القرار، الذي جاء ضمن بيان لمجلس الأمن الوطني العراقي، وهو المجلس الذي يضم وزراء الداخلية والدفاع والأمن الوطني وجهاز المخابرات ورئاسة أركان الجيش، ويرأسه رئيس الوزراء، وبالتزامن مع دعوات استئناف التظاهرات وترقب صدور نتائج التحقيق الخاصة بقتل المتظاهرين والانتهاكات التي رافقت التظاهرات في جنوب ووسط البلاد، فضلا عن العاصمة بغداد، اعتبر أيضا كمؤشر على أن الحكومة غير واثقة من أن خطواتها الإصلاحية ستكون كافية لإنهاء التظاهرات في البلاد.
وأكد مسؤول عراقي رفيع في بغداد، لـ"العربي الجديد"، أن القوة الجديدة التي ستتشكل خلال أسابيع قليلة "ستضم بضعة آلاف ولن تكون قوة كبيرة"، مبينا أن "قوة حفظ القانون سوف تستخدم تطوعا جديدا، لكن بأعداد قليلة جداً، كما ستعتمد على عناصر من قوات الرد السريع وشرطة الطوارئ لتشكيل القوة الجديدة بهم، ولا يعني ذلك أنه سيتم حل جهاز فض الشغب"، المتهم الأول بالعنف ضد المتظاهرين ببغداد والجنوب.
وأكد المسؤول العراقي أن "القرار جاء لامتصاص الغضب العالمي على عمليات القمع، حيث تعهدت الحكومة بالحفاظ على المتظاهرين، وأكدت أنها لا تملك قوات متخصصة للتعامل مع المتظاهرين والعنف المفرط، بسبب أن القوات الأمنية قتالية وشاركت بالحرب ضد "داعش"، ويغلب عليها العنف وعدم حسن التصرف بالمدن"، مشيرا إلى أن "القرار الحكومي لم يحظ بإجماع داخل مجلس الأمن الوطني العراقي، وهناك من تحفظ عليه واعتبره حلقة زائدة ورسالة غير جيدة للشارع العراقي".
من جانبه، قال القيادي في التيار الصدري حاكم الزاملي، لـ"العربي الجديد"، إن "القرار في الوقت الحالي غير سليم"، موضحاً أن "هذه القوة تحتاج إلى معسكرات جديدة وبنايات ومعدات وأسلحة وقادة وآمرين ومنتسبين، وهذه الأمر يكلف الدولة العراقية أموالا طائلة، نحتاج صرفها لتوفير الخدمات للمواطنين والقضاء على البطالة".
وبين الزاملي أن "تدريب وتجهيز قوات مكافحة الشغب وتجهيزها بمعدات وأجهزة متطورة وتدريب عناصرها على التعامل المهني مع المتظاهرين، أفضل من تشكيل قوة إضافية".
وحذر القيادي في التيار الصدري من أن "ضم أي عناصر غير معروفة لقوة حفظ القانون، أو عناصر تابعة لجماعات مسلحة، سوف يزيد من تعقيد المشهد الأمني والوضع السياسي في البلد بصورة عامة"، مضيفاً: "نتوقع أن هذه القوة تشكلت من أجل مواجهة تظاهرات 25 أكتوبر، خصوصاً أن هناك دعوات شعبية للمشاركة الكبيرة بهذه التظاهرات المرتقبة".
في المقابل، أكدت لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي عدم عملها بتشكيل قوة حفظ القانون، مبينة أنها سمعت بها من خلال وسائل الإعلام، كباقي المواطنين.
وقال عضو اللجنة النائب فالح العيساوي، لـ"العربي الجديد"، إن "مجلس النواب ليس لديه أي معلومات عن هذه القوة إطلاقاً، وهو سمع بها من خلال وسائل الإعلام"، مبيناً أن "رئيس الوزراء أعلن عن تشكيل هذه القوة، وهذا من صلاحيته، لكن السؤال هل هذه القوة مؤقتة، سوف يسن لها قانون، وعناصرها سيكونون من الدفاع أو الداخلية".
وأكد العيساوي أن "لجنة الأمن والدفاع البرلمانية سوف تستضيف الجهات الحكومية بهذا الأمر لمناقشة قضية تشكيل هذه القوة ولمعرفة من هم عناصرها وما هي واجباتها ومهامها".
وختم عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية بقوله إنه "كان على عبد المهدي أن يعلم لجنة الأمن والدفاع، وكذلك البرلمان، بتشكيل هكذا قوة قبل الإعلان عنها في وسائل الإعلام".
محمد الربيعي (32 عاما) قال لـ"العربي الجديد"، إن "القوة الجديدة تعني أن الحكومة تعرف مسبقا أن إصلاحاتها وقراراتها مجرد شعارات ووسائل لتخدير الشارع، لذلك عمدت إلى تشكيل قوة لمواجهة التظاهرات"، مضيفا: "عمليا القوة يمكن اعتبارها عنصر قمع إضافي ورسالة واضحة من الحكومة، ولو كانت تريد الإصلاح فعلا لذهبت إلى تخصيص مبالغ للعاطلين والفقراء على الأقل يمكن أن تقلل عدد من يتظاهرون ضدها في الشارع".
من جهته، أكد أحمد حسين (23 عاما) أن القوة الجديدة "تعني أن المسؤولين في الدولة يتوقعون تظاهرات، لذلك سنتظاهر"، مبينا، لـ"العربي الجديد"، أنهم أصيبوا بخيبة أمل من الإعلان هذا، غير أن الناشط علي العبيدي قال لـ"العربي الجديد"، متهكما "يجب أن نجرب هذه القوة. سنساعدهم على تدشين القوة ومباشرة عناصرها العمل في تظاهرات يوم 25، وعليهم أن يتأكدوا هم وغيرهم من عناصر الأمن أننا نتظاهر من أجل كل العراقيين، بمن فيهم أسر عناصر الأمن ومستقبلهم".