02 نوفمبر 2024
فلسطين المحتلّة
قد يكون الضجيج السياسي والإعلامي المتصاعد في الشرق الأوسط جزءاً أساسياً من وسائل إبعاد القضية الفلسطينية عن الواجهة، قضية فلسطين المحتلّة التي باتت في مراحلها الأخيرة في "صفقة القرن"، في حال تطبيق هذه الصفقة. قضية تحيا على وقع انتفاضات شعبية من أسبوع إلى أسبوع في الضفة الغربية وقطاع غزة، في ظلّ تخلّي كثيرين عنها، ورفض كثيرين التجاوب مع أحقيتها.
القضية الفلسطينية، قضية فلسطين المحتلّة، ليست سوى جزء من تاريخنا وذاكرتنا الجماعية. كل شيء تمحور ويتمحور حولها. يريد بعضهم استغلالها من أجل قضية خاصة بعيدة عنها، لكنه سمح لنفسه التكلّم باسمها، وسعى آخرون إلى إنهائها، لأنه إذا كان الحق يضيء زاوية ما من عالم مظلم، فإنه سيضيء العالم كله لاحقاً، فلا بدّ من إطفاء نور الحق نهائياً من أجل سيادة عالم أكثر ظلماً.
لم تسقط قضية بمرور الزمن، إذا ظلّ رافعو بيارقها يؤجّجونها بمقاومتهم. اسألوا جنوب أفريقيا، اسألوا الفييتناميين، اسألوا دول الكتلة الشرقية في أوروبا التي رغبت بالانعتاق من السوفييت، اسألوا دويلات البلقان، اسألوا كل من حمل علم المقاومة من أجل استرداد حقه. القضية الفلسطينية هكذا. شعبها يقاوم ولو بالحدّ الأدنى، من أجل إبقاء الإنسانية على قيد الحياة. إذا سقطت هذه القضية ستسقط غيرها، في لبنان وسورية والعراق والخليج وشمال أفريقيا وغيرها. كل إنسان مضطهد سيسقط إذا سقطت القضية الفلسطينية. ما يعني زوال مفاهيم العدالة والإنسانية والحياة الاجتماعية التفاعلية. الحلول السياسية تفصيل أمام الإنسان، أما العدالة فليست تفصيلاً، بل هدف لمسارٍ بشري طويل، مكثف في بعض جوانبه، وضئيل في جوانب أخرى. مكثّف في صورة دول اتخذت من الإنسان الصورة الأسمى لها، وضئيلٌ في بلاد اتخذت من كل شيء صورةً أسمى لها، إلا الإنسان، لا بل على حسابه. مع أن الهدف النهائي هو سيادة الإنسان وحقه في العالم.
هذا في المثالية المطلقة، لكن في الواقعية المباشرة، إن زوال مفهوم "فلسطين المحتلّة" يعني زوال حق العودة لفلسطينيي الشتات، ويعني سقوط حقوق الفلسطينيين بصفتهم لاجئين في العالم، ويعني سقوط كل أنواع المساعدات، الضئيلة حتى، وترك الملايين أمام مصير مجهول، بما يؤدي إلى تصادمهم مع الدول المُضيفة، سواء في الشرق الأوسط أو في مختلف أصقاع العالم. لا يمكن، بواقعيةٍ مطلقة أيضاً، السماح بسقوط مفهوم فلسطين المحتلة، كي لا تسقط حقوق أهلها أولاً، وشعبها المنتشر ثانياً. وفي الواقعية أيضاً، إن عدم السماح بحلّ عادل للقضية الفلسطينية سيؤدي إلى زعزعة ما تبقى من عدالةٍ في الشرق الأوسط، خصوصاً في سورية.
الصورة النمطية للقضية الفلسطينية لا يجب أن تسقط، صورة شبّان يحملون الحجارة ويرشقونها باتجاه المحتل الإسرائيلي، ثم يسقطون شهداءً أو جرحى، هي صورة مزعجة للمحتل أكثر مما هي مؤلمة لذواتنا. لأجل هؤلاء، على القضية أن تبقى حيّة. صحيحٌ أن الزمن الحالي غير مثالي والأفق مسدود، لكن التاريخ عجلة دائمة، لا تتوقف. لا نهاية في التاريخ، بل حتمية أحياناً، حتمية "اللانهاية"، وحتمية انتصار الإرادات.
في الواقعية أيضاً، لن يحرّر فلسطين سوى أهلها، لا أحد غيرهم. الجميع وعد والجميع لم ولن ينفّذ. قلّة تصرّفوا بشكل فردي، إيماناً منهم بحق الإنسان، المتجلّي في عدالة القضية الفلسطينية من أجل نصرتها، لكن الأكثرية تسلقوها طمعاً بالربح السريع سياسياً. في الواقعية أيضاً إسقاط الدين على القضية الفلسطينية سبب إضافي لإضعافها ونخرها، فيما الحلّ الأمثل إسباغ الطابع الإنساني القادر على عبور الأديان والمذاهب المتعدّدة.
