لا يخفي مقرّبون من مجلس النواب الليبي المنحل في طبرق، شرق ليبيا، شكوكهم في أن يكون إلغاء قانون العزل السياسي الصادر عن المؤتمر الوطني العام في شهر مايو/أيار 2013، معداً سلفاً، من دون إجراء جلسة تصويت من الأساس، قياساً على قرار المجلس في الثالث من الشهر الماضي، بإعادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر و128 عسكرياً إلى القوات المسلحة. ولم يمر القرار الأخير، وفق تصريحات سابقة وحالية لنواب في المجلس، على التصويت، انطلاقاً من تغيّب معظم الأعضاء عن حضور الجلسات.
وكان عدد من أعضاء مجلس النواب المنحل في طبرق، قد أعلنوا مساء الإثنين، التصويت على قرار إلغاء قانون العزل السياسي والإداري، الذي تمّ بموجبه حرمان رموز نظام العقيد الراحل معمر القذافي من تولي مناصب قياديّة وإداريّة عليا في ليبيا. وتمّت "عملية التصويت بحضور 101 عضو من أعضاء المجلس"، من دون تحديد إجمالي عدد النواب، وفق ما ذكره عضو المجلس عن مدينة بنغازي، عيسى العريبي، على صفحته على "فيسبوك"، في حين أفاد النائب أبوبكر بعيرة، في تصريح صحافي، بأنّ إلغاء القانون جاء بأغلبية الحاضرين، من دون أن يذكر بدوره عدد الأعضاء الحاضرين في الجلسة.
من جهته، يورد عضو المجلس طارق صقر الجروشي على صفحته في "فيسبوك": "صوّتنا على إلغاء قانون العزل السياسي رقم 13 لسنة 2013، جملةً وليس تفصيلاً أو تعديلاً أو تجميداً كما ذكرت بعض القنوات". ويضيف: "هكذا أصبح الليبيون متساوين في الحقوق السياسيّة والإداريّة"، مشيراً إلى أنّ "القضاء الليبي هو الذي سيفصل في قضايا من تلوثت أيديهم بدماء وأموال الليبيين"، مؤكداً أنّ هذا الإلغاء "سيساعد على تقريب مشاعر الشعب، وعودة المهجرين والمصالحة واللحمة الوطنية الليبية"، حسب تعبيره.
ولم يتسنّ الاطلاع على قانون إلغاء قانون العزل السياسي، ولم تنقل وسائل إعلام محلية أو عربية جلسة التصويت على إلغاء قانون العزل. ويرى متابعون للشأن الليبي أنّ خطوة مجلس النواب الليبي، تأتي بهدف خلط الأوراق، في وقت بدأت فيه ملامح وخطوط عامة يمكن أن تساعد في حلّ الأزمة الليبية، تلوح في الأفق، خصوصاً بعد الإعلان عن نقل الحوار إلى داخل ليبيا، بعد جولتين منه في مقر الأمم المتحدة في جنيف، في خطوة من شأنها أن تفخّخ المشهد السياسي، وخصوصاً أنّ طرف المؤتمر الوطني العام ومن يدور في فلكه من قوات فجر ليبيا، ومجالس بلديّة مؤيّدة له في غرب ليبيا، ستنظر بحسب هؤلاء المتابعين إلى هذا العمل على أنه "عدائي".
من جهة أخرى، يعتقد محللون سياسيون أنّ مجلس طبرق المنحل يبحث عن مؤيدين جدد له، بين أنصار النظام السابق والذين يتمتعون بعلاقات إقليميّة ودوليّة اكتسبوها من أيام توليهم لمناصب عليا في عهد النظام السابق، وما بحوزتهم من ثروات وأموال حصلوا عليها. لكنّ أطرافاً أخرى تنظر إلى القرار بوصفه من أبرز نتائج الحوار الحالي، وهو ما جرى الاتفاق عليه برعاية أممية، بهدف تشكيل حكومة توافق وطني مكونة من طرفي الصراع السياسي.
ويقف قانون العزل السياسي، وفق أصحاب وجهة النظر الأخيرة، عائقاً أمام دخول رموز كثيرة دعمت مجلس طبرق المنحل، على غرار رئيس حزب تحالف القوى الوطنية محمود جبريل، والممثل السابق لليبيا في الأمم المتحدة عبد الرحمن شلقم، وسفير ليبيا السابق في إيطاليا حافظ قدور، ومحافظ مصرف ليبيا المركزي إبان النظام المخلوع فرحات بن قدارة، وسواهم من الشخصيات التي يريد لها مجلس النواب أن تكون ضمن تشكيلة الحكومة المقبلة.
ويقول مصدر مقرب من مجلس النواب المنحل في طبرق، إنّ أعضاء حزب تحالف القوى الوطنية في البرلمان ضغطوا قبل الدخول في تفاصيل تشكيل حكومة التوافق الوطني في اتجاه إلغاء قانون العزل السياسي، كما أن دولاً إقليمية كمصر والإمارات، نصحت أعضاء البرلمان بالإسراع في إلغاء القانون.