تترقب سوق النفط العالمية الاجتماع غير الرسمي لأعضاء من داخل منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" ومن خارجها؛ والذي يعقد غداً الاثنين 26 سبتمبر/ أيلول، في العاصمة الجزائرية.
وشهد الأسبوع الماضي، عاصفة من التصريحات، القائمة على شد حبال بين الدول الساعية لخفض الإنتاج أو تثبيته، ودول أخرى من بينها إيران تمانع الاقتراحين، قبل عودة إنتاجها إلى الحجم المحقق قبل فرض العقوبات الغربية، بما يوازي 4 ملايين طن يومياً.
وتحضر روسيا غير العضو في "أوبك"، الاجتماع الذي سيعقد على هامش المنتدى الدولي للطاقة الذي تستضيفه الجزائر من 26 إلى 28 سبتمبر/أيلول.
وعبّرت مصادر في "أوبك" في تصريحات لوكالات الأنباء، عن إمكانية التوصل إلى اتفاق في اجتماع الجزائر من حيث المبدأ، لكن لن يكون هناك قرار رسمي حسب متابعين. فالقرار سيتم تأجيله حتى الاجتماع الرسمي للمنظمة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
في حين أكد وزير الطاقة الجزائري، نور الدين بوطرفة، في تصريح اليوم الأحد، تفاؤله بإمكانية التوصل إلى إتفاق إيجابي يخص استقرار سوق النفط في اجتماع أوبك.
وأكد بوطرفة، أن المشاورات التي أجراها مع وزراء الطاقة في إيران وروسيا وقطر والسعودية، كانت إيجابية.
وأعلن أن "السعودية قدمت مقترحاً إيجابياً سيتم بحثه في اجتماع الجزائر، ونحن نحيي هذا المقترح، ونسعى لاتخاذ قرار مشترك وأجندة زمنية لتنفيذه".
وأكد بوطرفة، أن "من بين أهداف اجتماع الجزائر تفادي صدمة نفطية"، كاشفاً أن السعودية اقترحت تخفيض إنتاجها ب500 ألف برميل يومياً، وهذا مؤشر يمكن أن يساعدنا على اتخاذ قرار مشترك".
تأثر أسعار النفط
وتأثرت أسعار النفط بحرب التصريحات التي خاضتها الدول المشاركة في اجتماع الجزائر، طوال الأسبوع الماضي، لتشهد هبوطاً بنسبة أربعة في المائة، يوم الجمعة الماضي، بعدما تصاعدت الإشارات على أن السعودية وإيران لا تحرزان الكثير من التقدم بشأن
التوصل إلى اتفاق مبدئي لتثبيت الإنتاج. وذلك، بعدما حققت أسعار النفط ارتفاعاً طفيفاً في اليوم ذاته، حين نشرت وكالة "رويترز" تقريراً يقول إن السعودية عرضت تقليص إنتاجها إذا أقدمت إيران على تثبيت الإنتاج هذا العام.
ورفع كل من العراق والسعودية وإيران وروسيا، إنتاجهم النفطي إلى مستويات قياسية على مدى العام الأخير، في ظل صراع على الحصة السوقية مع المنتجين ذوي التكلفة العالية مثل الولايات المتحدة التي يتراجع فيها الإنتاج بسبب تدني أسعار النفط.
وتنتظر السوق النفطية نتائج اجتماع "أوبك"، واعتبر مستثمر النفط تي. بون بيكنز، إنه يعتقد أن سعر الخام سيرتفع إلى نطاق 55 إلى 60 دولاراً للبرميل بنهاية العام.
ووفقاً لرويترز، قال بيكنز، الذي يترأس شركة الاستثمار بي.بي كابيتال مانجمنت، إنه لا يتوقع ارتفاع الخام إلى 100 دولار للبرميل، نظراً لحجم الاحتياطيات الأميركية.
وفعلاً، تسعى الدول المؤيدة لاستقرار الأسعار، في الوصول إلى إجماع على تثبيت معدلات الإنتاج كخطوة أولى لامتصاص فائض السوق من النفط من أجل ارتفاع الأسعار فوق مستوى 50 دولاراً للبرميل الواحد.
