يرى طيف واسع من الشارع العراقي أن مؤتمر إعادة إعمار العراق لم يحقّق النجاح الذي كانوا يأملونه، ملقين باللوم على الحكومة العراقية في ذلك، بسبب ما يصفونه بسوء الإدارة والفساد اللذين لولاهما لما احتاج العراق إلى مثل هذه المؤتمرات.
واختتم منتصف شهر فبراير/ شباط الجاري في الكويت مؤتمر إعادة إعمار العراق، بمشاركة أكثر من 50 دولة ولمدة ثلاثة أيام، حصل خلالها على أقل من ملياري دولار كمنح ونحو 28 مليار دولار كقروض سيادية وميسرة عرضت دول عربية وأجنبية تقديمها للعراق.
ولم تحسم الحكومة العراقية حتى الآن موقفها بشأن تلك القروض، فيما إذا كانت ستقبلها أم لا، وسط تحذيرات مراقبين اقتصاديين ومؤسسات أجنبية من تجاوز العراق قدرته على تسديد الديون الخارجية بعد ارتفاعها إلى أكثر من 120 مليار دولار.
ويقول المواطن العراقي عباس مانع إن "العراق لا يحتاج إلى أن يستجدي الأموال لأنه يملك الإمكانات البشرية والطاقات والمواهب والثروات القادرة على إعماره وإعمار دول أخرى إن شاء، لكن الفساد وسوء الإدارة حولاه إلى مستجدٍ بين الدول".
ويصف مانع حاله بأنه "يصاب بارتفاع ضغط الدم حين يسمع ويشاهد أخبار استجداء العراق المال من أجل الإعمار"، مضيفاً أن بلاده بحاجة فقط إلى قيادة لإظهار صورتها الحقيقية كبلد يمتلك الثروات التي تفوق غيره من بلدان المنطقة.
ويبدي إياد القطبي عدم قناعته بمؤتمر المانحين الدوليين، قائلاً لـ"العربي الجديد": "أنا باحث اقتصادي وغير مقتنع بالمؤتمر أصلاً ولا يعدو كونه مجاملة ليس إلا".
وتمنّى كامل التميمي (44 عاماً) أن يكون للمؤتمر واقع حقيقي ملموس والبدء بمرحلة جديدة ألا وهي مرحلة ما بعد تنظيم داعش، لكن عموم الشارع العراقي لديه نظرة تشاؤمية عما يجري من واقع سياسي وما يدور من مجريات الأحداث، التي دفعت المواطنين إلى تبني هذه النظرة.
ويضيف التميمي قائلاً "نطرح كثيراً من الأسئلة حول جدية التعهدات التي التزمت بها الدول المانحة في الكويت، وآلية حصاد ثمار هذه الخطوة التي نتمنّاها حقيقية، فإعادة الإعمار أصبحت ضرورة ملحّة للمجتمع العراقي".
وأضاف التميمي أن "هذا الدعم لو جاء حقاً ووجد الفرصة للتطبيق وفق آلية حقيقية سنكون سعداء بالدعم وهو غاية ما نتمناه".
ويقول محسن البهادلي لـ"العربي الجديد": "كنا نتطلّع ونطمح إلى الكثير من المؤتمر، لكن 30 مليار دولار، وهي مجمل التعهدات التي حصل عليها العراق، لا يمكن أن تعمر محافظة واحدة من المحافظات التي دمرت بسبب الحرب على "داعش"، فهذا الدعم قليل وخجول من قبل الدول المانحة".
وأشار البهادلي إلى أن "أغلب الشركات التي شاركت في مؤتمر الكويت كانت استثمارية لا تلبّي طموح الشارع والمواطن العراقي"، مضيفاً أن "فاتورة الحرب على "داعش" تستحق أكثر من ذلك... والمؤتمر لم يلبّ طموح المواطن العراقي وكان ضعيفاً، فالدول المانحة والولايات المتحدة الأميركية رفعت الغطاء والدعم عن المؤتمر".
وفي السياق يقول عباس عبد الحسين "أعتقد أن مخرجات مؤتمر الكويت غير مجدية وغير منصفة ولم تحقق أهداف ورغبات الشعب العراقي، لذلك نطمح إلى أن تكون القرارات أكثر جدية لخدمة المجتمع".
ويضيف عبد الرحمن لـ"العربي الجديد" أن "العراق ليس بحاجة إلى مؤتمرات لدعمه وإعماره فهو قوي بموارده وشعبه وأرضه".