14 نوفمبر 2024
في التوظيف السياسي لقضية بن بـركـة
تستعد الحركة الاتحادية في المغرب لتخليد الذكرى الخمسين لاختطاف واغتيال المهدي بن بركة في 29 أكتوبر/ تشرين الأول 1965 في باريس، أحد أبرز القادة التاريخيين لليسار المغربي، والمعارض الشرس لنظام الملك الراحل، الحسن الثاني، وأحد رموز حركة التحرر في العالم الثالث إبّان النصف الأول من الستينيات. وعلى الرغم من جهود بذلتها عائلة الراحل، طوال العقود الماضية، من أجل كشف حقيقة واحدةٍ من أشهر الجرائم السياسية في النصف الثاني من القرن العشرين، إلا أن ذلك كان يصطدم دائماً بحلقة مفرغة، لم تنل منها لا الكتابات التي تناولت بعض جوانب القضية، ولا الاعترافات التي أدلى بها أحد عملاء المخابرات المغربية السابقين (أحمد البخاري) لقناة الجزيرة قبل سنوات.
يكتسي الحدث، هذه السنة، طابعا خاصاً لعدة اعتبارات، فما زال غياب الحقيقة بشأن مصير بعض المختفين، وفي مقدمتهم المهدي بن بركة، يمثل عائقاً حقيقياً أمام اكتمال دائرة المصالحة، على الرغم من كل ما أُنجز في ما يتعلق بتسوية ملف انتهاكات حقوق الإنسان في المغرب، غير أن اللافت، في هذه القضية الشائكة، أنها تحولت، في السنوات الأخيرة، إلى مورد سياسي يعتاش عليه الفاعلون المعنيون، على ضوء ما يستجد داخل المشهد الحزبي والسياسي.
في هذا الصدد، يمكن القول إن التجاذب الحاصل حاليا داخل حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بخصوص تخليد ذكرى اختطاف بن بركة، ليس بعيداً عن التصدّع التنظيمي والسياسي الذي يعرفه الحزب، بعد النكسة المدوية التي مني بها في الانتخابات الجماعية والبلدية، في سبتمبر/أيلول الماضي، والتي ما زالت تفاعلاتها مستمرة، من خلال تزايد أعداد المنسحبين من صفوفه. ويبدو أن قيادة الحزب الحالية، وفي ظل ما ترتب عن هذه النكسة، استشعرت الحاجة لامتصاص حالة الغضب والاحتقان الموجودة داخل الاتحاد جراء تراجعه الواضح، ما دفعها إلى البحث في أرشيفها التاريخي والرمزي عن موردٍ يخفف عنها قليلا. ولم تجد أفضل من بن بركة لاستدعاء رمزيته، في أفق توظيفها بما يناسب اللحظة وإكراهاتها، فمباشرة بعد ظهور نتائج الانتخابات سالفة الذكر، أشهر الحزب، وبشكل لا يخلو من دلالة، ملف الراحل، وذلك في بيان مكتبه السياسي في سبتمبر/ أيلول الماضي، حيث أكد على أن العملية الانتخابية عرفت اختلالات أدت إلى إفسادها، غير أنه ربط الحدث الانتخابي باستمراره " في المطالبة بالكشف الكامل عن الحقيقة في ملف المهدي بن بركة، وتشكيله لجنة لإحياء الذكرى الخمسين لاستشهاده".
سيأخذ هذا الربط أبعاداً أخرى مع دخول عبد الرحمن اليوسفي، أحد القادة التاريخيين للحزب،على الخط بعزمه على تنظيم فعالية لتخليد الذكرى، اليوم (30 أكتوبر/ تشرين الأول) تحت شعار "مكانة الشهيد المهدي بن بركة في التاريخ المعاصر". وعلى الرغم من الجهود، التي قامت بها قيادة الحزب، لإقناع اليوسفي بتنظيم الفعالية تحت إشراف الاتحاد، إلا أن الوزير الأول الأسبق، الذي قاد حكومة التناوب التوافقي بين 1998 و2002، رفض، الأمر الذي رآه بعضهم رسالة سياسية لا تخلو من دلالة، على الرغم من تأكيده أن الفعالية التي يشرف على تنظيمها ليست لها أبعاد حزبية أو سياسية. وأمام هذا الوضع، اضطرت قيادة الحزب إلى تنظيم فعالية أخرى، تخليداً للحدث نفسه، في خطوة تنذر بتعميق الخلافات التي تعصف بأكبر أحزاب اليسار الإصلاحي في المغرب.
