الحال في المستشفيات الحكوميّة المصرية يُنذر بكارثة صحيّة، خصوصاً بالنسبة لمرضى الكلى الذين يعانون بسبب نقص الأجهزة أو قِدمها، إضافة إلى قلة عدد الكادر الصحي، الأمر الذي يهدد حياة آلاف المرضى
تصاعدت أزمة نقص أجهزة الغسل الكلوي في المستشفيات الحكومية المصرية، وتهالك تلك الأجهزة، ونقص عدد الأسرّة، الأمر الذي يهدّد بأزمة صحية، في ظلّ تأخر جلسات الغسل المقررة، بحسب تأكيد أطباء متخصصين. وتتفاقم المشكلة مع استيراد أجهزة غسل كلوي مستعملة وغير صالحة للاستخدام، ما يؤدي إلى الإصابة بأمراض أخرى مثل فيروس نقص المناعة البشرية "إيدز" وفيروس التهاب الكبد "سي".
قلة عدد الأطباء
وكانت الجمعية المصرية للكلى قد حذّرت وزارة الصحة من مخاطر تهالك أجهزة الغسل الكلوي، والتي تهدّد بوفاة العشرات أثناء علاجهم. كما حذّرت من تكرار الكارثة التي عانت منها مستشفى ديرب نجم في محافظة الشرقية، في سبتمبر/أيلول عام 2018، حين توفي عشرات مرضى الغسل الكلوي، عدا عن إصابة آخرين بغيبوبة نتيجة تهالك الأجهزة. وأبدت الجمعية في تقارير انزعاجها الشديد من المأساة في المحافظات، نظراً لما يواجهه المرضى من مخاطر عدة قد تودي بحياتهم، واحتمال انتقال الفيروس أثناء الغسل، عدا عن نقص الأدوية وقلة عدد الأطباء والممرضين وزيادة عدد المرضى والوفيات سنوياً.
المرضى إلى تزايد
يكشف مسؤول في وزارة الصحة المصرية أنّ عدد مرضى الفشل الكلوي داخل البلاد يتجاوز المائة ألف، في وقت يؤكد عضو اللجنة الصحية في مجلس النواب، حاتم عبد الحميد، أنه مريض بالفشل الكلوي، مشيراً إلى أن عدد مرضى الفشل الكلوي في مصر يصل إلى المليون. علماً أن الكثير من المرضى يعالجون في مراكز خاصة ومستشفيات خمس نجوم وجمعيات خيرية. ويؤكّد أن جميع هؤلاء ليسوا مدرجين ضمن الأعداد التي أعلنتها الوزارة، موضحاً أن مشكلة الغسل الكلوي في مصر ليست في طاقم التمريض، بل في أجهزة الغسل الكلوي التي عفى عليها الزمن.
اقــرأ أيضاً
ويتابع المسؤول في وزارة الصحة قائلاً إن معظم مرضى الكلي في مصر دون سن الـ 50 عاماً، في دلالة واضحة على تردّي الرعاية الصحية، علماً أن المرض في الدول الأوروبية يطاول من هم في سن 70 عاماً وما فوق. كما أنّ معظمهم مهدد بالموت في أية لحظة، ويموت 25 في المائة سنوياً، في حين لا تتجاوز النسبة العالمية للوفاة بهذا المرض 10 في المائة. كما يقدر عدد أجهزة الغسل الكلوي في المستشفيات الحكومية والجامعية بنحو 17 ألفا، كلّ واحد يخدم 6 مرضى في المتوسط يومياً، وكلفة صيانة الجهاز الواحد تصل إلى 5 آلاف جنيه (نحو 300 دولار) سنوياً. ولا تخصّص وزارة الصحة أية مبالغ لصيانة وحدات الغسل الكلوي، وتعتمد المستشفيات أحياناً على التبرعات، مؤكداً أن 40 في المائة من أجهزة الغسل الكلوي في مصر تعمل بربع كفاءتها، خصوصاً أن عمر بعضها يعود إلى تسعينيات القرن الماضي. كما يعاني المرضى يومياً بسبب نقص الأدوية وارتفاع أسعارها.
فيروس التهاب الكبد "سي"
يقول أستاذ الكلى والمسالك البولية في جامعة القاهرة، عادل حسين، إنه أخذ عينة تشمل 600 مريض بالفشل الكلوي في محافظات الوجه البحري، لدراسة الأمراض الأخرى التي يحملونها. وتبين أن أكثر من 70 في المائة من هؤلاء المرضى يحملون أمراضاً خطيرة وقاتلة، من بينها فيروس سي، وضعف عضلة القلب، وسيلان الدم، وأمراض عيون وغيرها. ووصف النتيجة بـ "المثيرة للقلق الشديد"، موضحاً أن المستشفيات تعاني من قلة وحدات الغسل الكلوي، وعدم توفر العلاج اللازم، وتهالك أجهزة الغسل الكلوي، وقلة عددها مقارنة بأعداد المرضى. كما تُعاني عجزاً في الموارد البشرية، خصوصاً الممرضين.
