09 نوفمبر 2024
لبنان وجنود العم سام
ليس غريباً أن تسمع بوجود جنودٍ أو ضباط أميركيين في لبنان، بل الغريب أن يتمّ الحديث عن عددٍ محدد، وهو 70 جندياً، وكأنها "محاكاة" مرحلة مقبلة. العنوان العريض أن هؤلاء سيخوضون معارك تحرير جرود رأس بعلبك والقاع والفاكهة شرقي لبنان، كتفاً إلى كتف مع الجيش اللبناني، ضد تنظيم داعش. مع العلم أن الأمر يأتي بعد أيام من الانتهاء من وجود جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقاً)، أخيراً، إثر معارك مع حزب الله.
ودائماً، حين تُذكر الأرقام تبدأ التأويلات، خصوصاً أن الأميركيين الذين عادوا إلى العراق في عام 2014، "مستشارين" محدودي العدد لدعم السلطة الشرعية في مواجهة "داعش" في الموصل، بات عددهم بعد ثلاث سنوات من المعارك، بالآلاف، منتشرين في طول البلاد وعرضها. صحيح أن وجود "داعش" يعتبر المبرّر الأساسي لوجود الأميركيين في العراق أولاً، ثم سورية ثانياً، إلا أن وجودهم في لبنان، تحديداً في آخر أيام "داعش" فيه، يعدّ أمراً لافتاً.
ميدانياً، يبلغ عدد عناصر التنظيم في الجرود اللبنانية نحو 200 فرد، وهم محاصرون ومنهكون ومتعبون، وفقاً للمعطيات. ينتشرون على مساحاتٍ شاسعة، ولا مدى جغرافيا يربطهم بأقرب قواعدهم الرئيسية في سورية، تحديداً في الرّقة، ولا مدنيين بينهم كي يتمّ اتخاذهم دروعاً بشرية أمام أي هجومٍ ضدهم. "داعش" سيخسر في تلك الجرود، وهو أمرٌ محسوم، غير أن الوجود العسكري الأميركي سيستمر، فما دخل الأميركيون بلداً بعد انتهاء الحرب الباردة (1947 ـ 1991)، إلا وأنشؤوا القواعد العسكرية فيه. سورية نموذجاً.
مع ذلك، لا يعتبر الوجود العسكري الأميركي في لبنان "غريباً"، فعلاقة الجيش اللبناني بالجيش الأميركي ليست حديثة العهد، لأن الجيش دائماً كان يُعتبر من "حلفاء" الولايات المتحدة أيام الحرب الباردة، حتى إن الأسطول السادس الأميركي وجد مكاناً لنفسه في لبنان في عام 1958، لدعم الرئيس كميل شمعون، في مواجهة "التمدّد الشيوعي"، بحسب مبدأ الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور.
في الوقت الحالي، يجد الأميركيون المشغولون باستكمال بناء قواعدهم في سورية، سواء على المثلث الحدودي الأردني ـ السوري ـ العراقي، أو في الشمال السوري، وقتاً لمواكبة توسيع سفارتهم في لبنان، والمفترض أن تُصبح السفارة الأميركية الكبرى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وجود الأميركيين بكثافة في لبنان، حيث تأسس حزب الله، يُحدث أمراً من اثنين: صداماً طويل الأمد أو تسوية ما. الأميركيون مرنون في هذا الصدد. إن أرادوا الصدام فوفقاً لشروطهم، وإن أرادوا التسوية فعادة ما تكون بعد ضجيج سياسي أو أمني. وعلى الرغم من أن تاريخ الأميركيين، في ثمانينيات القرن العشرين في لبنان، لم يكن مريحاً أمنياً، غير أن الوقت الحالي لم يعد كالثمانينيات. التحوّلات الكثيفة منذ أكثر من ثلاثة عقود، تحديداً في محطاتٍ كالاتفاق النووي مع إيران، والتحالفات المتشابكة في الموصل والرّقة، والعقوبات المالية على أفراد من حزب الله ومقرّبين منه، تجعل من أي صدامٍ محتمل شبيه بالثمانينيات، بين الأميركيين وحزب الله، صعب التحقق، مهما كان الصوت عالياً بين الطرفين.
لن يبقى الأميركيون على عدد الـ70 جندياً. هؤلاء مجرّد "كشافة" فقط، بل ستعمد واشنطن، تباعاً، إلى زيادة عدد جنودها، وتوسيع مهامهم. وستشهد المرحلة المقبلة تطويراً لما كان قد بوشر به منذ سنوات عدة، حول تحويل أجزاء من السواحل اللبنانية إلى مواقع ومراكز للأميركيين. كما أن تطورات المرحلة المقبلة إقليمياً، تحديداً بعد استفتاء انفصال كردستان عن العراق، في 25 سبتمبر /أيلول المقبل، قد تبدّل من المسارات السياسية في الشرق الأوسط، وتخلق تطوراً نوعياً في الحياة السياسية والعسكرية في الإقليم ولبنان. لهذا السبب، قد يبقى الأميركيون سنواتٍ وعقودا في لبنان.
