21 فبراير 2018
قوس أقفل وفرصة ضاعت
بدون مفاجآت، عيّن العاهل المغربي، محمد السادس، خمسة وزراء جدداً في حكومة سعد الدين العثماني، خلفاً للذين أقيلوا بحجة التقصير في عملهم قبل ثلاثة أشهر. التركيبة (الهجينة) للحكومة المغربية المشكلة من ستة أحزاب لم تتغير، لكن خصلة التكنوقراط فيها ازدادت بدخول وزير الشؤون الأفريقية إلى المجلس الحكومي.
حالة الانتظار التي طالت كانت تضعف حكومة العثماني التي لم تجد، إلى الآن، بوصلة للعمل، بعدما جرى نوعٌ من "الانقلاب السياسي" على نتائج اقتراع السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2016، وإطاحة الزعيم الأكثر شعبية بين السياسيين المغاربة، عبد الإله بنكيران الذي رفض تشكيل حكومة غير منسجمة، كما رفض الخضوع لابتزاز أحزاب الدولة التي تكتلت ضده، لمنعه من تشكيل فريق وزاري قوي، يباشر الإصلاحات العميقة التي تنتظر منذ عقود.
منذ تشكيل حكومة العثماني في إبريل/ نيسان الماضي، وصاحبها يكافح من أجل إقناع الشعب بأنه سيواصل ورشات حكومة بنكيران السابقة، وبأن حزب العدالة والتنمية يقف خلفه، وأن مسلسل الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية سيتواصل. لكن إلى الآن، لم يقنع الدكتور العثماني إلا القلة من المراقبين بأنه قادر على إحياء العملية السياسية التي أصيبت بعطب كبير، عندما جرى منع بنكيران من تشكيل حكومةٍ تتوافق ونتائج الاقتراع، خصوصاً بعدما جرى توزيع الحقائب الوزارية في حكومة العثماني، بشكلٍ لا يتوافق مع الوزن السياسي لأحزاب الدولة، حتى قيل إن "العدالة والتنمية" (إسلامي معتدل) خرج منتصراً في الانتخابات، لكنه دخل منهزماً إلى الحكومة.
يمكن تلخيص مجمل المشهد السياسي المغربي، بتعقيداته القديمة والجديدة، في الحقائق التالية:
أولاً: القوس الذي فتحه الربيع العربي في المشهد المغربي قبل سبع سنوات جرى غلقه السنة الماضية، ورجع ميزان القوى إلى شكله القديم، حيث المؤسسة الملكية تسود وتحكم شبه منفردة، مع وجود حكومةٍ تلعب أدوارًا هامشية، وبرلمان لا يقدم ولا يؤخر، في وقتٍ عقدت فيه آمال كبيرة على الدستور الجديد (2011) الذي فتح المجال لإمكانية ميلاد حكومات مسؤولة وبرلمانات قوية وأحزاب فاعلة مع إمكانية التناوب على السلطة، في ظل انتخابات مفتوحة، لكن هذا كله صار اليوم من الماضي، ورجعنا إلى وضع ما قبل 2011.
ثانياً: أصبحت الأحزاب المغربية كلها اليوم على هامش الحياة السياسية، وكلها تعيش أزمة "بطالة سياسية". .. تحول نصر "العدالة والتنمية" الانتخابي إلى هزيمة سياسية، وهو منقسم اليوم حول الطريقة الممكنة لاستعادة المبادرة. يعيش حزب الأصالة والمعاصرة الذي تشكل في حجر السلطة للقضاء على الإسلاميين أزمة قيادة، بعد فشله في تشكيل بديل عن الحزب الإسلامي. طرد حزب الاستقلال أمينه العام السابق، حميد شباط، من قيادته، وجاء بأمين عام يتصرف كأنه تكنوقراطي في حزب سياسي، وينتظر المبادرة أن تأتيه من فوق. وحزب الأحرار يلعب في التوقيت الميت للسياسة، ويتصور أن المال يصنع الزعامة، وأن الشركة يمكن أن تعوّض الحزب، ويمكن أن يغطّي التواصل على غياب المشروع. أما الاتحاد الاشتراكي فإنه صار يتيماً لا يعيش من دون كفيل، وهو يناضل يومياً من أجل مشروع "نسيان الماضي" الذي يثقل كاهل الحاضر. باقي الأحزاب إما صغيرة لا تأثير لها، أو طفيلية ضررها أكثر من نفعها.
ثالثاً: الحراك السياسي والاجتماعي الأهم في مغرب اليوم لا يوجد داخل المؤسسات، ولا داخل الأحزاب، أو النقابات، بل يوجد في الشارع، حيث يخرج الناس للتظاهر في أطراف البلاد وفي المدن البعيدة عن المركز من أجل فرص الشغل أو الخبز أو الماء أو الكرامة، حدث هذا في مدن الحسيمة وزاكورة وجرادة والناظور وغيرها. أصبح التظاهر في الشارع الملاذ الأخير للناس، وأضحى مكبر الصوت الوسيلة الوحيدة لإيصال المطالب إلى الرباط، حيث إن المؤسسات تعطلت، ولم تعد لا الأحزاب ولا الحكومة ولا البرلمان مخاطَباً موثوقاً للمواطن الذي نفذ صبره من شدة الأزمة الاجتماعية وإفلاس النموذج الاقتصادي المتبع منذ عقود.