المباحثات الإيرانية -السعودية
وأجرت كل من السعودية وإيران، مباحثات بشأن النفط، لأول مرة منذ اندلاع أزمة تهاوي الأسعار في يونيو/حزيران 2014، وذلك قبل أيام من عقد اجتماع الجزائر.
ونقلت "بلومبرغ" قبل أيام عن مصادر، أن الدولتين اجتمعتا إلى جانب قطر، في المقر الرئيس
لأوبك في فيينا، بعدما تأجلت اتفاقات بشأن تنظيم السوق، في لقاءات سابقة، بسبب خلاف في وجهات النظر بين الرياض وطهران. إلا أن هذا الاجتماع لم يؤد إلى اتفاق نهائي معلن.
وبعد هذا الاجتماع الفني، عرضت السعودية، يوم الجمعة الماضي، تقليص إنتاجها من النفط إذا وافقت إيران على تثبيت إنتاجها هذا العام، بما يمثل حلاً وسطاً قبل المحادثات المقررة في الجزائر.
وحسب خبراء فقد اعتُبر هذا العرض تحولاً جدياً في موقف المملكة التي كانت تدافع بشكل قوي عن حصتها السوقية.
وذكرت مصادر لوكالة "رويترز" أن الرياض مستعدة لخفض الإنتاج إلى مستويات أدنى بلغها في وقت مبكر من هذا العام، في مقابل تثبيت إيران لإنتاجها عند المستوى الحالي البالغ 3.6 ملايين برميل يومياً.
وعلى مدار الأشهر الماضية، رفضت إيران الالتزام بأي اتفاق بين المنتجين الدوليين، بشأن تجميد إنتاج النفط أو خفضه، مؤكدة حقها في الوصول بإنتاجها إلى مستوى ما قبل العقوبات الغربية التي فُرضت عليها قبل نحو خمسة أعوام، والتي قلصت إنتاجها إلى أقل من النصف.
هذا الموقف الإيراني، أدى في السابق إلى انهيار مبادرة مماثلة في الدوحة في أبريل/ نيسان بسبب رفض طهران فرض قيود على إمداداتها النفطية.
الموقف الروسي
الموقف الروسي، كان طوال الأسبوع الماضي حيادياً تجاه التصريحات المتضاربة بين الدول النفطية. ويأتي ذلك، بعد اتفاق تم توقيعه بين روسيا والسعودية، في مطلع الشهر الحالي أعلن وزير الطاقة السعودي خالد الفالح خلاله، أن الاتفاق يهدف إلى التعاون في أسواق النفط، للعمل على تقليص التقلبات في السوق العالمية للنفط إلى أقل حد ممكن.
واعتبر نائب رئيس الوزراء الروسي أركادي دفوركوفيتش، أمس السبت، أن هناك فرصة
لتوصل الدول المنتجة للنفط إلى اتفاق يقضي بتثبيت معدلات الإنتاج خلال اجتماعهم المرتقب في الجزائر.
لكنه استدرك في مقابلات مع محطات روسية قائلاً: "من الصعب الحديث عن إمكانية التوصل إلى اتفاق كهذا، لأن كل دولة لديها مصالحها الخاصة، لكن مع ذلك هناك فرصة".
ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية يوم الجمعة عن وزير الطاقة الجزائري، نور الدين بوطرفة قوله إن موسكو "موافقة" على المشاركة في اتفاق يضمن استقرار السوق، وأنها كشفت علناً عن إرادتها بخصوص الرغبة في استقرار السوق.
وقال نائب وزير الطاقة الروسي، كيريل مولودتسوف، يوم الخميس الماضي، إن بلاده يمكنها "نظرياً" خفض إنتاجها النفطي بنسبة خمسة في المائة. وأحجم مولودتسوف عن التعليق بشأن أي مقترحات روسية محتملة في اجتماع الجزائر.
