إلى خوان فيليبي روبليذو
بعد ثلاثة أيّام ماطرة
أشفقت الشمس على المدينة.
وعلى الفور، امتلأت الشوارع بقمصان وبلايز وتنانير بكل الألوان،
ومن المقاهي القديمة، خرجت من السيديات أغاني الحبّ الصاخبة بأصوات مرتفعة ومنخفضة.
مذهولاً من جمال الظهيرة الفوضوي
تجاوزت الكنيسة بمائتي متر بصحبة امرأة ثمانينية
في ملابس بيضاء
- بيضاء وبهيّة، كما تقول الأغنية،
حذاؤها بكعب عالٍ وقفَّازتاها من حرير
يتلاءمان مع ردائها الذي حفظته حبّات النفتالين.
كان للقطع المعلّقة بإسوارتها الذهبية
رنينٌ مغناج،
تضحك مع نفسها
تبوح بسرّ مبهج
يمكن تخمينه من تجاعيدها
المدفونة تحت مساحيق التجميل
والبارفانات والبودرة المعطّرة.
قبَّعةٌ من أوائل القرن تحميها
من الشمس المهيمنة،
وتخفف القلق البادي في عينين
تظهر فيهما آلاف الحفلات التي حضرتها
وربما التي نظّمتها
خلال حياتها الطويلة.
في هذا الشارع حيث يُحتفى بالشمس
تلاقت عيوننا المتشابهة في الزرقة،
وأنا أحثُّ الخطى لأصل بسرعة إلى الفندق،
حزيناً أفكّر بشكوكي وديوني، وهي تحثُّ الخطى للوصول بسرعة للكاتدرائية،
سعيدةً كأنما تمشي - ربّما - لموعد زفافها النهائي
والأخير.
وما وصولكِ حتى ذلك اليوم وتلك الساعة،
بيضاء يكسوك النور،
إلى عمرٍ لا يكون الموت فيه مفاجئاً،
إلّا لأعلم
باتجاه معاكس ومصائر متضاربة
أن كلَّ شيءٍ يصل للحظته المستحقة،
أو كما يقول مثلٌ لا بدّ أنَّك تردّدينه؛
كلَّ لعبة طويلة يتبعها انتقام
أيها الشاب.
ممسكة مقبض مظلَّتك بحنان
رأيتك تبتعدين، تُبعدين الحَمام،
عن الأجراس،
متجبِّرة وهادئة، يلفّك بريق إيمانك
مثل طفلة تدخل
الكنيسة حاملة بفخر شجرة أزاليا بيضاء
في يوم قدّاسها الأول.
* Ramón Cote Baraibar شاعر كولومبي من مواليد كوكوتا 1963
** الترجمة عن الإسبانية غدير أبو سنينة وتنشر بالتعاون مع "إلكترون حر".