28 ديسمبر 2021
في كولونيالية إسرائيل وإفرازاتها القضائية
لا وجود، في الأنظمة الكولونيالية الاستعمارية والاستيطانية، لأي قسط أو نسبة من العدالة، طالما أن المنظومة السياسية والأمنية والقانونية والحقوقية، وكل مؤسسات النظام الكولونيالي تعمل على وتيرةٍ واحدةٍ من سلوك سياسات تمييزية عنصرية، جميعها تخدم نظام الاحتلال القائم على التوسع والضم والإلحاق؛ وكذلك ارتكاب جرائم حرب، والانسياق خلف الجريمة الكاملة المشهود لها، كالتطهير العرقي والأبارتهايد، وهي الجرائم نفسها التي قادت نظام جنوب أفريقيا إلى التلاشي والتفكك، بفعل نضالات الشعب هناك، ومسلسل حملات المقاطعة التي قادتها دول ومنظمات وأحزاب ونقابات وقوى مجتمع مدني، جميعها أفضت، في النهاية، إلى دمقرطة هذا البلد، وإنهاء الفصل العنصري فيه، وإقامة دولة مواطنية ديمقراطية لكل مواطنيها.
جديد فصول السياسات الكولونيالية مصادقة الكنيست الإسرائيلي (البرلمان)، بالقراءة الأولى، على اقتراح قانون يسحب من المحكمة العليا صلاحية مناقشة التماسات الفلسطينيين من سكان الأراضي المحتلة عام 1967، ما يشكل ضربةً مباشرةً للنظام القضائي، واعتداءً سافرا على صلاحيات المحاكم، ويهدف إلى حرمان الفلسطينيين من حقوقهم القانونية، بما فيها اللجوء إلى القضاء، على الرغم من عدم الثقة بوجود عدالةٍ لدى نظام الكولونيالية الإسرائيلية.
سيحول سريان هذا القانون دون وصول الفلسطينيين إلى المحكمة العليا الإسرائيلية؛ وسيجبرهم على رفع قضاياهم إلى محاكم محلية. على الرغم من أنه ينص على تخويل المحكمة المركزية صلاحية مناقشة القرارات الإدارية لسلطات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية، في قضايا التخطيط والبناء، وتقييد الدخول والخروج من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 67، وطلبات حرية المعلومات. وهذا ما يرفضه اليمين المتطرّف، ويرى في القانون المقترح "طريقةً لمحو الخط الأخضر من الناحية القضائية"، أي جعل الضم (ضم الضفة الغربية لكيان الاحتلال)
أمرا واقعا. وقالت السياسية الفلسطينية، حنان عشراوي، "إن هذا القانون المقترح يشوه النظام القانوني والقضائي، وينتهك الفصل بين السلطات، ويأتي استكمالاً لجملة التشريعات والإجراءات العنصرية الهادفة إلى ضم الأراضي الفلسطينية المحتلة، كما أنه يكفل إفلات إسرائيل من العقاب على انتهاكاتها وجرائمها بحق الشعب الفلسطيني ومقدّراته وموارده".
بالتوازي، وفي تكثيف متسارع في سياسة تقديم مشاريع القوانين في الكنيست، صادق الأخير، بالقراءة الأولى، أخيرًا، على مشروع قانون صاغته "وزيرة القضاء" المتطرّفة أييليت شاكيد، يشمل إبعاد الفلسطينيين عمّا تسمّى "محكمة العدل العليا"، خصوصا في مصادرة الأراضي، وذلك في خطوة لتسريع وتيرة الاستيطان وشرعنته. وإلى جانب ذلك، تم منح ما تسمى المحكمة المركزية صلاحية مناقشة القرارات الإدارية لسلطات الاحتلال في الضفة الغربية في "قضايا التخطيط والبناء"، و"تقييد الدخول والخروج من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 67"، و"طلبات حرية المعلومات"، ما يعد دليلاً على أن إسرائيل تسلك مسارا تصاعديا ومكثفا في مخططات ومشاريع استيطانها، خصوصا بعد إظهار الولايات المتحدة انحيازها التام لحكومة الاحتلال، وانقلاب إدارة الرئيس دونالد ترامب على القوانين الدولية.
وهكذا يبدو أن استظلال ائتلاف نتنياهو اليميني المتطرّف بوجود إدارة أميركية مهووسة بجنون رئيسها يدفع إلى استمرار ابتداع موجة القوانين المتطرّفة المُتصاعدة في إسرائيل، مثل نقاش رفع الحظر عن عودة المستوطنين إلى المستعمرات المخلاة في جنين، والتمهيد لقانون حظر تصوير الصحافيين جنود الاحتلال، ما يثبت مدى العنصرية والتطرّف، والدعوات العلنية للتطهير العرقي، عبر تشريعاتٍ تتحدى القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن.
