لا تحلموا بميدان في روسيا

17 أكتوبر 2014
من تظاهرة ضد بوتين (فرانس برس)
+ الخط -
أن تحتلوا ساحة وتنصبوا خيامكم فيها، وتفكروا بتحويلها إلى مركز اعتصام واهتمام ونقطة جذب لأنصاركم والعاطلين عن العمل والأمل الضجرين، ومادة دائمة للإعلام، حلمٌ دونه كل شيء في روسيا البوتينية. فالكرملين يعرف معنى أن يعتصم الناس أمام العدسات، وهو أدرى بآليات اشتغال الميادين وكيف فعلت فعلها أمام عيني أجهزة موسكو الأمنية، في تبيليسي وكييف، وقبلها في بلغراد، قبل أن يحتشد ميدان القاهرة، وتشتعل الساحات العربية.

لذلك، فإذا اقتضى الأمر أن يسحق المحتجين بالمعنى الحرفي للكلمة بسلاسل الدبابات، كما حدث في بكين، فقد لا يتردد، وهو يهيئ قاعدته الشعبية لأقصى الاحتمالات، وتفيده في ذلك أيما إفادة وسائل الإيضاح السورية. إلا أنّ الكرملين يفضل خيارات أخرى لا تلطخ ادعاءاته الديمقراطية ولا تمنح الغرب ورقة جديدة ضده.

ربما من أجل ألا يصل إلى الخيار الصعب، يفعل كل ما من شأنه أن يَحول دون تشكل (ميدان). كل شيء إلا الميدان الذي ترى أوساط الكرملين في كل اشتغال غربي، حتى الاقتصادي منه، خطوة إليه. فهناك من يرى في العقوبات الاقتصادية الغربية على روسيا، لردع تدخلها في الشأن الأوكراني، محاولة لتضييق الخناق على لقمة الروس ودفعهم إلى الخروج ضد بوتين.

طبعاً، لا مجال هنا للحديث عن جدوى العقوبات الاقتصادية التي تستهدف الشعوب، ذلك أنها لم تفد يوماً في خروج المستهدفين المباشرين بها ضد الحكام، وأفقر الشرائح هي من تدفع دائماً الأثمان.

وهكذا، فبعد تشكيل لجان شعبية لمواجهة ميدان محتمل، وإلزام الجميع بالتصريح عن جنسياتهم الأجنبية، والرقابة على وسائل الاتصال، وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم السادس من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، تعديلات على المادة التاسعة من القانون الفيدرالي الخاص بـ "الاجتماعات والمسيرات والمظاهرات والاعتصامات تقيّد الأنشطة السياسية، بزمن محدد بين السابعة صباحاً والعاشرة ليلاً "، وفق التوقيت المحلي للمدن الروسية. بذلك يكون قد اختصر زمن الاعتصام أو التظاهر ساعة واحدة، عما كان عليه. فهل هذه الساعة تستحق هذا الإجراء القانوني، أم الهدف هو التذكير بمخاطر الميدان والاستعداد لمواجهته؟
المساهمون