ودائماً، حين تُذكر الأرقام تبدأ التأويلات، خصوصاً أن الأميركيين الذين عادوا إلى العراق في عام 2014، "مستشارين" محدودي العدد لدعم السلطة الشرعية في مواجهة "داعش" في الموصل، بات عددهم بعد ثلاث سنوات من المعارك، بالآلاف، منتشرين في طول البلاد وعرضها. صحيح أن وجود "داعش" يعتبر المبرّر الأساسي لوجود الأميركيين في العراق أولاً، ثم سورية ثانياً، إلا أن وجودهم في لبنان، تحديداً في آخر أيام "داعش" فيه، يعدّ أمراً لافتاً.
ميدانياً، يبلغ عدد عناصر التنظيم في الجرود اللبنانية نحو 200 فرد، وهم محاصرون ومنهكون ومتعبون، وفقاً للمعطيات. ينتشرون على مساحاتٍ شاسعة، ولا مدى جغرافيا يربطهم بأقرب قواعدهم الرئيسية في سورية، تحديداً في الرّقة، ولا مدنيين بينهم كي يتمّ اتخاذهم دروعاً بشرية أمام أي هجومٍ ضدهم. "داعش" سيخسر في تلك الجرود، وهو أمرٌ محسوم، غير أن الوجود العسكري الأميركي سيستمر، فما دخل الأميركيون بلداً بعد انتهاء الحرب الباردة (1947 ـ 1991)، إلا وأنشؤوا القواعد العسكرية فيه. سورية نموذجاً.
مع ذلك، لا يعتبر الوجود العسكري الأميركي في لبنان "غريباً"، فعلاقة الجيش اللبناني بالجيش الأميركي ليست حديثة العهد، لأن الجيش دائماً كان يُعتبر من "حلفاء" الولايات المتحدة أيام الحرب الباردة، حتى إن الأسطول السادس الأميركي وجد مكاناً لنفسه في لبنان في عام 1958، لدعم الرئيس كميل شمعون، في مواجهة "التمدّد الشيوعي"، بحسب مبدأ الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور.
في الوقت الحالي، يجد الأميركيون المشغولون باستكمال بناء قواعدهم في سورية، سواء على المثلث الحدودي الأردني ـ السوري ـ العراقي، أو في الشمال السوري، وقتاً لمواكبة توسيع سفارتهم في لبنان، والمفترض أن تُصبح السفارة الأميركية الكبرى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وجود الأميركيين بكثافة في لبنان، حيث تأسس حزب الله، يُحدث أمراً من اثنين: صداماً طويل الأمد أو تسوية ما. الأميركيون مرنون في هذا الصدد. إن أرادوا الصدام فوفقاً لشروطهم، وإن أرادوا التسوية فعادة ما تكون بعد ضجيج سياسي أو أمني. وعلى الرغم من أن تاريخ الأميركيين، في ثمانينيات القرن العشرين في لبنان، لم يكن مريحاً أمنياً، غير أن الوقت الحالي لم يعد كالثمانينيات. التحوّلات الكثيفة منذ أكثر من ثلاثة عقود، تحديداً في محطاتٍ كالاتفاق النووي مع إيران، والتحالفات المتشابكة في الموصل والرّقة، والعقوبات المالية على أفراد من حزب الله ومقرّبين منه، تجعل من أي صدامٍ محتمل شبيه بالثمانينيات، بين الأميركيين وحزب الله، صعب التحقق، مهما كان الصوت عالياً بين الطرفين.
لن يبقى الأميركيون على عدد الـ70 جندياً. هؤلاء مجرّد "كشافة" فقط، بل ستعمد واشنطن، تباعاً، إلى زيادة عدد جنودها، وتوسيع مهامهم. وستشهد المرحلة المقبلة تطويراً لما كان قد بوشر به منذ سنوات عدة، حول تحويل أجزاء من السواحل اللبنانية إلى مواقع ومراكز للأميركيين. كما أن تطورات المرحلة المقبلة إقليمياً، تحديداً بعد استفتاء انفصال كردستان عن العراق، في 25 سبتمبر /أيلول المقبل، قد تبدّل من المسارات السياسية في الشرق الأوسط، وتخلق تطوراً نوعياً في الحياة السياسية والعسكرية في الإقليم ولبنان. لهذا السبب، قد يبقى الأميركيون سنواتٍ وعقودا في لبنان.