هذه الأسئلة تبدو ساذجة أو غريبة للوهلة الأولى، لكنها تُطرح بجديّة في الولايات المتحدة، حيث تسود الصور النمطيّة الأحاديّة عندما يتعلق الأمر بالمسلمين. وهذا ما يحاول مهرجان "Muslim funny fest" التعامل معه عن طريق عروض "ستاند أب كوميدي".
المهرجان الذي اختتم أمس في مدينة نيويورك، أسّسه عبيد الله دين، الكوميدي والإعلامي الأميركي من أصل فلسطيني - إيطالي، وميسون زايد الأميركية من أصل فلسطيني. ويشترك فيه أكثر من خمسة عشر فناناً كوميدياً، أغلبهم من خلفيات ودول مسلمة مختلفة، وضعوا مجتمعاتهم وخلفياتهم وعلاقتهم بالولايات المتحدة تحت المجهر.
ليس هذا أول مشروع في المجال، فقد أسّس عبيد الله وزايد "المهرجان العربي الأميركي للكوميديا" قبل 12 عاماً، واستمر بنجاح في عدّة مدن أميركيّة. يحاول هذا المهرجان الجديد، بحسب مؤسّسيه "أن يبني جسراً مع الأميركيين غير المسلمين لإطلاعهم على تنوّع ثقافات المسلمين الأمركيّين، ومحاربة الصورة النمطية عنهم بالضحك".
يأتي هذا بعد انتشار رُهاب أو فوبيا الإسلام، إضافة إلى العنف المرتبط باسمه عند كثير من الأميركيين، لأسباب عدّة من بينها، أحداث 11 سبتمبر وممارسات "داعش".
يتناول الكوميديّون مواضيع سياسية واجتماعية مختلفة داخل وخارج مجتمعاتهم، وعلاقة الأقلّيات بمجتمع الأغلبية أو بأقليات أخرى. فيركز كثير منهم على مشاكلهم مع عائلاتهم من جيل الآباء المهاجرين الأوائل والصدامات التي تنشأ بسبب اختلاف المرجعيات والتجارب، أو علاقتهم بالسلطة والدولة وتجسّس الاستخبارات الأميركية على المواطنين المسلمين.
تحتل ممارسات "تنظيم الدولة" (داعش) وحضوره في الإعلام ووضعُ كلّ المسلمين في سلّة واحدة معها، حيزاً مهمّاً في القضايا التي يطرحها المهرجان، إذ يحاول القائمون عليه تحفيز الجمهور على إعادة النظر في الصور النمطية والمغرضة عن المسلمين، وإظهار التنوع الموجود داخل الجاليات المسلمة.
نفدت تذاكر الحفلات الثلاث التي أقيمت، واستقبلت الكثير من وسائل الإعلام الأميركي المهرجان بشكل إيجابي وقدمت تغطيات عديدة له، كمحطّة "أم إس إن بي سي". لكن يمكن للمتابع لظهور عبيد الله وزايد في وسائل الإعلام أن يلحظ ميلاً إلى نبرة "اعتذارية" عند الإجابة على الأسئلة، التي لا تخلو من سذاجة وتعميميّة، خاصة في ما يتعلّق بالقضية الفلسطينية و"نبذ العنف" والموقف من حركة المقاومة الإسلامية "حماس".
هنا تظهر إشكالية وتعقيد وضع المسلمين أو العرب الأميركيين الذين يسعون إلى أن يكونوا مقبولين في الإعلام السائد وأن تحصل فعالياتهم على تغطية إعلامية واسعة. فهم يقعون، دون شك، بين "المطرقة والسندان"؛ أي بين الرغبة في الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الجمهور الأميركي، وبين ضرورة انتقاد مجتمع الأغلبية وسياسته، وهو ما يفعله الكوميديون عادة.
قد يعوّض هذا الظهور الإعلامي "الاعتذاري" أحياناً، تقديم الكوميديين وصلات جريئة على المسرح لا تتردد في سخريتها من مجتمعاتهم أو مجتمع الأغلبية والسياسة الأميركية.
لطالما كانت الكوميديا في الولايات المتحدة ملاذاً للأقليات، وطريقاً لهم لمحاولة الدخول إلى حيّز الأغلبية بطريقة آمنة ومسالمة لا تشكّل تهديداً. لكن يبدو أن طريق الكوميديين المسلمين والعرب سيكون أكثر وعورة.