عرفت مصر خلال الأشهر القليلة الماضية كل أنواع القروض الدولية، التقليدية المعروفة منها والجديدة التي نسمع عنها لأول مرة، فهناك القروض "الكتيمي" التي يتم الحصول عليها والتوقيع عليها في الخفاء وداخل الغرف المغلقة رغم ضخامة قيمتها البالغة أكثر من 6 مليارات دولار كما حدث قبل أيام، وبالتالي لا نعرف عنها شيئاً إلا عقب كشف المانحين بعض تفاصيلها.
أحدث مثال على ذلك النوع من القروض "الكتيمي" ما أعلنه البنك الأفريقي للتصدير والاستيراد قبل أيام عن منحه مصر قرضاً بقيمة تقترب من الأربعة مليارات دولار منها 3.55 مليارات دولار للبنك المركزي المصري وبنوك مصرية أخرى لمساعدتها، حسب البيان الصادر عنه، على التعامل مع تداعيات جائحة كوفيد-19 و300 مليون دولار للبنك الأهلي المصري لتعزيز أنشطته الهادفة لتوسيع التجارة بين دول أفريقيا. إلى جانب منحة بقيمة 250 ألف دولار للحكومة لمواجهة تداعيات الفيروس.
وإضافة إلى قرض البنك الأفريقي الكتيمي، هناك قرض آخر مقدم من بنك الاستثمار الأوروبي، بقيمة 2.2 مليار دولار، منها 1.1 مليار يورو لدعم قطاع النقل العام في المدن المصرية و800 مليون يورو للاستثمارات المتعلقة بكورونا، والباقي لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
ولعلنا نذكر "قرض كتيمي" آخر حصلت عليه الحكومة المصرية من بنك التصدير والاستيراد الأفريقي في نهاية عام 2016 بقيمة 5.2 مليارات دولار، ولم نسمع عنه إلا بعد خروج محافظ البنك المركزي المصري، طارق عامر، في سبتمبر 2017 معلناً لوسائل الإعلام أنه سيتم سداد قيمة القرض قبل نهاية العام.
وقبل أيام سمعنا عن اتجاه الحكومة للاقتراض الخارجي عبر الصكوك الإسلامية، وهي الآلية التي تندّر عليها الإعلام أيام حكم الدكتور محمد مرسي، وزعم الإعلام ساعتها أن حكومة مرسي تعمل على "أسلمة الاقتصاد والبنوك وأدوات الدين"، إلى آخر هذه المزاعم التي ثبت عدم صحتها خلال السنوات الماضية، وأنها كانت بهدف خداع المصريين وتضليلهم وتشويه فترة الحكم حينئذ.
حتى بالنسبة للقروض الجديدة نسمع عنها من الإعلام الأجنبي، فقبل أيام قرأنا أن مصر ستقترض نصف مليار دولار خلال الأيام المقبلة عبر طرح سندات دولية خضراء، وذلك لأول مرة في تاريخها، بهدف الحصول على قروض دولية لتمويل عجز الموازنة العامة وتنويع مصادر الدين.
وبحسب تصريحات محمد حجازي، رئيس وحدة الدين في وزارة المالية لوكالة بلومبيرج الأميركية، فإن مصر دخلت مرحلة متقدمة لطرح سندات خضراء بقيمة 500 مليون دولار.
وهناك السندات الدولية التي تعد الأسهل في الاقتراض الخارجي، حيث يتم إغراء المقرضين الدوليين بالضمانات وأسعار الفائدة العالية على الدولار، وآخر ما اقترضته مصر عبر هذه الآلية 5 مليارات دولار تم الحصول عليها في شهر مايو/ أيار الماضي.
وحسب ما قرأنا في الإعلام الأجنبي أيضاً، فإن الحكومة ستزيد قيمة الاقتراض عبر السندات الدولية خلال الفترة المقبلة، وأنها تدرس طرح سندات بقيمة تصل إلى 7 مليارات دولار مقومة بالدولار أو اليورو خلال العام المالي الجاري 2020-2021.
وإذا كانت مصر قد حصلت على قروض من صندوق النقد الدولي بقيمة تقترب من 8 مليارات دولار خلال الشهرين الماضيين، فإن هناك صندوقاً آخر تقترض منه الحكومة، وهو صندوق النقد العربي الذي وافق قبل أيام على منح مصر قرضاً بقيمة 639 مليون دولار، كما منح الصندوق قروضاً أخرى لمصر خلال السنوات الماضية.
وقبل أيام عرفنا من وكالة رويترز العالمية أن البنوك الإماراتية تدبر قرضاً لصالح مصر تزيد قيمته عن مليار دولار ولمدة عام، وذلك بطلب من الحكومة المصرية.
ولا أعرف هل وصل القرض الصيني المخصص لتمويل مشروعات سكنية داخل العاصمة الإدارية الجديدة والبالغة قيمته 3 مليارات دولار يخصص 1.2 مليار دولار منها لتمويل إنشاء 20 برجاً سكنياً، منها أكبر ناطحة سحاب في أفريقيا.
اللافت أن معظم القروض الأخيرة التي تحصل عليها مصر بتنا نعرف بها من وسائل إعلام عالمية، أو من المؤسسات المالية الدولية المقرضة التي تفرض سياساتها الداخلية الإعلان عن القروض الممنوحة للدول، وإلا ما كنا سمعنا أصلا عن معظم هذه القروض وكل تلك المليارات التي لا يعلم سوى الله من أين سيتم سدادها، ومتى.