إثر عارض صحي ألم به فجأة؛ رحل في بنغازي ليلة أمس، الفنان والكاتب الليبي فتحي العريبي (1942 - 2015).
بدأ العريبي مشواره الفوتوغرافي والفني منتصف ستينيات القرن الماضي، كمصور صحافي في جريدة "الحقيقة" في بنغازي، ومجلتيّ "الإذاعة" و"ليبيا الحديثة" في طرابلس، وانتقل بعدها إلى التصوير السينمائي للأفلام الإخبارية والتسجيلية. وحين افتُتح التلفزيون الليبي في كانون الأول/ ديسمبر عام 1968، أسس فيه قسم "التصوير السينمائي والمعامل الفنية وغرف التوليف" وأُسندت إليه إدارته.
العريبي الذي ارتبط بطائر الحمام وأولاه اهتماماً خاصاً، كان خصص في عام 1990، قسماً من بيته كمعرض وصالون أدبي وفني، أطلق عليه "عش الحمامة"، إذ كان مسرحاً للعديد من الأنشطة التي استضافت فنانين وأدباء ليبيين ومن العالم العربي. وكان "العش" بمثابة متحف، يحتوي على صور فوتوغرافية نادرة، وألبومات تغطي مراحل زمنية مختلفة، وأسطوانات موسيقية نادرة.
كان الراحل من المصورين الذين يخرجون إلى الشارع، ويلتقطون صوراً لتفاصيل الحياة اليومية في ليبيا، غير مكترث بظروف المناخ أو الأمن، فغالباً ما تراه يضع مقطفاً على ظهره، يحمل أدواته مترصداً أي حركة تثيره، متنقلاً من مكان إلى آخر، فناناً متجولاً، يختزل الحياة في صورة.
جمع العريبي أرشيفاً فنياً كبيراً لليبيا، وصوراً وتسجيلات نادرة لبعض الكتاب الراحلين، كالصادق النيهوم وغيره. كما أقام سلسلة من معارض التصوير يزيد عددها عن 60 معرضاً، داخل ليبيا وخارجها.
الصادق النيهوم في لقطة للعريبي |
أصدر العريبي عدة كتب تتعلق بفن التصوير، منها "المتفرج الوحيد" و"الدليل إلى فن الصورة والتشكيل" و"دليل أجهزة التصوير الضوئي" و"تاريخ التصوير الصحفي في ساحات القتال". وكتاب يتناول القضية الفلسطينية، موجه للفتيان والفتيات بعنوان "البعد الثاني للقضية".
من الصعب الإحاطة بكل نشاطات الفنان الراحل، إذ كانت لديه أيضاً نشاطات عديدة في مجال إنتاج الأشرطة السينمائية القصيرة، كذلك صورَ وأخرجَ العديد من المسلسلات والبرامج التلفزيونية، إضافة إلى مقالاته في الصحف المحلية والعربية.
رحل العريبي وبنغازي تعيش طروفاً أمنية وسياسية صعبة، وحيّ "الصابري" الذي وُلد فيه، باتَ مدمراً ومحاصراً.