من جهته، يحذّر أستاذ الكلى والمسالك البولية في جامعة الأزهر، أحمد يوسف، من خطورة تدنّي مستوى العمل بوحدات الغسل الكلوي في كافة المحافظات، مشيراً إلى أن الكثير من المستشفيات أغلقت تلك الوحدات نتيجة تعطّل الأجهزة، ما أدى إلى أزمة في مستشفيات أخرى بسبب زيادة عدد المرضى ومضاعفة العمل فيها، خصوصاً أن المريض يحتاج إلى ثلاث جلسات غسل أسبوعياً. ويشدد على أن عدم توفر الأدوية يدفع المريض إلى شراء بعضها من الخارج بأسعار مضاعفة لا يستطيع تحمّلها، لتتفاقم معاناة آلاف مرضى الغسل الكلوي. ويطالب الحكومة بالعمل على التخفيف عن المرضى، إضافة إلى صرف بدل مادي للمرضى الذين يقطعون مسافات بعيدة، وزيادة عدد وحدات الغسل.
اقــرأ أيضاً
ويشكو آلاف المرضى في مصر بسبب سوء أجهزة الغسل الكلوي في المستشفيات وتهالك المئات منها، ما يهدّد حياتهم. ويؤكد أحمد عبد الكريم، الذي يعاني من المرض، أن أجهزة الغسل غير فعالة، ما يزيد معاناته مع المرض، بخلاف ما يواجهه من صعوبات في رحلة العلاج من نقص الأدوية اللازمة للعلاج، منها حقن الدم وارتفاع أسعارها التي تصل إلى 350 جنيها (نحو 20 دولاراً)، وعدم القدرة على تحمّل شراء المستورد نتيجة ارتفاع الأسعار.
ويلفت محمد مهدي، أحد المرضى، إلى أن مستلزمات الغسل غير صالحة، وتستخدم الفلاتر أكثر من مرة في جلسات الغسل من دون تعقيم، ما يعرّض حياة المريض للخطر، عدا عن إصابته بفيروس "سي" وأمراض القلب بسبب الإهمال. ووصل الأمر في بعض الأحيان إلى تولّي مرضى تشغيل أجهزة الغسل لمرضى آخرين من دون أي تدخل من الممرضين أو الأطباء بسبب انشغالهم بأعمال أخرى أو قلة أعدادهم. وتقول مريضة تدعى نجاح محمد، وهي في العقد الرابع من العمر، إن مرضى الفشل الكلوي ليس لهم عمر، مشيرة إلى أن "وحدات الغسل الكلوي في بلادنا تسرع الموت". تضيف: "الواقع لا يسُرّ أحداً، لأن الأجهزة قديمة ومتهالكة، والمريض يغادر جلسة العلاج وهو في حالة إعياء شديد. حتى إن كثيرين يموتون خلال الجلسة أو بعدها بساعات، بل وتحدث أعطال كثيرة أثناء الجلسة من دون تدخّل من أي أحد".
قلة عدد الأطباء
وكانت الجمعية المصرية للكلى قد حذّرت وزارة الصحة من مخاطر تهالك أجهزة الغسل الكلوي، والتي تهدّد بوفاة العشرات أثناء علاجهم. كما حذّرت من تكرار الكارثة التي عانت منها مستشفى ديرب نجم في محافظة الشرقية، في سبتمبر/أيلول عام 2018، حين توفي عشرات مرضى الغسل الكلوي، عدا عن إصابة آخرين بغيبوبة نتيجة تهالك الأجهزة. وأبدت الجمعية في تقارير انزعاجها الشديد من المأساة في المحافظات، نظراً لما يواجهه المرضى من مخاطر عدة قد تودي بحياتهم، واحتمال انتقال الفيروس أثناء الغسل، عدا عن نقص الأدوية وقلة عدد الأطباء والممرضين وزيادة عدد المرضى والوفيات سنوياً.
المرضى إلى تزايد
يكشف مسؤول في وزارة الصحة المصرية أنّ عدد مرضى الفشل الكلوي داخل البلاد يتجاوز المائة ألف، في وقت يؤكد عضو اللجنة الصحية في مجلس النواب، حاتم عبد الحميد، أنه مريض بالفشل الكلوي، مشيراً إلى أن عدد مرضى الفشل الكلوي في مصر يصل إلى المليون. علماً أن الكثير من المرضى يعالجون في مراكز خاصة ومستشفيات خمس نجوم وجمعيات خيرية. ويؤكّد أن جميع هؤلاء ليسوا مدرجين ضمن الأعداد التي أعلنتها الوزارة، موضحاً أن مشكلة الغسل الكلوي في مصر ليست في طاقم التمريض، بل في أجهزة الغسل الكلوي التي عفى عليها الزمن.