ومن المفارقات المحزنة في هذا الصدد، شرعنة قاض عربي سلب أرض فلسطينية، بينما ذهبت قاضية يهودية إلى الطعن في قراره هذا، فقبيل إنهاء عمله في المحكمة الإسرائيلية العليا، أصدر القاضي العربي، سليم جبران، قرارا قبل عام أباح مصادرة أراض فلسطينية خاصة، لصالح البؤرة الاستيطانية، عامونا، في الضفة الغربية المحتلة. لكن رئيسة المحكمة اليهودية، استر حيوت، طعنت، يوم 31 مايو/أيار الماضي، في القرار، واعتبرته غير ملزم. على اعتبار أنه "يتناقض مع القرارات السابقة للمحكمة وليست له أي قوة قانونية"، وغير قابل للتنفيذ من الناحية القانونية حالياً.
وكانت هيئة المحكمة الإسرائيلية العليا المؤلفة من ثلاثة قضاة، برئاسة جبران، قد أصدرت، في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، قرارا يتيح للمستوطنين الاستيلاء على أراضٍ فلسطينية خاصة، بادعاء أنهم "جزء من السكان المحليين" في الضفة الغربية المحتلة. وزعم جبران حينها أنه نظرا لأن أصحاب الأراضي سيستفيدون اقتصاديا من الأراضي المصادرة، فلا حاجة إلى النظر في آرائهم بشأن طبيعة استخدام هذه الأراضي. لكن صحيفة هآرتس الإسرائيلية كشفت يومها أن جبران اتخذ قراره المذكور بتوجيهٍ أو ضغطٍ من وزيرة القضاء، إييلت شاكيد، من حزب البيت اليهودي الاستيطاني.
واستنادا لقرار جبران، أفتى المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، أفيحاي مندلبليت، بشرعية مصادرة أراض فلسطينية بملكية خاصة، بزعم الاحتياجات العامة في المستوطنات التي كان قد عارضها في الماضي، على اعتبار أن "تنظيم الطريق يثير صعوباتٍ قانونية، لأنه يقتصر على خدمة السكان اليهود في الضفة الغربية".
وفي اتجاه مضاد، صوت الكنيست، يوم 30 مايو/أيار، بأغلبية 67 صوتًا مقابل 14، ضد قانون قدمه رئيس التجمّع الوطني الديمقراطي، النائب جمال زحالقة، لإلغاء المكانة القانونية بالمؤسسات القومية اليهودية: الصندوق القومي لإسرائيل (الكيرن كييمت) والوكالة اليهودية والمنظمة الصهيونية العالمية وصندوق الأساس (كيرن هيسود) والمنظمات المتفرعة والتابعة لها. وقدم زحالقة لمشروع القانون هذا بالقول: "إن جوهر الدور المعلن والفعلي لهذه المؤسسات هو خدمة ما أطلق عليه تسمية "الشعب اليهودي"، من خلال مكانتها القانونية
الخاصة، بحيث تستطيع الدولة عبرها تقديم خدمات ومنح امتيازات لليهود فقط، والادعاء في الوقت نفسه أن هذه "منظمات مستقلة" وليست ذراعا للدولة. وهذه كذبة كبيرة، والحقيقة أن المكانة القانونية لهذه المنظمات من أهم الأدوات التي تستغلها الدولة لفرض سياسة التمييز والفصل العنصري". وتساءل زحالقة: "أحيانًا ليس من الواضح ما إذا كانت هذه المنظمات أداة بيد الدولة أم أن الدولة هي أداة بيدها. في الحالتين، النتيجة واحدة، تطبيق سياسة كولونيالية عنصرية، ترتكز على سلب الأرض من العرب ومنحها لليهود، وعلى بناء وتطوير بلدات لليهود فقط. وإذا لم يكن هذا أبارتهايد، فما هو الأبارتهايد إذًا؟". وكعادة اليمين الإسرائيلي المتطرّف ومواقفه الفاشية، ردت الوزيرة شاكيد على اقتراح القانون، مشيدة بما أسمته "الدور التاريخي للمؤسسات القومية اليهودية"، وقالت: "هذه الدولة ستبقى يهودية ألف عام مقبل، والحكومة ترفض، وباشمئزاز، هذا القانون".
