قليلةٌ هي الإصدارات التي تهتمُّ بمعاناة الإنسان العادي، في خضم الصراعات الكُبرى، ومنها الحرب الدمويّة في سورية الآن.
لأجل إنجاز كتابه "عن البحر: مع السوريين في رحلة هربهم إلى أوروبا"، سافر الصحافي الألماني فولفغانغ باور مع المصوّر التشيكي ستانيسلوف كروبار إلى مصر، كي تكون كتابة التجربة مباشرة وحيّة، ورافقا رحلة خروج مجموعة من السوريين من مصر إلى الشواطئ الليبيّة (بعد استيلاء العسكر على السلطة، ساءت أوضاع السوريين في مصر)، في محاولتهم لعبور المتوسط للوصول إلى إيطاليا.
فَضَّل كل من الصحافي والمصوّر الاندماج بشكل مباشر في الحدث، وخوض الرحلة بأجسادهم، وطبعاً دون الكشف عن هويتهم.
يسهب الكتاب الذي يجمع بين السرد الأدبي والتوثيق الواقعي في وصف تفاصيل "رحلة الخروجِ السوريّ الكبير"، من المحادثات الطويلة مع المهرّبين، والمفاوضات مع تجّار البشر، إلى حوادث الاعتداء والضرب والسرقة، إلى تغلّب النوازع الأنانية الجشعة على النوازع الإنسانية العامة، في لحظات التهديد الوجودي.
تتعرّض مجموعة التهريب إلى اعتقال من قبل الحرس الحدودي الليبي، ويتم كشف هويّة كل من الكاتب والمصوّر، ويتم طردهما إلى تركيا. لكن الصحافي يستمر بالتواصل مع المجموعة ويوثق يوميّاتها حتّى وصول أفرادها إلى أوروبا.
كتاب "عن البحر: مع السوريين في رحلة هربهم إلى أوروبا"، شهادة توثيقية لتراجيديا دامية، تشكل جرحاً أدبياً في العصر الحديث.