نقل التفجير الانتحاري المزدوج في منطقة جبل محسن في طرابلس شمالي لبنان الأنظار إلى سجن رومية المركزي مجدداً (أكبر السجون في لبنان). توزعت مدرّعات فرقة الفهود، أمس الاثنين، في قوى الأمن الداخلي (فرقة النخبة) في باحة السجن المؤلف من أربعة مبانٍ، ونفذ عناصرها الملثمون مداهمات داخل الزنازين في المبنى "ب" المخصص لـ"ذوي الخصوصية الأمنية" أو الموقوفين "الإسلاميين".
يتواصل الموقوفون داخل هذا المبنى مع الخارج من خلال الهواتف الذكية والكومبيوترات التي تتوافر لهم. وقد قطع دوي القنابل الصوتية التي استخدمتها القوى الأمنية أثناء المداهمة هذا التواصل، بالتزامن مع تحليق مروحيات الجيش اللبناني في أجواء المنطقة.
وبحسب وزير الداخلية نهاد المشنوق فإن "ترابطاً بين موقوفين إسلاميين في السجن وتفجيرات جبل محسن استدعى إخلاء المبنى (ب) بهدف التفتيش عن ممنوعات". نفى المشنوق في تصريحات إعلامية وجود ترابط بين العملية الأمنية وملف العسكريين اللبنانيين المخطوفين لدى تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) و"جبهة النصرة"، إذ يطالب التنظيمان بإطلاق عدد من الموقوفين الإسلاميين في السجن مقابل إطلاق سراح العسكريين. أتى رد "النصرة" على كلام المشنوق سريعاً، عبر موقع تويتر: "إن استمرار تدهور الوضع الأمني في لبنان سيليه مفاجآت في ملف أسرى الحرب لدينا (العسكريين اللبنانيين المخطوفين لديها)".
يشكل ملف الموقوفين الإسلاميين في لبنان أحد مداخل التنظيمين لتحريك الشارع اللبناني من بوابة العسكريين المخطوفين. أُوقف معظم هؤلاء خلال عدد من الأحداث الأمنية التي شهدها لبنان، أبرزها: أحداث منطقة الضنية شمالي لبنان عام 2000، ومعركة مخيم نهر البارد (شمال لبنان) بين الجيش اللبناني وتنظيم "فتح الإسلام" عام 2007. وفي حين شمل العفو العام الذي أدى إلى إطلاق سراح رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، من السجن عام 2005 عدداً من الموقوفين الإسلاميين، يبقى عشرات المعتقلين قيد التوقيف من دون محاكمات. اتّسم توقيف هؤلاء بـ"العشوائية" بحسب ما يفيد مصدر إسلامي متابع لملف الموقوفين لـ"العربي الجديد". كما يأخذ المصدر على الحكومة "إطالة فترة اعتقال الموقوف لسنوات طويلة في حين أنّ تهم بعض الموقوفين لا تتجاوز الجناية أو حتى الشبهة".
وقد انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صور لإصابات متفاوتة بين الموقوفين الإسلاميين، رغم تأكيد المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي في بيان رسمي "عدم وقوع إصابات خلال العملية الأمنية". كما أشار البيان إلى "إقدام السجناء على إحراق الفرش الإسفنجية اعتراضاً" على الحملة.
وقد انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صور لإصابات متفاوتة بين الموقوفين الإسلاميين، رغم تأكيد المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي في بيان رسمي "عدم وقوع إصابات خلال العملية الأمنية". كما أشار البيان إلى "إقدام السجناء على إحراق الفرش الإسفنجية اعتراضاً" على الحملة.
وقال مصدر أمني لـ"العربي الجديد" إن "العملية روتينية، لكنها مشدّدة هذه المرة بسبب ارتباطات المسجونين الإسلاميين الخارجية". وعلى الرغم من وصْف العملية بـ"الروتينية"، عقدت هيئة العلماء المسلمين اجتماعاً برئاسة الشيخ، سالم الرافعي، في مدينة طرابلس شمال لبنان، لمتابعة الموضوع. وبحسب مصدر حقوقي إسلامي يُتابع ملف الموقوفين، فإن السلطات الأمنيّة اللبنانيّة رصدت اتصالات بين موقوفين وعدد من الانتحاريين الذين نفذوا عمليات في لبنان في العام الماضي، وبالانتحاريَّيْن اللذين نفذا هجوم جبل محسن المزدوج ليل السبت. ويُضيف المصدر أن العملية الأمنية تهدف إلى "نقل هؤلاء إلى مبنى يحمل الاسم "د" ويخضع لإجراءات أمنية قاسية جداً، بحق الموقوفين وزوارهم والحرس المخوّل حماية المبنى".
غرفة عمليات جهادية
مع تزايد عدد الموقوفين الإسلاميين في سجن رومية، نقلتهم إدارة السجن إلى المبنى "ب" وذلك "تفادياً لمشاكل التي اندلعت بينهم وبين الموقوفين الجنائيين، وخصوصاً الذين يتعاطون المخدرات داخل السجن" بحسب ما يفيد المصدر الحقوقي.
غرفة عمليات جهادية
مع تزايد عدد الموقوفين الإسلاميين في سجن رومية، نقلتهم إدارة السجن إلى المبنى "ب" وذلك "تفادياً لمشاكل التي اندلعت بينهم وبين الموقوفين الجنائيين، وخصوصاً الذين يتعاطون المخدرات داخل السجن" بحسب ما يفيد المصدر الحقوقي.
