دفع شغف الشاب الفلسطيني هيثم الحفني (31 عاماً) ورغبته في متابعة الظواهر الفلكية المختلفة إلى صناعة تلسكوب محلي، بعد سلسلة من التجارب والمحاولات التي امتدّت على مدار سنوات، لتتكلل بالنجاح أخيراً.
وبدأت رحلة الحفني قبل 20 عاماً، حينما كان في المرحلة الابتدائية، إذْ كان يهتم بالجوانب العلمية الموجودة في المنهاج الدراسي، ويحاول أن يخترع ويبتكر الأشياء بنفسه، عبر تجارب يقوم بها بنفسه. وتمكن الشاب من صناعة أول ميكروسكوب في السنة السادسة من دراسته في المرحلة الابتدائية، بعد تجربة قام بها المدرس في مادة العلوم العامة عن استخدام الميكروسكوب. وبعد عمل التجربة، أخذ الطلاب واحداً تلو الآخر برؤيتها، فانتهت الحصة من دون أن يتمكن من أخذ دوره، ليقرر صناعة ميكروسكوب بنفسه بإمكانات بسيطة.
وتطورت رحلة الحفني خلال المرحلة الإعدادية، إذ تمكن من صناعة أول جهاز "بروجكتور" (جهاز عرض الصور الفوتوغرافية الملونة على الحائط)، إلى جانب صناعة أول تليسكوب بسيط. وبعدها أخذ يتطور، فكانت المرة الأولى التي شاهد فيها أقماراً صناعية لحظة الغروب، وبعضاً من كواكب المجموعة الشمسية.
ويقول الحفني لـ"العربي الجديد" إنه على مدار سنوات طور جميع الابتكارات والأجهزة التي صنعها فردياً، معتمداً على ذاته وعلى التجارب التي يقوم بها للوصول إلى أفضل نتيجة تمكنه من صناعة جهاز يرصد الظواهر الفلكية. ومطلع العام الحالي، أنهى الشاب صناعة النسخة الأخيرة من تلسكوبه، بعد أن وضع كافة الإمكانات المتاحة والمتوفرة بين يديه فيه، ليرصد الظواهر الفلكية ويشاهد الشمس والقمر وبعضاً من الكواكب.
وأسهم هذا التلسكوب في زيادة رغبة المتابعين للحفني في تنظيم رحلات أو مخيمات لرصد الظواهر الفلكية من خلال الجهاز، كون القطاع يفتقر إلى مثلها نتيجة لمنع الاحتلال الإسرائيلي إدخالها بفعل الحصار.
واعتمد الشاب الفلسطيني على معدات وأدوات بسيطة بديلة متوفرة في القطاع، في ظل عدم توفر كثير من القطع والمواد اللازمة في غزة. وكانت أبرز الصعوبات التي اعترضت الشاب الفلسطيني خلال عمله على صناعة التلسكوب هي عدم توفُّر العدسات اللازمة، وصعوبة إدخالها إلى القطاع، واضطراره إلى تصنيع بعض منها محلياً من أجل إنجاز مشروعه. وتحمل الحفني التكلفة المالية لصناعة التلسكوب التي تجاوزت مبلغ 1000 دولار أميركي من أجل الخروج بشكله النهائي، إذْ يعتبر أن ما قام به هو إنجازٌ توّج التجارب والمحاولات التي قام بها على مدار 20 عاماً.
ومن بين ما رصده الشاب من خلال جهازه بعد أن طوره أخيراً القمر والشمس لحظات الشروق والغروب، إلى جانب رصد عبور محطة الفضاء الدولية، عدا عن مشاهدة بعض الكواكب، مثل المريخ والمشتري والزهرة وعطارد. ولا ينكر الحفني وجود زيادة في الاهتمام لدى الأجيال الناشئة والشابة في ما يتعلق بالجانب الفلكي، إذْ شهدت الآونة الأخيرة تنظيم العديد من المخيمات والأحداث التي جرى خلالها رصد جوانبٍ من الأحداث الفلكية التي تشهدها المجموعة الشمسية. ويطمح الشاب الفلسطيني إلى أن تمتلك فلسطين وقطاع غزة مرصداً فلكياً خاصاً بها يمكنها من رصد الأحداث الفلكية كافة، وأن تكون هناك بصمة عربية وإسلامية في مجال الفلك.