وبلغ إنتاج روسيا من النفط 11.75 مليون برميل يومياً، وقال مولودتسوف، إن إنتاج النفط اليومي بمعدل 11.1 مليون برميل هو "مستوى واقعي تماماً" بالنسبة لروسيا.
أما وزير الطاقة ألكسندر نوفاك، فقال لوكالة الإعلام الروسية (نوفاك) الخميس إنه من غير المتوقع أن تناقش منظمة أوبك فكرة خفض مستويات الإنتاج بنسبة خمسة في المائة.
وشرح أن "هناك مقترحاً لتثبيت الإنتاج" النفطي، ولكنه ليس على جدول أعمال الاجتماع حتى الآن.
ونقلت وكالات أخرى عن نوفاك قوله إنه يتوقع محادثات بناءة بشأن النفط في الجزائر وإن موسكو مستعدة لتنسيق إجراءاتها بشأن سوق النفط مع المنتجين الآخرين.
الدول المأزومة تريد الحلول
وعلى ضفة الصراع بين إيران والسعودية، برزت مواقف لدول أخرى منتجة للبترول، تطالب بإيجاد حل لانخفاض أسعار النفط، بعدما أدى هذا الهبوط إلى أزمات اقتصادية محلية.
وكانت آخر التصريحات، ما قاله رئيس الإكوادور، رفاييل كوريا، عن أمله في التوصل إلى اتفاق من أجل استقرار سوق النفط في الاجتماع المقبل لمنظمة "أوبك" في الجزائر، محذراً من مخاطر جسيمة تهدد المنظمة في حالة عدم التوصل إلى اتفاق.
وقال: "إذا لم يحدث ذلك ستكون العواقب وخيمة وقد تؤدي إلى تفكك أوبك ذاتها، بل ثمة خطر في أن تقود الخلافات داخل أوبك إلى تهاوي الأسعار مرة أخرى".
وتدعم الإكوادور، أصغر منتج في أوبك، موقف فنزويلا، التي تطالب بتثبيت مستويات الإنتاج للحد من فائض المعروض في السوق ودعم الأسعار. فالأخيرة، تواجه أزمة اقتصادية كبيرة أدت إلى تحركات احتجاجية عارمة في الشارع الفنزويلي.
وقال وزير النفط الفنزويلي إيولوخيو ديل بينو الثلاثاء الماضي "إنه إذا جرى التوصل لاتفاق بين أعضاء منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) والمنتجين خارجها، فإن أسعار النفط الخام سترتفع من 10 إلى 15 دولارا للبرميل". وقال ديل بينو: "هذه أيام حاسمة".
أما وزير النفط العراقي، جبار علي اللعيبي، فقال الخميس الماضي، إن بلاده ستدعم تحديد سقف لإنتاج النفط في اجتماع الجزائر، لكنها تستهدف الدفاع عن حصتها من الإنتاج التي تتراوح بين 4.75 ملايين وخمسة ملايين برميل يومياً.
لكن مندوب العراق لدى أوبك، فلاح العامري، في اليوم ذاته، إن بغداد لن تحبط الاتفاق. وأضاف أن بلاده لا تنوي إغراق السوق بل تعتزم دعمها ولن تشارك في أي إجراء من شأنه خفض الأسعار.
واعتبر وزير الطاقة الجزائري، أن أي قرار من أوبك بتثبيت الإنتاج قد يساعد في استقرار السوق 6 أشهر على الأقل.
وأضاف، وفقا لرويترز، أن منتجي النفط سيناقشون إمكانية تثبيت الإنتاج خلال اجتماع أوبك في الجزائر.
في حين صرح محمد عون، ممثل ليبيا في "أوبك"، لصحيفة "وول ستريت جورنال"، بأن بلاده لن تنضم إلى اتفاق يسعى لتجميد إنتاج النفط.
ونقلت الصحيفة في عددها اليوم، عن عون تأكيده، أن ليبيا لن تجمد إنتاج النفط حتى يصل مستوى 1.6 مليون برميل على الأقل يومياً.