ويضيف أن "تدخلات سياسية سمحت لهؤلاء بالحصول على وسائل اتصال حديثة من هواتف ذكية وكومبيوترات محمولة أدخلها عناصر القوى الأمنية إليهم".
ورصدت الأجهزة الأمنية اتصالات بين المطلوب بتهمة تزويد انتحاريين بأحزمة ناسفة منذر الحسن (قتل خلال مداهمة في يوليو/تموز 2014) مع عدد من الموقوفين في رومية. كما وصلت سطوة بعض علماء الدين الموقوفين حدّ إصدار فتاوى بقتل عدد من "الجهاديين" في سورية. هذا ما حصل تحديداً مع اللبناني وليد البستاني الذي تمكن من الفرار من رومية ليلتحق بالفصائل السورية المسلحة في منطقة تلكلخ السورية، قبل أن يتم إعدامه بناء لفتوى شيخ موقوف في السجن نفسه. كما شهد المبنى إعدام سجينَين اثنين هما، عصام قندقلي ومحمد العرب (عامي 2011 و2013)، ومحاولة تصوير الأمر على أنه عملية انتحار بحسب ما أظهرته تحقيقات قوى الأمن الداخلي.
وقد افتُتح سجن رومية، أكبر السجون اللبنانية، عام 1970، بقدرة استيعابية تبلغ 1500 سجين، في حين يبلغ عدد السجناء حاليّاً قرابة الـ 5000، "بينهم 721 محكوماً" بحسب تحقيق أجرته منظمة "هيومن رايتس ووتش"، والآخرون لا يزالون موقوفين. ونتج اكتظاظ السجن عن تأخير المحاكمات لأسباب مختلفة منها "الاستحالة الأمنية" لنقل عشرات الموقوفين من السجن شمال بيروت إلى قاعة المحكمة العسكرية في قلب العاصمة، كما تُبرر الأجهزة الأمنية. ويشير تقرير "هيومن رايتس ووتش" إلى أن "حالات الوفيات والإصابات في سجن رومية بحاجة إلى تحقيق مستقل، مع تحول عدم إعلان نتائج التحقيقات الرسمية إلى أمر روتيني". كما يعاني السجناء من البنية التحتية المهترئة، ما دفع الحكومة لإطلاق ورشة تأهيل وصفها وزير الداخلية السابق، مروان شربل، بـ"غير المقبولة" بسبب الهدر. وبحسب شربل، فقد صرف 11 مليون دولار على أعمال لا تُكلف أكثر من مائة ألف دولار. وقد شهد السجن محاولات هروب فردية وجماعية أبرزها عامي 2011 و2012. نجح خلالها تسعة موقوفين من جماعة "فتح الإسلام" في الهرب وتمكنت القوى الأمنية من إعادة توقيف شخص واحد فقط.
كما شهد السجن حركات اعتراضية أبرزها عام 2009 و2011 استمرت أياماً عدة طالب السجناء خلالها بـ"تخفيض فترة انتظار المحاكمات وتحسين الأوضاع الإنسانية". أنهت القوى الأمنية حالات "التمرد"، وسط تقارير صحافية أفادت في حينها بأنها استخدمت القوة. في النهاية، برّأت تقارير الأطباء الشرعيين ساحة القوى الأمنية واضعة موت ثلاثة سجناء في خانة "توقف القلب" أو "الوفاة أثناء محاولة رد قنبلة صوتية".
وقد افتُتح سجن رومية، أكبر السجون اللبنانية، عام 1970، بقدرة استيعابية تبلغ 1500 سجين، في حين يبلغ عدد السجناء حاليّاً قرابة الـ 5000، "بينهم 721 محكوماً" بحسب تحقيق أجرته منظمة "هيومن رايتس ووتش"، والآخرون لا يزالون موقوفين. ونتج اكتظاظ السجن عن تأخير المحاكمات لأسباب مختلفة منها "الاستحالة الأمنية" لنقل عشرات الموقوفين من السجن شمال بيروت إلى قاعة المحكمة العسكرية في قلب العاصمة، كما تُبرر الأجهزة الأمنية. ويشير تقرير "هيومن رايتس ووتش" إلى أن "حالات الوفيات والإصابات في سجن رومية بحاجة إلى تحقيق مستقل، مع تحول عدم إعلان نتائج التحقيقات الرسمية إلى أمر روتيني". كما يعاني السجناء من البنية التحتية المهترئة، ما دفع الحكومة لإطلاق ورشة تأهيل وصفها وزير الداخلية السابق، مروان شربل، بـ"غير المقبولة" بسبب الهدر. وبحسب شربل، فقد صرف 11 مليون دولار على أعمال لا تُكلف أكثر من مائة ألف دولار. وقد شهد السجن محاولات هروب فردية وجماعية أبرزها عامي 2011 و2012. نجح خلالها تسعة موقوفين من جماعة "فتح الإسلام" في الهرب وتمكنت القوى الأمنية من إعادة توقيف شخص واحد فقط.
كما شهد السجن حركات اعتراضية أبرزها عام 2009 و2011 استمرت أياماً عدة طالب السجناء خلالها بـ"تخفيض فترة انتظار المحاكمات وتحسين الأوضاع الإنسانية". أنهت القوى الأمنية حالات "التمرد"، وسط تقارير صحافية أفادت في حينها بأنها استخدمت القوة. في النهاية، برّأت تقارير الأطباء الشرعيين ساحة القوى الأمنية واضعة موت ثلاثة سجناء في خانة "توقف القلب" أو "الوفاة أثناء محاولة رد قنبلة صوتية".