ربما ليس من المبالغة القول إن توظيف "الاتحاد الاشتراكي" ملفات بعينها (الإصلاح الدستوري والسياسي، المسألة الاجتماعية ودم المهدي بن بركة) من التكتيكات السياسية المعروفة التي درج على اللجوء إليها كلما انقطع حبل الود، أو يكاد، بينه وبين القصر، وضاقت به حلبات التدافع الحزبي والسياسي في المغرب التي لا تستقر على حال. ومن المرجح أن قيادة الحزب الحالية لا تدرك أن مياهاً كثيرة جرت تحت الجسر، وما كان ينفع بالأمس قد لا يعني اليوم أكثر من جعجعة بلا طحين بالنسبة للسلطة.
يكتسي الحدث، هذه السنة، طابعا خاصاً لعدة اعتبارات، فما زال غياب الحقيقة بشأن مصير بعض المختفين، وفي مقدمتهم المهدي بن بركة، يمثل عائقاً حقيقياً أمام اكتمال دائرة المصالحة، على الرغم من كل ما أُنجز في ما يتعلق بتسوية ملف انتهاكات حقوق الإنسان في المغرب، غير أن اللافت، في هذه القضية الشائكة، أنها تحولت، في السنوات الأخيرة، إلى مورد سياسي يعتاش عليه الفاعلون المعنيون، على ضوء ما يستجد داخل المشهد الحزبي والسياسي.
في هذا الصدد، يمكن القول إن التجاذب الحاصل حاليا داخل حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بخصوص تخليد ذكرى اختطاف بن بركة، ليس بعيداً عن التصدّع التنظيمي والسياسي الذي يعرفه الحزب، بعد النكسة المدوية التي مني بها في الانتخابات الجماعية والبلدية، في سبتمبر/أيلول الماضي، والتي ما زالت تفاعلاتها مستمرة، من خلال تزايد أعداد المنسحبين من صفوفه. ويبدو أن قيادة الحزب الحالية، وفي ظل ما ترتب عن هذه النكسة، استشعرت الحاجة لامتصاص حالة الغضب والاحتقان الموجودة داخل الاتحاد جراء تراجعه الواضح، ما دفعها إلى البحث في أرشيفها التاريخي والرمزي عن موردٍ يخفف عنها قليلا. ولم تجد أفضل من بن بركة لاستدعاء رمزيته، في أفق توظيفها بما يناسب اللحظة وإكراهاتها، فمباشرة بعد ظهور نتائج الانتخابات سالفة الذكر، أشهر الحزب، وبشكل لا يخلو من دلالة، ملف الراحل، وذلك في بيان مكتبه السياسي في سبتمبر/ أيلول الماضي، حيث أكد على أن العملية الانتخابية عرفت اختلالات أدت إلى إفسادها، غير أنه ربط الحدث الانتخابي باستمراره " في المطالبة بالكشف الكامل عن الحقيقة في ملف المهدي بن بركة، وتشكيله لجنة لإحياء الذكرى الخمسين لاستشهاده".
سيأخذ هذا الربط أبعاداً أخرى مع دخول عبد الرحمن اليوسفي، أحد القادة التاريخيين للحزب،على الخط بعزمه على تنظيم فعالية لتخليد الذكرى، اليوم (30 أكتوبر/ تشرين الأول) تحت شعار "مكانة الشهيد المهدي بن بركة في التاريخ المعاصر". وعلى الرغم من الجهود، التي قامت بها قيادة الحزب، لإقناع اليوسفي بتنظيم الفعالية تحت إشراف الاتحاد، إلا أن الوزير الأول الأسبق، الذي قاد حكومة التناوب التوافقي بين 1998 و2002، رفض، الأمر الذي رآه بعضهم رسالة سياسية لا تخلو من دلالة، على الرغم من تأكيده أن الفعالية التي يشرف على تنظيمها ليست لها أبعاد حزبية أو سياسية. وأمام هذا الوضع، اضطرت قيادة الحزب إلى تنظيم فعالية أخرى، تخليداً للحدث نفسه، في خطوة تنذر بتعميق الخلافات التي تعصف بأكبر أحزاب اليسار الإصلاحي في المغرب.
ربما ليس من المبالغة القول إن توظيف "الاتحاد الاشتراكي" ملفات بعينها (الإصلاح الدستوري والسياسي، المسألة الاجتماعية ودم المهدي بن بركة) من التكتيكات السياسية المعروفة التي درج على اللجوء إليها كلما انقطع حبل الود، أو يكاد، بينه وبين القصر، وضاقت به حلبات التدافع الحزبي والسياسي في المغرب التي لا تستقر على حال. ومن المرجح أن قيادة الحزب الحالية لا تدرك أن مياهاً كثيرة جرت تحت الجسر، وما كان ينفع بالأمس قد لا يعني اليوم أكثر من جعجعة بلا طحين بالنسبة للسلطة.