذا تحاول فاطمة الاستفادة قدر الإمكان من المحصول الذي يكاد أن ينفد. هناك، أمام منزلها في مخيّم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين في العاصمة اللبنانية، بيروت، تراها جالسة وهي تورّق عيدان الملوخيّة الخضراء تحضيراً لبيعها. من خلالها، تكسب رزقها.

فاطمة نمر محمود الصغير في الواحدة والسبعين من عمرها اليوم، وقد وصلت إلى لبنان مع أهلها عندما كانت تبلغ عامها الأوّل. لا تذكر ذلك بالتأكيد، لكنّها تخبر بأنّها تهجّرت من الصفصاف، بلدتها الفلسطينية، في خلال نكبة 1948، مؤكّدة أنّ سنوات عمرها كلها قضتها "في شقاء وتعب". وفي مخيّم برج البراجنة، تزوجت فاطمة من رجل تعود أصوله إلى بلدة ترشيحا، ورزقا بولدَين. لكنّها اليوم تجد نفسها مضطرة إلى كسب رزقها بنفسها. ابناها بالكاد يستطيعان تأمين مصاريف عائلتَيهما، في حين أنّ زوجها مصاب بمرض عضال وهو قعيد الفراش. وتشير إلى أنّهما يحتاجان إلى "مدخول مادي يؤمّن لنا احتياجاتنا الأساسية"، مؤكدة أنّها لا ترغب في الاعتماد على أحد.

مستندة إلى حفيدتها وعصاها، تتوجّه فاطمة يومياً إلى المكان حيث وضعت كرسيها، وترخي عليه جسدها المتعب، قبل أن تبدأ بعملها. تقول: "كبرت في السنّ، ولم أعد أقوى على العمل، لكنّني مضطرة إلى ذلك. وأبيع الملوخيّة جاهزة، وكذلك أبيع الزعتر (الصعتر) والفلفل الحار المطحون. وبحسب الطلب، أعدّ معجنات وورق عريش (ورق العنب) وحلويات مختلفة، بالإضافة إلى حفر الكوسا". لكنّها تلفت إلى أنّ "الأجر الذي أتقاضاه لقاء عملي زهيد بالمقارنة مع ما تتقاضاه نساء أخريات يعملنَ في خارج المخيم"، مؤكدة أنّ "الوضع المعيشي في المخيم سيئ جداً ولا يحتمل رفع الأسعار". وتشير إلى أنّ "الضائقة المالية تطاول كلّ سكان المخيم، إذ إنّ الشباب بمعظمهم لا يعملون بسبب عدم توفّر فرص عمل لهم".




وفاطمة معتادة على العمل، وتقول: "أنا أعمل مذ كنت شابة. كنت أبيع الملابس في منزلنا، لكنّ الأمر لم يكن مجدياً، إذ إنّ المنزل كان صغيراً. هكذا، تحوّلت إلى العمل في الطبخ". اليوم، في المكان الذي اختارته في حارتها في المخيّم، تجلس فاطمة لتنضمّ إليها جاراتها ويساعدنها في عملها. وتردّد: "الحمد لله، أنا وزوجي مستوران" وهي تبتسم ابتسامة عريضة.

لا العمر يمنع فاطمة من العمل، ولا مرض السكري الذي يمنعها من الوقوف على رجلَيها. وتصرّ على عدم الاتكال على أيّ كان. هي ترفض استجداء الناس ومدّ يدها إليهم.