حالة الانتظار التي طالت كانت تضعف حكومة العثماني التي لم تجد، إلى الآن، بوصلة للعمل، بعدما جرى نوعٌ من "الانقلاب السياسي" على نتائج اقتراع السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2016، وإطاحة الزعيم الأكثر شعبية بين السياسيين المغاربة، عبد الإله بنكيران الذي رفض تشكيل حكومة غير منسجمة، كما رفض الخضوع لابتزاز أحزاب الدولة التي تكتلت ضده، لمنعه من تشكيل فريق وزاري قوي، يباشر الإصلاحات العميقة التي تنتظر منذ عقود.
منذ تشكيل حكومة العثماني في إبريل/ نيسان الماضي، وصاحبها يكافح من أجل إقناع الشعب بأنه سيواصل ورشات حكومة بنكيران السابقة، وبأن حزب العدالة والتنمية يقف خلفه، وأن مسلسل الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية سيتواصل. لكن إلى الآن، لم يقنع الدكتور العثماني إلا القلة من المراقبين بأنه قادر على إحياء العملية السياسية التي أصيبت بعطب كبير، عندما جرى منع بنكيران من تشكيل حكومةٍ تتوافق ونتائج الاقتراع، خصوصاً بعدما جرى توزيع الحقائب الوزارية في حكومة العثماني، بشكلٍ لا يتوافق مع الوزن السياسي لأحزاب الدولة، حتى قيل إن "العدالة والتنمية" (إسلامي معتدل) خرج منتصراً في الانتخابات، لكنه دخل منهزماً إلى الحكومة.
يمكن تلخيص مجمل المشهد السياسي المغربي، بتعقيداته القديمة والجديدة، في الحقائق التالية:
أولاً: القوس الذي فتحه الربيع العربي في المشهد المغربي قبل سبع سنوات جرى غلقه السنة الماضية، ورجع ميزان القوى إلى شكله القديم، حيث المؤسسة الملكية تسود وتحكم شبه منفردة، مع وجود حكومةٍ تلعب أدوارًا هامشية، وبرلمان لا يقدم ولا يؤخر، في وقتٍ عقدت فيه آمال كبيرة على الدستور الجديد (2011) الذي فتح المجال لإمكانية ميلاد حكومات مسؤولة وبرلمانات قوية وأحزاب فاعلة مع إمكانية التناوب على السلطة، في ظل انتخابات مفتوحة، لكن هذا كله صار اليوم من الماضي، ورجعنا إلى وضع ما قبل 2011.
ثانياً: أصبحت الأحزاب المغربية كلها اليوم على هامش الحياة السياسية، وكلها تعيش أزمة "بطالة سياسية". .. تحول نصر "العدالة والتنمية" الانتخابي إلى هزيمة سياسية، وهو منقسم اليوم حول الطريقة الممكنة لاستعادة المبادرة. يعيش حزب الأصالة والمعاصرة الذي تشكل في حجر السلطة للقضاء على الإسلاميين أزمة قيادة، بعد فشله في تشكيل بديل عن الحزب الإسلامي. طرد حزب الاستقلال أمينه العام السابق، حميد شباط، من قيادته، وجاء بأمين عام يتصرف كأنه تكنوقراطي في حزب سياسي، وينتظر المبادرة أن تأتيه من فوق. وحزب الأحرار يلعب في التوقيت الميت للسياسة، ويتصور أن المال يصنع الزعامة، وأن الشركة يمكن أن تعوّض الحزب، ويمكن أن يغطّي التواصل على غياب المشروع. أما الاتحاد الاشتراكي فإنه صار يتيماً لا يعيش من دون كفيل، وهو يناضل يومياً من أجل مشروع "نسيان الماضي" الذي يثقل كاهل الحاضر. باقي الأحزاب إما صغيرة لا تأثير لها، أو طفيلية ضررها أكثر من نفعها.
ثالثاً: الحراك السياسي والاجتماعي الأهم في مغرب اليوم لا يوجد داخل المؤسسات، ولا داخل الأحزاب، أو النقابات، بل يوجد في الشارع، حيث يخرج الناس للتظاهر في أطراف البلاد وفي المدن البعيدة عن المركز من أجل فرص الشغل أو الخبز أو الماء أو الكرامة، حدث هذا في مدن الحسيمة وزاكورة وجرادة والناظور وغيرها. أصبح التظاهر في الشارع الملاذ الأخير للناس، وأضحى مكبر الصوت الوسيلة الوحيدة لإيصال المطالب إلى الرباط، حيث إن المؤسسات تعطلت، ولم تعد لا الأحزاب ولا الحكومة ولا البرلمان مخاطَباً موثوقاً للمواطن الذي نفذ صبره من شدة الأزمة الاجتماعية وإفلاس النموذج الاقتصادي المتبع منذ عقود.