يأتي العيد ولكننا لا نلتقي بل تزيد المسافات بيننا وتزيد آلام شعوبنا المنسية، ولا أمل في لقاء أو عناق وتجاوز كما يفعل الأخوة، والأدهى أن ملوكنا ورؤساءنا يعرفون أن معنى العيد هو هذا تحديداً، ولا شيء غيره. ومع ذلك فالسيوف مسلولة والأنياب تتقاطر شهوة في الانتقام. انظروا حولكم في كل شبر من هذا الذي يسمى أمة عربية، صراع في الخليج بين الأشقاء، دماء في ليبيا، دماء في سورية، دماء في العراق، دماء في اليمن، فلسطين مقسّمة، مصر مقسّمة، فوضى في المغرب، صراع وخلافات في الجزائر وتونس ولبنان. ويمكن للمشهد أن يستمر بنفس العناوين في كل البقية، بنِسَب مختلفة ولكنها نفس الصورة ونفس القتامة، ولا تحمل نفس الآمال. لأن الأمل موجود بالرغم من كل هذا، ولا أحد قادر على أن يعيد عجلة التاريخ إلى الوراء ولو لبرهة من الزمن. وفي كل هذه الأوطان تحرك شيء ما في قلوب شبابها، ونخبها على اختلافاتهم السياسية والأيديولوجية، وبدأ الناس يؤمنون بأن هناك ما يمكن تغييره في حياتهم ولا يمكن للاوضاع أن تستمر كما هي عليه اليوم. وفي الانتظار.. لا عيد للعرب، طالما أنهم متفرقون ويحملون في قلوبهم ضغائن بحجم الجبال، وتئن صدورهم بحلم أن يتكسَّر اخوانهم ويخسر أشقاؤهم وتحل المأساة فيهم، بينما نرضي الغريب ونفضّله على الأحباب، برغم كل الدمار الذي خلّفه فينا، ولكن ماذا تفعل مع العمى والصمم؟