لبنان: الاعتداء مجدداً على اللاجئين السوريين "انتقاماً" لذبح جندي

08 سبتمبر 2014
صور للاعتداءات على لاجئين سوريين (فيسبوك)
+ الخط -
خرجت حوادث الاعتداء على عمّال ولاجئين سوريين، من إطارها الفردي، في الليلتين الأخيرتين في لبنان، مع خروج مئات الشبان، في مناطق البقاع والجنوب وضاحية بيروت الجنوبية وبعض مناطق الشمال، حاملين العصي والسلاح، خصوصاً في البقاع، وإقامتهم حواجز دقّقت في الهويات واللكنات والدين.

يصف أحد الصحافيين اللبنانيين على صفحته على "فيسبوك"، ما رآه في ضاحية بيروت الجنوبية: "ما يقرب من عشرين شاباً على دراجاتهم النارية. فجأة يبدأ بعضهم بضرب أحدهم، مع سؤال "سوري أو مش سوري؟". تستنج أنّه يُضرب لأنه سوري بينهم. يصل الجيش اللبناني في الوقت الذي قرر فيه المتجمهرون وقف الضرب. "السوري" الممزّق الثياب، هو الأثر الوحيد للإشكال. يطلب الضابط ممن بقي من الشباب المتجمهر المغادرة، بينما تهبط صفعة أخرى على وجه "السوري" من عسكري هذه المرة، يقول "وليه خلص فلّ، هلق بيضربوك".

وحصلت الاعتداءات على السوريين في عدد من المناطق اللبنانيّة، بعد ساعات على إعلان تنظيم "الدولة الإسلاميّة" (داعش)، ذبح العسكري في الجيش اللبناني عباس مدلج، المتحدّر من منطقة بعلبك. وبرّر الشبان ما قاموا به، بوصفه "انتقاماً" لذبح مدلج. 

في البقاع، قطع المسلحون طريق عرسال، واعتدوا بالضرب والتكسير على عدد من سيارات أبناء البلدة، في تكرار لمشهد يحصل منذ سنتين على تلك الطريق. وفي بريتال، أقدم عدد من الشبان على حرق خيم اللاجئين السوريين.

واشتبكت دورية تابعة لاستخبارات الجيش، مع مجموعة منهم، بعد أن تبيّن أنهم من المطلوبين للدولة اللبنانية. ودفع الخوف عدداً من اللاجئين السوريين إلى الهرب من بلدات البقاع الشمالي إلى البقاع الغربي.

أمّا جنوباً، فقد تكرّر تحذير اللاجئين السوريين من مغادرة أماكن إقامتهم، في بلدات قضاء صور والنبطية خصوصاً. كما تعرضوا للاعتداءات والتفتيش من قبل مسلحين، غير تابعين لجهة رسمية، بحجّة الخشية من انتمائهم لـ"داعش". وعندما حاول عناصر من حزب الله التصدي لهؤلاء الشبان في النبطية ليل السبت ـ الأحد، تعرضوا بدورهم للضرب.

وفي ضاحية بيروت الجنوبية، تعرض اللاجئون والعمال السوريون، لموجة واسعة من الاعتداءات والتهديدات، وطالب المعتدون من حزب الله وحركة أمل عدم التدخّل. ونقلت مصادر مختلفة دعوات المعتدين للسوريين بمغادرة مناطق إقامتهم.

انقضت الليلة الأولى (السبت - الأحد) بضرر مقبول، ضمن المعايير اللبنانية، بعد تنسيق كثيف بين الحكومة وأجهزتها الرسمية مع حزب الله وحركة أمل. ثم خرج رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام ليؤكّد في كلمة متلفزة، أنّ "النازحين السوريين أهلنا وقد استجاروا بنا، وإن كان بعض أماكن تجمّعهم قد تحوّل إلى بؤر إرهابية، فإن معالجة هذه المسألة الشاذّة يجب أن تتولاها السلطات المختصّة، حتى لا تصبح فتنتين بدل واحدة".

لكن مشهد الاعتداءات تكرر بعنف أكبر، ليل الأحد ـ الإثنين، وكأن المعتدين، أرادوا القول لرئيس الحكومة، إنّه ليس الحاكم الحقيقي للبلد. وانتشرت صور الاعتداء سريعاً، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ما أعاد التذكير بموجات الاعتداء على العمال واللاجئين السوريين، أثناء اختطاف مواطنين لبنانيين في مدينة أعزاز السورية، وخلال مظاهرات قوى الرابع عشر من آذار عام 2005، للمطالبة بالانسحاب السوري من لبنان.

وبرغم تعرّض السوريين لاعتداءات متتالية، من أطراف عدّة، لكنّ صرخات الاستنكار لم تتعدَّ حدود الشاشات الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي. غاب الضحايا وكذلك الجلادون عن السمع، في اليوم التالي، وغاب القضاء اللبناني عن التحرّك.

"رايتس ووتش": الحكومة مسؤولة

حاولت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، صباح اليوم الإثنين، الوصول إلى ضحايا الاعتداءات. "في الأغلب يخشى الضحايا تقديم الإفادات أو رفع الشكاوى، إن كان لدى الجهات الدوليّة أو في أقسام الشرطة المحليّة"، بحسب مدير مكتب منظمة "هيومن رايتس ووتش" في بيروت نديم حوري. يشير الأخير، في حديث لـ "العربي الجديد"، إلى أن "المنظمة لاحظت ارتفاع وتيرة الاعتداءات على اللاجئين السوريين منذ معركة عرسال حتى اليوم، إذ أحصينا عمليات اعتداء على اللاجئين السوريين، في البقاع وعكار، من حرق خيم وطرد لاجئين من قبل أشخاص لا يحملون صفة رسمية".

يوزّع حوري مسؤوليّة حماية اللاجئين على الدولة ووسائل الإعلام: "يجب على السياسيين خفض منسوب الاحتقان الموجّه ضد السوريين، كما يجب على الأجهزة الأمنيّة أن تتابع حوادث الاعتداء على أنّها جريمة، ولا تكتفي بالتحرك الصوَري، وعلى القضاء أن يدّعي على المتورطين ويعاقبهم". ويدعو الإعلام إلى الفصل "بين المجموعات الإرهابيّة واللاجئين الأبرياء".

المساهمون