في أثناء احتفالات نوبل، وأجواء الاهتمام والاحتفاء بأعظم الأعمال العلمية والفلسفية والأدبية، ربما تجدر الإشارة إلى أنه من السهل أن يتعلم الأطفال المهتمون بالعلوم مثلًا عن تلك الجائزة، وأهميتها، وكيفية اختيار مرشحيها، وأهمية العلم بشكل عام، وهناك دائمًا رسالة من وراء ذلك.
بالطبع يمكن أن نبدأ مع الطفل من الحكاية الرئيسية التي تقول، إن لودفيج شقيق ألفريد نوبل العالِم الشهير كان قد مات، لكن الجرائد بالخطأ نشرت نعي السيد نوبل نفسه، وهذا النعي أحزنه كثيرًا لأنهم قالوا فيه، إن السيد نوبل قد مات بعدما اخترع أسوأ شيء في تاريخ البشرية، وهو الديناميت المتفجر الذي يقتل آلاف الناس سنويًا، وقاموا بكتابة أن "تاجر الموت قد مات"، هنا شعر نوبل بخيبة أمل، وتكفيرًا لذنبه قدم تلك الجائزة، بحيث يحصل عليها كل عالم يقدم للبشرية إنجازاً عظيماً.
بدأت تلك الجائزة قبل مائة عام تقريبًا حينما قرر نوبل، والذي حصل على ثروة ضخمة جدًا بسبب هذا الاختراع، بكتابة وصيته قائلًا تلك الثروة خاصته سوف توضع في شركة كبيرة تُعطى أرباحها كهدية لهؤلاء الذين قدموا إنجازات عظيمة في مجالات علمية متعددة، كالفيزياء والكيمياء والطب.
مثلا، ويليام رونتجن، الرجل الذي اكتشف الأشعة السينية، تلك التي نستخدمها اليوم لتشخيص الكسور، والتي من دونها لن نستطيع إعادة العظام إلى مكانها، كان أول من حصل على تلك الجائزة، كذلك ألكسندر فيلمينج مكتشف البنسلين، الذي نستخدمه اليوم لعلاج كثير من الأمراض، كان أحد الذين حصلو عليها، وكان أخيرًا، أينشتين الشهير ذو الشعر غير المنتظم، حصل عليها بسبب اكتشافه ظاهرة تأثر بعض المعادن بالضوء، وبسببها صنعنا الخلايا الشمسية.
في تلك المرحلة يبحث الأب أو الأم عن جوائز نوبل والتي يمكن للطفل أن يتفهم أهميتها ثم يقوما بعرضها عليه، كل ما تحتاجه هنا كأب هو أن تدخل إلى قاعدة بيانات جائزة نوبل وتقرأ وتعلم بعض الشيء عن تلك الجوائز، ثم اختيار المناسب منها وعرضه على الطفل، سوف تجد كذلك حكايات كثيرة عن الحاصلين عليها مثل ماري كوري، والمصري أحمد زويل.
يقوم عدد يقترب من ثلاثة آلاف شخص، معظمهم من الأكاديميين، بترشيح الأقرب للجائزة، ثم تقوم مجموعة أخرى باختيار المرشحين النهائيين، ويحق لفرد واحد، و اثنين، أو ثلاثة بحد أقصى، أن يحصلوا عليها معًا، يعني الحصول على نوبل أن تحصل على: ميدالية ذهبية، ودرجة علمية، وكم كبير من المال.
هنا يتطرق ولي الأمر للنقطة الرئيسية التي تهدف كل تلك الحكاية لها، وهي أهمية العمل والاجتهاد المستمر لساعات محددة بشكل منتظم كي تحصل على جائزة كتلك، وذلك لأن أحد أكبر المشكلات التي تواجهنا في أثناء تربيتنا لأطفالنا، هي حينما نقول لهم باستمرار إنهم "أذكياء"، لأن ذلك يولد في نفس الطفل فكرة مفادها أن الذكاء فقط هو ما يصنع الفارق، فيتكاسل عن العمل.
لذلك، يجب بشكل دائم توضيح أن من يحصل على جوائز كتلك، وتقدير عظيم كهذا، وسعادة حقيقية كتلك التي يختبرونها، يحتاج أن يعمل لفترة طويلة من الزمن، لأن الجوائز ليست للأذكياء، ولكن للذين حققوا إنجازات كبيرة، حيث يتم اختيار هؤلاء المرشحين لنوبل بسبب إسهاماتهم العلمية الكثيرة على مدى عدد من السنوات السابقة للجائزة.
الطفل المجتهد، أو الذي تعلم أن يحترم أهمية الاجتهاد في مقابل الذكاء، هو هذا العالم والفيلسوف والكاتب الحقيقي الناجح في المستقبل، هناك مئات، وربما آلاف، من الأذكياء أمثال ألبرت أينشتين، وفيرنر هايزنبرج، وجيمس تشادويك، نلتقي بهم بشكل يومي في الشارع، لكن بذل الجهد فقط هو ما يصنع الفارق في الحياة.