هكذا يعكس الصراع القانوني المحتدم داخل الكنيست، كما على أرض الواقع السياسي، انسداد كل سبل حل الصراعات الأخرى أو حلحلتها، فيما الرواية الصهيونية بات يشوبها كثير من الادعاء والزيف بانضمام المسيحانية الإنجيلية إلى جانب المسيحانية التوراتية، وتشكيلهما "رؤية" موحدة و"تحالفا متناميا"، بحسب تعبير تقرير لـ "نيويورك تايمز"، بينما الرواية الفلسطينية ما فتئت تحافظ على تماسكها وانسجامها، على الرغم من تغير وجهة بعض الأنظمة الرسمية العربية وانحيازها المعلن، الوقح حينا والخجول في أحايين أخرى، للسردية الإسرائيلية، استجابة لتحالف "الضرورة" الترامبية، وصفقتها التي يعمد مؤيدوها الإقليميون إلى التعبير عن انقلاباتهم المخزية، بالهروب نحو أشكال سرية وشبه علنية من التطبيع، وتأييد ما يسمى "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وعما يسمى أراضيها"، في "مواجهة باطل الإرهاب الفلسطيني"، بحسب صفاقة بعضهم وهذياناتهم وتمسيحهم جوخ مافيات الأنظمة الاستبدادية وأحذيتها، والحكام الأغرار الذين اختاروا الكشف عن جهلهم باللحاق بجهل ترامب ويمينه الشعبوي، وهو يزيد من جشعه وطمعه بأموال بلادنا، ولو عبر تبريرات لها أول وليس لها آخر؛ ومن يعش ير.
جديد فصول السياسات الكولونيالية مصادقة الكنيست الإسرائيلي (البرلمان)، بالقراءة الأولى، على اقتراح قانون يسحب من المحكمة العليا صلاحية مناقشة التماسات الفلسطينيين من سكان الأراضي المحتلة عام 1967، ما يشكل ضربةً مباشرةً للنظام القضائي، واعتداءً سافرا على صلاحيات المحاكم، ويهدف إلى حرمان الفلسطينيين من حقوقهم القانونية، بما فيها اللجوء إلى القضاء، على الرغم من عدم الثقة بوجود عدالةٍ لدى نظام الكولونيالية الإسرائيلية.
سيحول سريان هذا القانون دون وصول الفلسطينيين إلى المحكمة العليا الإسرائيلية؛ وسيجبرهم على رفع قضاياهم إلى محاكم محلية. على الرغم من أنه ينص على تخويل المحكمة المركزية صلاحية مناقشة القرارات الإدارية لسلطات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية، في قضايا التخطيط والبناء، وتقييد الدخول والخروج من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 67، وطلبات حرية المعلومات. وهذا ما يرفضه اليمين المتطرّف، ويرى في القانون المقترح "طريقةً لمحو الخط الأخضر من الناحية القضائية"، أي جعل الضم (ضم الضفة الغربية لكيان الاحتلال)
بالتوازي، وفي تكثيف متسارع في سياسة تقديم مشاريع القوانين في الكنيست، صادق الأخير، بالقراءة الأولى، أخيرًا، على مشروع قانون صاغته "وزيرة القضاء" المتطرّفة أييليت شاكيد، يشمل إبعاد الفلسطينيين عمّا تسمّى "محكمة العدل العليا"، خصوصا في مصادرة الأراضي، وذلك في خطوة لتسريع وتيرة الاستيطان وشرعنته. وإلى جانب ذلك، تم منح ما تسمى المحكمة المركزية صلاحية مناقشة القرارات الإدارية لسلطات الاحتلال في الضفة الغربية في "قضايا التخطيط والبناء"، و"تقييد الدخول والخروج من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 67"، و"طلبات حرية المعلومات"، ما يعد دليلاً على أن إسرائيل تسلك مسارا تصاعديا ومكثفا في مخططات ومشاريع استيطانها، خصوصا بعد إظهار الولايات المتحدة انحيازها التام لحكومة الاحتلال، وانقلاب إدارة الرئيس دونالد ترامب على القوانين الدولية.
وهكذا يبدو أن استظلال ائتلاف نتنياهو اليميني المتطرّف بوجود إدارة أميركية مهووسة بجنون رئيسها يدفع إلى استمرار ابتداع موجة القوانين المتطرّفة المُتصاعدة في إسرائيل، مثل نقاش رفع الحظر عن عودة المستوطنين إلى المستعمرات المخلاة في جنين، والتمهيد لقانون حظر تصوير الصحافيين جنود الاحتلال، ما يثبت مدى العنصرية والتطرّف، والدعوات العلنية للتطهير العرقي، عبر تشريعاتٍ تتحدى القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن.
