خارج المستشفيات أو المراكز الصحيّة، يبدو التعاطف مع مرضى السرطان أكثر وضوحاً. يبدأ ما أن ينظر مواطنون إلى شخص شاحب اللون، يضع كمّامة على وجهه، وقد تساقط شعر رأسه. لا شفقة في نظراتهم بل هي تساؤلات كثيرة. والشفقة ليست شعوراً "مذلّاً". "حرام؟". نعم حرام، فلا أحد يستحقّ أن يصاب بمرض كهذا.
غالباً، هذه هي صورة المريض. والمرضى، يشعرون بنوعٍ من المؤازرة، حين يلتقون ولو صدفة. وحدهم يعرفون كيف يكون الألم، وماذا يعني أن تكون مصاباً بالسرطان. ولو كان احتمال الموت ضئيلاً، إلّا أنه يصعب فصله عن السرطان في أذهان الناس، وإن كانت الإحصائيّات تتحدّث عن نسب شفاء لا بأس بها.
ومن دون أن يدروا، تضاف حياة جديدة إلى مرضى السرطان، وهي تلك المرحلة الفاصلة بين ما قبل المرض وما بعده. ليس بالضرورة أن يجعل السرطان المريض أكثر قوّة أو أكثر ضعفاً. ربّما تختلف نظرته إلى الحياة، ولا يغيب عنه فعل المقارنة بين زمنين باتا من الماضي (زمن ما قبل المرض وزمن المرض)، ليعرف ما يجب أن يكونه في المستقبل. ولهذا الصراع قصّة أخرى.
.. وفي المستقبل، كلّ شيء عادي وما من أمرٍ يستحقّ العناء. ولا قيمة للمشاعر أمام احتمال الموت. حزن أو غضب أو حب وغيرها كثير. مرضى السرطان أكثر قرباً من الموت. كأنّه ثابت خارج باب البيت ويختبئ خلف شجرة أو زهرة ليطلّ برأسه في الوقت المناسب. احتمال الموت يصير مشهداً لا يفارق مرضى السرطان، وإذا ما اختفى، تظهر الحياة. هما مثل ليل ونهار يتبارزان، ليكون هناك فائز واحد في النهاية.
كلّ هذه الأفكار أو المشاعر لا يعرف الأطباء المتخصّصون في الأورام السرطانيّة شيئاً عنها، طالما أنه لا يمكن ترجمتها إلى أرقام أو نسب أو ما شابه ذلك. فإذا قال المريض إنه يتألّم، يردّ الطبيب "طبيعي". الحزن أيضاً "طبيعي". الكآبة، اللون الشاحب، الملامح التي تختفي، الموت.. "طبيعي". وقد لا يسأله شيئاً على سبيل المجاملة. مثلاً، كيف كانت جلسة العلاج الكيميائي الأخيرة؟ هل تألّمت؟
داخل المستشفيات، تسقط المشاعر لصالح أورام تكبر وتصغر، وأمصال ذات أسماء غريبة، والعدد المتبقي لجلسات العلاج الكيميائي، ونسب الحياة والموت. الإنسان هنا جزءٌ من مسح سيجرى لاحقاً. وهو، إمّا يساهم في رفع نسب "النجاة" أو العكس..
المريض نفسه، وبعدما يتحوّل إلى ناجٍ، قد يعيد جدولة تفاصيل كثيرة في حياته. الأولويّة له أو لمشاعره أو للآخرين؟ هل تكون الحياة مجرّد موت مؤجّل؟ هل يعدّ أولئك الذين يقتربون من الموت أكثر حظاً من الآخرين؟ هل من أجوبة؟
اقــرأ أيضاً
غالباً، هذه هي صورة المريض. والمرضى، يشعرون بنوعٍ من المؤازرة، حين يلتقون ولو صدفة. وحدهم يعرفون كيف يكون الألم، وماذا يعني أن تكون مصاباً بالسرطان. ولو كان احتمال الموت ضئيلاً، إلّا أنه يصعب فصله عن السرطان في أذهان الناس، وإن كانت الإحصائيّات تتحدّث عن نسب شفاء لا بأس بها.
ومن دون أن يدروا، تضاف حياة جديدة إلى مرضى السرطان، وهي تلك المرحلة الفاصلة بين ما قبل المرض وما بعده. ليس بالضرورة أن يجعل السرطان المريض أكثر قوّة أو أكثر ضعفاً. ربّما تختلف نظرته إلى الحياة، ولا يغيب عنه فعل المقارنة بين زمنين باتا من الماضي (زمن ما قبل المرض وزمن المرض)، ليعرف ما يجب أن يكونه في المستقبل. ولهذا الصراع قصّة أخرى.
.. وفي المستقبل، كلّ شيء عادي وما من أمرٍ يستحقّ العناء. ولا قيمة للمشاعر أمام احتمال الموت. حزن أو غضب أو حب وغيرها كثير. مرضى السرطان أكثر قرباً من الموت. كأنّه ثابت خارج باب البيت ويختبئ خلف شجرة أو زهرة ليطلّ برأسه في الوقت المناسب. احتمال الموت يصير مشهداً لا يفارق مرضى السرطان، وإذا ما اختفى، تظهر الحياة. هما مثل ليل ونهار يتبارزان، ليكون هناك فائز واحد في النهاية.
كلّ هذه الأفكار أو المشاعر لا يعرف الأطباء المتخصّصون في الأورام السرطانيّة شيئاً عنها، طالما أنه لا يمكن ترجمتها إلى أرقام أو نسب أو ما شابه ذلك. فإذا قال المريض إنه يتألّم، يردّ الطبيب "طبيعي". الحزن أيضاً "طبيعي". الكآبة، اللون الشاحب، الملامح التي تختفي، الموت.. "طبيعي". وقد لا يسأله شيئاً على سبيل المجاملة. مثلاً، كيف كانت جلسة العلاج الكيميائي الأخيرة؟ هل تألّمت؟
داخل المستشفيات، تسقط المشاعر لصالح أورام تكبر وتصغر، وأمصال ذات أسماء غريبة، والعدد المتبقي لجلسات العلاج الكيميائي، ونسب الحياة والموت. الإنسان هنا جزءٌ من مسح سيجرى لاحقاً. وهو، إمّا يساهم في رفع نسب "النجاة" أو العكس..
المريض نفسه، وبعدما يتحوّل إلى ناجٍ، قد يعيد جدولة تفاصيل كثيرة في حياته. الأولويّة له أو لمشاعره أو للآخرين؟ هل تكون الحياة مجرّد موت مؤجّل؟ هل يعدّ أولئك الذين يقتربون من الموت أكثر حظاً من الآخرين؟ هل من أجوبة؟