ويتابع المسؤول في وزارة الصحة قائلاً إن معظم مرضى الكلي في مصر دون سن الـ 50 عاماً، في دلالة واضحة على تردّي الرعاية الصحية، علماً أن المرض في الدول الأوروبية يطاول من هم في سن 70 عاماً وما فوق. كما أنّ معظمهم مهدد بالموت في أية لحظة، ويموت 25 في المائة سنوياً، في حين لا تتجاوز النسبة العالمية للوفاة بهذا المرض 10 في المائة. كما يقدر عدد أجهزة الغسل الكلوي في المستشفيات الحكومية والجامعية بنحو 17 ألفا، كلّ واحد يخدم 6 مرضى في المتوسط يومياً، وكلفة صيانة الجهاز الواحد تصل إلى 5 آلاف جنيه (نحو 300 دولار) سنوياً. ولا تخصّص وزارة الصحة أية مبالغ لصيانة وحدات الغسل الكلوي، وتعتمد المستشفيات أحياناً على التبرعات، مؤكداً أن 40 في المائة من أجهزة الغسل الكلوي في مصر تعمل بربع كفاءتها، خصوصاً أن عمر بعضها يعود إلى تسعينيات القرن الماضي. كما يعاني المرضى يومياً بسبب نقص الأدوية وارتفاع أسعارها.
فيروس التهاب الكبد "سي"
يقول أستاذ الكلى والمسالك البولية في جامعة القاهرة، عادل حسين، إنه أخذ عينة تشمل 600 مريض بالفشل الكلوي في محافظات الوجه البحري، لدراسة الأمراض الأخرى التي يحملونها. وتبين أن أكثر من 70 في المائة من هؤلاء المرضى يحملون أمراضاً خطيرة وقاتلة، من بينها فيروس سي، وضعف عضلة القلب، وسيلان الدم، وأمراض عيون وغيرها. ووصف النتيجة بـ "المثيرة للقلق الشديد"، موضحاً أن المستشفيات تعاني من قلة وحدات الغسل الكلوي، وعدم توفر العلاج اللازم، وتهالك أجهزة الغسل الكلوي، وقلة عددها مقارنة بأعداد المرضى. كما تُعاني عجزاً في الموارد البشرية، خصوصاً الممرضين.
من جهته، يحذّر أستاذ الكلى والمسالك البولية في جامعة الأزهر، أحمد يوسف، من خطورة تدنّي مستوى العمل بوحدات الغسل الكلوي في كافة المحافظات، مشيراً إلى أن الكثير من المستشفيات أغلقت تلك الوحدات نتيجة تعطّل الأجهزة، ما أدى إلى أزمة في مستشفيات أخرى بسبب زيادة عدد المرضى ومضاعفة العمل فيها، خصوصاً أن المريض يحتاج إلى ثلاث جلسات غسل أسبوعياً. ويشدد على أن عدم توفر الأدوية يدفع المريض إلى شراء بعضها من الخارج بأسعار مضاعفة لا يستطيع تحمّلها، لتتفاقم معاناة آلاف مرضى الغسل الكلوي. ويطالب الحكومة بالعمل على التخفيف عن المرضى، إضافة إلى صرف بدل مادي للمرضى الذين يقطعون مسافات بعيدة، وزيادة عدد وحدات الغسل.
ويشكو آلاف المرضى في مصر بسبب سوء أجهزة الغسل الكلوي في المستشفيات وتهالك المئات منها، ما يهدّد حياتهم. ويؤكد أحمد عبد الكريم، الذي يعاني من المرض، أن أجهزة الغسل غير فعالة، ما يزيد معاناته مع المرض، بخلاف ما يواجهه من صعوبات في رحلة العلاج من نقص الأدوية اللازمة للعلاج، منها حقن الدم وارتفاع أسعارها التي تصل إلى 350 جنيها (نحو 20 دولاراً)، وعدم القدرة على تحمّل شراء المستورد نتيجة ارتفاع الأسعار.
ويلفت محمد مهدي، أحد المرضى، إلى أن مستلزمات الغسل غير صالحة، وتستخدم الفلاتر أكثر من مرة في جلسات الغسل من دون تعقيم، ما يعرّض حياة المريض للخطر، عدا عن إصابته بفيروس "سي" وأمراض القلب بسبب الإهمال. ووصل الأمر في بعض الأحيان إلى تولّي مرضى تشغيل أجهزة الغسل لمرضى آخرين من دون أي تدخل من الممرضين أو الأطباء بسبب انشغالهم بأعمال أخرى أو قلة أعدادهم. وتقول مريضة تدعى نجاح محمد، وهي في العقد الرابع من العمر، إن مرضى الفشل الكلوي ليس لهم عمر، مشيرة إلى أن "وحدات الغسل الكلوي في بلادنا تسرع الموت". تضيف: "الواقع لا يسُرّ أحداً، لأن الأجهزة قديمة ومتهالكة، والمريض يغادر جلسة العلاج وهو في حالة إعياء شديد. حتى إن كثيرين يموتون خلال الجلسة أو بعدها بساعات، بل وتحدث أعطال كثيرة أثناء الجلسة من دون تدخّل من أي أحد".