فوضى التجميل تهدّد صحة التونسيين

20 يناير 2020
حقن الجلد بحمض الهيالورونيك (Getty)
+ الخط -
مع انتشار عمليات التجميل في تونس، تكثر الحاجة إلى تنظيم قطاع التجميل بسبب كثرة "الدخلاء"، ما يهدّد صحة المواطنين

يُساهم نقص التشريعات المتعلقة بطب التجميل في زيادة نسبة الفوضى التي بدأت تؤثّر بهذا القطاع، على الرغم من جهود الهيئة الوطنية للاختصاصات الطبية في السعي إلى تنظيم طب التجميل وحمايته من الدخلاء الذين يعلنون خدماتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، على غرار "إنستغرام" و"فيسبوك"، مستغلّين ميل الناس إلى تحسين مظهرهم بأقل كلفة ممكنة.

وخلال السنوات الأخيرة، شهد طب التجميل في تونس رواجاً كبيراً، سواء أكان يمارَس بطريقة شرعية أم غير شرعية، في ظل غياب نصوص قانونية واضحة تحدّد شروط ممارسة المهنة.
وعلى شبكات التواصل الاجتماعي، تكثر الإعلانات المتعلقة بعالم الجمال والتجميل، وقدرة أصحابها على تحقيق أحلام كثيرين بالنحافة والنفخ والشفط، فضلاً عن البوتوكس ومقاومة التجاعيد وغيرها. وتتحدّث الهيئة الوطنية للاختصاصات الطبية عن فوضى تضرب القطاع وتهدّد صحّة المواطنين، نتيجة غياب نص قانوني واضح يضع هذا التخصص ضمن أطر تشريعية واضحة.




وقبل عام 2004، كانت وزارة الصحة تشترط ضرورة حصول أطباء التجميل على شهادات الكفاءة، كذلك فإن كلية الطب تتيح الدراسات العليا في هذا التخصص. إلا أن إلغاء الأمر الوزاري منذ ذلك التاريخ شرّع الباب للفوضى بحسب نزيه الزغل، عضو الهيئة الوطنية للاختصاصات الطبية. ويؤكد لـ"العربي الجديد" أن البعض لا يملكون شهادات طبية ويمارسون المهنة مستغلين غياب التشريعات، واصفاً الأمر بـ"الخطير". ويوضح أن عمادة الأطباء هي الطرف الرسمي المخوّل منح شهادات الكفاءة لممارسة طب التجميل وفق التشريعات المعمول بها قبل تعليق القرار الوزاري عام 2004. يضيف: "ما بين 10 و11 طبيباً فقط يملكون شهادة الكفاءة، فيما يمارس أكثر من 100 شخص طب التجميل بعد تلقيهم تكويناً في أكاديميات ومعاهد متخصصة في فرنسا أو غيرها من الدول الأجنبية".

يضيف الزغل: "نحن في الهيئة الوطنية للأطباء التونسيين نسعى للتصدي للتجاوزات في القطاع، لأن ذلك يؤثّر بسمعة الطبيب التونسي وصحة المواطنين". ويؤكد أن مجلس الهيئة طلب من وزارة الصحة تفعيل التشريعات المنظمة لتخصص التجميل أو سَنّ أخرى جديدة تتماشى مع تطور هذا المجال.

يهتم ببشرته (فتحي بلعيد/ فرانس برس)












وفي السياق نفسه، يقول الزغل إن مجلس الهيئة سبق أن أحال أطباء على المجلس التأديبي، واتخذ بشأنهم إجراءات، منها تعليق عملهم بسبب تورطهم في تدريب عاملين في صالونات حلاقة على حقن "البوتوكس" و"الفيلر" اللذين يجدان إقبالاً كبيراً من الناس. ويشدد على "ضرورة حماية أنفسنا من الدخلاء والتأكد من حصول الأطباء على شهادة الكفاءة الطبية في التخصص، ونوعية المواد المحقونة"، مؤكداً أن وزارة الصحة تضع قائمة بالأدوية المعتمدة والمصادق عليها. يضيف أن الإعلانات والأسعار المغرية توقع "المستهلكين" في فخّ المتطفلين على المهنة والحقن بمواد مهربة غير مطابقة للمواصفات.

وتشهد تونس أكثر من 150 ألف عملية تجميل سنوياً، منها عمليات شفط الدهون، وتقويم الأنف، وانتشرت في السنوات الأخيرة عمليات شد الصدر والبطن والرقبة والوجنتين والجفون وتقويم الأسنان وزراعة الشعر.

وتحتل تونس المرتبة الثانية أفريقياً في مجال جراحة التجميل بعد جنوب أفريقيا، وتستقطب أعداداً كبيرة من الأوروبيين الذين يزورون البلاد في إطار ما بات يُسمى "السياحة التجميلية". وتُطالب النقابة التونسية لطب التجميل بتنظيم المهنة. وتؤكّد رئيسة النقابة التونسية لطب التجميل، سامية قرباع، ضرورة الاعتراف بطب التجميل من أجل الحفاظ على مكاسب المهنة وضمان حقوق أطباء التجميل بالتصدي للممارسة غير القانونية للمهنة في المؤسسات غير الطبية. تضيف: "يجب وضع إطار قانوني لممارسة طب التجميل في تونس، الذي أصبح أمراً بالغ الأهمية، في ظل الصعوبات التي انعكست سلباً على القطاع وأثّرت بمكانته"، داعية في المقابل إلى "تسهيل عمل أطباء التجميل، وخصوصاً من خلال استيراد المواد الطبية".




وفي الوقت الذي لا يتجاوز فيه عدد الأطباء المتخصصين في طب التجميل المائة في تونس، فإنّ عدد الأطباء الذين يمارسون هذه المهنة يبلغ 300 طبيب من غير الحاصلين على شهادة، بحسب قرباع. وتشير إلى أهمية ضمان التكوين المستمر للمهنيين من أجل تمكينهم من الاطلاع على أهم المستجدات في القطاع وتحسين جودة خدماتهم. ويقول المدير العام للتفقدية الطبية في وزارة الصحة، نوفل السمراني، لـ"العربي الجديد": "لم تصل إلى الوزارة شكاوى من متضررين من عمليات تجميل أو حقن البوتوكس أو غيرها"، مشيراً إلى أن "الغش أو الأخطاء الطبية غالباً ما تحال على الدوائر القضائية للبت فيها، طبقاً لأحكام المجلة الجزائية".