ومن المفارقات المحزنة في هذا الصدد، شرعنة قاض عربي سلب أرض فلسطينية، بينما ذهبت قاضية يهودية إلى الطعن في قراره هذا، فقبيل إنهاء عمله في المحكمة الإسرائيلية العليا، أصدر القاضي العربي، سليم جبران، قرارا قبل عام أباح مصادرة أراض فلسطينية خاصة، لصالح البؤرة الاستيطانية، عامونا، في الضفة الغربية المحتلة. لكن رئيسة المحكمة اليهودية، استر حيوت، طعنت، يوم 31 مايو/أيار الماضي، في القرار، واعتبرته غير ملزم. على اعتبار أنه "يتناقض مع القرارات السابقة للمحكمة وليست له أي قوة قانونية"، وغير قابل للتنفيذ من الناحية القانونية حالياً.
وكانت هيئة المحكمة الإسرائيلية العليا المؤلفة من ثلاثة قضاة، برئاسة جبران، قد أصدرت، في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، قرارا يتيح للمستوطنين الاستيلاء على أراضٍ فلسطينية خاصة، بادعاء أنهم "جزء من السكان المحليين" في الضفة الغربية المحتلة. وزعم جبران حينها أنه نظرا لأن أصحاب الأراضي سيستفيدون اقتصاديا من الأراضي المصادرة، فلا حاجة إلى النظر في آرائهم بشأن طبيعة استخدام هذه الأراضي. لكن صحيفة هآرتس الإسرائيلية كشفت يومها أن جبران اتخذ قراره المذكور بتوجيهٍ أو ضغطٍ من وزيرة القضاء، إييلت شاكيد، من حزب البيت اليهودي الاستيطاني.
واستنادا لقرار جبران، أفتى المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، أفيحاي مندلبليت، بشرعية مصادرة أراض فلسطينية بملكية خاصة، بزعم الاحتياجات العامة في المستوطنات التي كان قد عارضها في الماضي، على اعتبار أن "تنظيم الطريق يثير صعوباتٍ قانونية، لأنه يقتصر على خدمة السكان اليهود في الضفة الغربية".
وفي اتجاه مضاد، صوت الكنيست، يوم 30 مايو/أيار، بأغلبية 67 صوتًا مقابل 14، ضد قانون قدمه رئيس التجمّع الوطني الديمقراطي، النائب جمال زحالقة، لإلغاء المكانة القانونية بالمؤسسات القومية اليهودية: الصندوق القومي لإسرائيل (الكيرن كييمت) والوكالة اليهودية والمنظمة الصهيونية العالمية وصندوق الأساس (كيرن هيسود) والمنظمات المتفرعة والتابعة لها. وقدم زحالقة لمشروع القانون هذا بالقول: "إن جوهر الدور المعلن والفعلي لهذه المؤسسات هو خدمة ما أطلق عليه تسمية "الشعب اليهودي"، من خلال مكانتها القانونية
هكذا يعكس الصراع القانوني المحتدم داخل الكنيست، كما على أرض الواقع السياسي، انسداد كل سبل حل الصراعات الأخرى أو حلحلتها، فيما الرواية الصهيونية بات يشوبها كثير من الادعاء والزيف بانضمام المسيحانية الإنجيلية إلى جانب المسيحانية التوراتية، وتشكيلهما "رؤية" موحدة و"تحالفا متناميا"، بحسب تعبير تقرير لـ "نيويورك تايمز"، بينما الرواية الفلسطينية ما فتئت تحافظ على تماسكها وانسجامها، على الرغم من تغير وجهة بعض الأنظمة الرسمية العربية وانحيازها المعلن، الوقح حينا والخجول في أحايين أخرى، للسردية الإسرائيلية، استجابة لتحالف "الضرورة" الترامبية، وصفقتها التي يعمد مؤيدوها الإقليميون إلى التعبير عن انقلاباتهم المخزية، بالهروب نحو أشكال سرية وشبه علنية من التطبيع، وتأييد ما يسمى "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وعما يسمى أراضيها"، في "مواجهة باطل الإرهاب الفلسطيني"، بحسب صفاقة بعضهم وهذياناتهم وتمسيحهم جوخ مافيات الأنظمة الاستبدادية وأحذيتها، والحكام الأغرار الذين اختاروا الكشف عن جهلهم باللحاق بجهل ترامب ويمينه الشعبوي، وهو يزيد من جشعه وطمعه بأموال بلادنا، ولو عبر تبريرات لها أول وليس لها آخر؛ ومن يعش ير.