ليست فلسطين المحتلّة مجرد عبارة تاريخية من كلمتين، بل حكاية قضيةٍ لا تستحقّ أن تموت، بل تستحق أن تتحوّل إلى رمز صمود إنساني لمجموعة من البشر أمام آلةٍ عسكريةٍ جعلت العالم في جعبتها، عدا بضعة مقاومين يقفون كالحلم في مواجهة الكابوس.
القضية الفلسطينية، قضية فلسطين المحتلّة، ليست سوى جزء من تاريخنا وذاكرتنا الجماعية. كل شيء تمحور ويتمحور حولها. يريد بعضهم استغلالها من أجل قضية خاصة بعيدة عنها، لكنه سمح لنفسه التكلّم باسمها، وسعى آخرون إلى إنهائها، لأنه إذا كان الحق يضيء زاوية ما من عالم مظلم، فإنه سيضيء العالم كله لاحقاً، فلا بدّ من إطفاء نور الحق نهائياً من أجل سيادة عالم أكثر ظلماً.
لم تسقط قضية بمرور الزمن، إذا ظلّ رافعو بيارقها يؤجّجونها بمقاومتهم. اسألوا جنوب أفريقيا، اسألوا الفييتناميين، اسألوا دول الكتلة الشرقية في أوروبا التي رغبت بالانعتاق من السوفييت، اسألوا دويلات البلقان، اسألوا كل من حمل علم المقاومة من أجل استرداد حقه. القضية الفلسطينية هكذا. شعبها يقاوم ولو بالحدّ الأدنى، من أجل إبقاء الإنسانية على قيد الحياة. إذا سقطت هذه القضية ستسقط غيرها، في لبنان وسورية والعراق والخليج وشمال أفريقيا وغيرها. كل إنسان مضطهد سيسقط إذا سقطت القضية الفلسطينية. ما يعني زوال مفاهيم العدالة والإنسانية والحياة الاجتماعية التفاعلية. الحلول السياسية تفصيل أمام الإنسان، أما العدالة فليست تفصيلاً، بل هدف لمسارٍ بشري طويل، مكثف في بعض جوانبه، وضئيل في جوانب أخرى. مكثّف في صورة دول اتخذت من الإنسان الصورة الأسمى لها، وضئيلٌ في بلاد اتخذت من كل شيء صورةً أسمى لها، إلا الإنسان، لا بل على حسابه. مع أن الهدف النهائي هو سيادة الإنسان وحقه في العالم.
هذا في المثالية المطلقة، لكن في الواقعية المباشرة، إن زوال مفهوم "فلسطين المحتلّة" يعني زوال حق العودة لفلسطينيي الشتات، ويعني سقوط حقوق الفلسطينيين بصفتهم لاجئين في العالم، ويعني سقوط كل أنواع المساعدات، الضئيلة حتى، وترك الملايين أمام مصير مجهول، بما يؤدي إلى تصادمهم مع الدول المُضيفة، سواء في الشرق الأوسط أو في مختلف أصقاع العالم. لا يمكن، بواقعيةٍ مطلقة أيضاً، السماح بسقوط مفهوم فلسطين المحتلة، كي لا تسقط حقوق أهلها أولاً، وشعبها المنتشر ثانياً. وفي الواقعية أيضاً، إن عدم السماح بحلّ عادل للقضية الفلسطينية سيؤدي إلى زعزعة ما تبقى من عدالةٍ في الشرق الأوسط، خصوصاً في سورية.
الصورة النمطية للقضية الفلسطينية لا يجب أن تسقط، صورة شبّان يحملون الحجارة ويرشقونها باتجاه المحتل الإسرائيلي، ثم يسقطون شهداءً أو جرحى، هي صورة مزعجة للمحتل أكثر مما هي مؤلمة لذواتنا. لأجل هؤلاء، على القضية أن تبقى حيّة. صحيحٌ أن الزمن الحالي غير مثالي والأفق مسدود، لكن التاريخ عجلة دائمة، لا تتوقف. لا نهاية في التاريخ، بل حتمية أحياناً، حتمية "اللانهاية"، وحتمية انتصار الإرادات.
في الواقعية أيضاً، لن يحرّر فلسطين سوى أهلها، لا أحد غيرهم. الجميع وعد والجميع لم ولن ينفّذ. قلّة تصرّفوا بشكل فردي، إيماناً منهم بحق الإنسان، المتجلّي في عدالة القضية الفلسطينية من أجل نصرتها، لكن الأكثرية تسلقوها طمعاً بالربح السريع سياسياً. في الواقعية أيضاً إسقاط الدين على القضية الفلسطينية سبب إضافي لإضعافها ونخرها، فيما الحلّ الأمثل إسباغ الطابع الإنساني القادر على عبور الأديان والمذاهب المتعدّدة.
ليست فلسطين المحتلّة مجرد عبارة تاريخية من كلمتين، بل حكاية قضيةٍ لا تستحقّ أن تموت، بل تستحق أن تتحوّل إلى رمز صمود إنساني لمجموعة من البشر أمام آلةٍ عسكريةٍ جعلت العالم في جعبتها، عدا بضعة مقاومين يقفون كالحلم في مواجهة الكابوس.