إن آخر ما يفكَّر به إحياء مجلة ميتة. النوستالجيا إلى مجلة عربية كان لها دور ما، مشاعر لا يمكن تصريفها. المجلة، في بعض تعريفاتها، راية لتيار وصوت لطليعة ومتراس لمجموعة. ومن الطبيعي أن ينتهي عمرها بانتهاء التيار الذي تبشّر به ويحملها (لم نسمع عن مجلة بلا تبشير، بالمعنيَين السلبي والإيجابي للكلمة).
ومن البديهي القول إن المجلات تموت والجرائد أيضاً. دعونا نعدُّ في سرّنا الجرائد التي نعتقد أنها ماتت رغم انتظام طبعها، ونحدد تاريخ وأسباب وفاة كلٍ منها.
لكن حين نمسي بلا تيارات ولا طلائع، وتتحول الثقافة إلى ديكورات رصينة أو مبتذلة؛ فأية مجلات يمكن أن تُنتج حينها؟
ننظر حولنا فلا نرى سوى مجلات وزارات ثقافة وإعلام وخارجية وهيئات سياحية وشرطة وأحزاب منقرضة، وفي أحسن الأحوال قد نقع على مجلات أكاديمية محكَّمة (مُحكمة الإغلاق غالباً) ترقن بحوثها سكرتيرات يائسات.
نلحظ مطبوعاتٍ لا يمكن القول إنها صدرت بالفعل، رغم طباعتها المنتظمة، وأخرى "عريقة" يجرّ أصحابها جثثها خلفهم منذ عقود دون أن ينتبهوا لواقعة وفاتها.
حقيقة، لا نعرف أين تتجسد نكبة الصحافة الثقافية اليوم؛ أفي انحسار المجلات إلى درجة بات يخشى من يتحدّث عن "مجلة عربية جامعة" من تهمة السذاجة؟ أم في مساومات "الصفحات" و"الملاحق" الثقافية في الجرائد للإبقاء على "حياتها" بتنفس هواء فاسد؟