ووضع حفتر، الخميس الماضي، 6 شروط تتمحور حول طلبه فتح تحقيق دولي حول مصير واردات النفط، في مقابل إشارته لإمكانية رجوعه عن قراره مقابل تمكين محافظ للبنك المركزي مكلف من مجلس النواب.
وفيما يشير إلى التراجع التدريجي عن تلك الشروط، أعلن أعضاء مجلس النواب عن منطقة برقة عن مبادرة تعكس مزيداً من التنازلات الجديدة، من بينها، تسليم حقول وموانئ النفط إلى مؤسسة وطنية موحدة بمجلس إدارة جديد تمارس أعمالها من مقر المؤسسة في بنغازي مع استمرار عمل المؤسسة بطرابلس، فضلاً عن المطالبة بالاتفاق على تعيين قيادات المناصب السيادية كسلة واحدة على أن تشمل مؤسسات الاستثمار والإنماء والنفط والبنك المركزي.
وبحسب مصدر دبلوماسي رفيع من طرابلس، فإن التراجع التدريجي في موقف حفتر جاء بالتوازي مع ضغوط تمارسها دول كبرى مدفوعة بتحذير إيطاليا الصريح باستعدادها للتدخل لحماية مصالحها النفطية في ليبيا، والتي يقع جزء منها في منطقة الهلال النفطي.
وكشف المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه لحساسية وضعه، لـ"العربي الجديد"، أن "فرنسا أبلغت القاهرة بعدم رضاها عن قرار حفتر بشأن النفط، كما وصل إليها بشكل صريح الانزعاج الأميركي من المعلومات التي تحدثت عن وقوف القاهرة وراء قرار حفتر"، مبيناً أن "قرار حفتر الذي أراد منه ممارسة ضغوط على حكومة طرابلس انقلب عليه بالسلب".
تنافس فرنسي إيطالي
وأوضح المصدر عينه، أنّ "التنافس الإيطالي الفرنسي شتّت الأوضاع في ليبيا، وبدا جلياً أن روما تتحرك بقوة في البلاد بضوء أخضر من واشنطن، ولن يفيد حفتر وقوف دول عربية كمصر معه حالياً. وهو ما تدركه القاهرة جيداً إذ وعدت أكثر من مرة بإقناع حفتر بالتراجع عن قراره".
وفي حين أشار المصدر إلى أن نقطة الخلاف الحالية تتمثل بمن يحمي مواقع النفط؟ إذ تتحرك في المقابل قوات على تخوم سرت، فيما يشبه إعداداً لحرب جديدة في منطقة الهلال، ربما تكون هي الأخرى سببا آخر أرغم حفتر على تراجع نسبي عن قراره.
وبحسب محمد هليل، أحد قادة قوة تأمين سرت التابعة لحكومة الوفاق، فإن تحركات عسكرية تشهدها منطقة الحنيوة ومنطقة الخمسين شرق سرت دون معرفة حقيقة وجهتها.
وأكّد هليل، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "فصائل عسكرية تتواجد شرق وجنوب سرت بأعداد كبيرة فيما يشبه الإعداد لحرب جديدة"، مرجحاً بأنها ستكون باتجاه منطقة الهلال النفطي. ولفت إلى أن "منطقة جنوب سرت مفتوحة ويمكن أن تلتحق بها تجمعات عسكرية أخرى وتتحرك بحرية".
وعلى الرغم من سيطرة قوات حفتر على منطقة الهلال النفطي كلياً، إلا أن ظهر المنطقة لا يزال مكشوفاً من جهة الصحراء، والتي بدورها ترتبط بشبكة طرق تنتهي إلى معسكرات ونقاط تعسكر فيها قوات معادية، فضلاً عن أن قوات "البنيان المرصوص" في سرت هي الأخرى على خلاف مع حفتر.
اندلاع حرب جديدة
هذه التحركات العسكرية أكدتها تصريحات عسكري تابع لقوات حفتر، نقلتها وكالة "سبوتنيك" الروسية، أمس الجمعة، توقع خلالها اندلاع حرب واسعة في منطقة الهلال تطاول منطقة الجفرة، وهي منطقة استراتيجية بالنسبة لحفتر وتعتبر أكبر القواعد الجوية وسط جنوب البلاد، والتي تقدم دعماً كبيراً للقوات المسيطرة على منطقة الهلال.
وبحسب توقعات الخبير الأمني، محيي الدين زكري، فإن أي تحرك عسكري باتجاه منطقة الجفرة والهلال النفطي في الوقت ذاته سيكون مربكاً لقوات حفتر المشتتة في أكثر من جبهة.
ورجح زكري، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "يكون التحرك العسكري المتوقع بشرعية من حكومة الوفاق التي تتحرك في المنطقة بدعم إيطالي صريح وصل إلى الحديث عن إنشاء نقطة عسكرية إيطالية في غات أقصى الجنوب"، لافتاً إلى أن "اندلاع حرب جديدة في منطقة الهلال سيدفع بالمجتمع الدولي إلى وضعها تحت الحماية الدولية".
وأضاف أن "الوضع الأمني لملف النفط حساس للغاية وأي هجوم عسكري قريب سيكون الهدف منه دفع المجتمع الدولي للتدخل، خصوصاً أن غالبية الأطراف الدولية لم تعد راغبة في سيطرة حفتر على النفط بعد قراره الأخير القاضي بسيطرته على موارد النفط وبيعه بعيداً عن شرعية حكومة طرابلس".
ورأى أن "حفتر لن يسعفه أي دعم عربي أو دولي لأن التدخل الدولي سيكون سريعاً في حال حدوثه، خصوصاً أن قرارات مجلس الأمن ستدعم أي تدخل دولي"، لافتاً إلى أن "مطالب رئيس مؤسسة النفط بطرابلس، مصطفى صنع الله، بفرض عقوبات دولية على حفتر غير بعيدة عن الحدث".