قال محمد علي عبد الله، رئيس لجنة الميزانية في المؤتمر الوطني العام الليبي (البرلمان)، إن بلاده تعتزم اتخاذ إجراءات تقشف شديد، لمواجهة عجز متوقع بالميزانية يصل إلى 10 مليارات دينار (8 مليارات دولار) هذا العام بسبب احتجاجات قلصت إنتاج النفط.
وأضاف عبد الله يوم الأربعاء، أن عجز هذا العام قد يغطى بفوائض ميزانيات سنوات سابقة وقرض من البنك المركزي وإصدار محتمل لسندات حكومية.
غير أنه أشار إلى تخفيضات في الإنفاق لن تلقى على الأرجح قبولا من الليبيين، الذين اعتادوا شراء رغيف الخبز المدعم بسنتين في الوقت الذي تكافح فيه الحكومة والبرلمان للسيطرة على الميليشيات التي ساهمت في الإطاحة بمعمر القذافي عام 2011، واحتفظت بأسلحتها للمطالبة بحصة من الثروة النفطية.
وقال عبد الله لرويترز إن البرلمان يعتزم تجميد رواتب القطاع العام، ووقف أية تمويلات جديدة لمشروعات التنمية وتقليص عدد المنتجات الغذائية والأساسية المدعمة.
وأضاف "يبدو أن العجز في ميزانيتنا سيتراوح من تسعة إلى عشرة مليارات دينار ليبي تقريبا في عام 2014.".
وعادة ما تحقق ليبيا فوائض كبيرة بفضل إيرادات تصدير النفط، غير أن ميزانية العام الماضي سجلت عجزا قدره ثمانية مليارات دولار، مع اندلاع موجة من الاحتجاجات تسببت في خفض إنتاج البلاد من الخام.
وأدى إغلاق حقول وموانئ نفطية على مدى تسعة أشهر إلى تراجع إنتاج الخام إلى 220 ألف برميل يوميا، من 1.4 مليون برميل يوميا قبل بدء المشكلة الصيف الماضي، بانخفاض يصل إلى 85%.
وفي وقت سابق هذا الشهر، توصلت الحكومة إلى اتفاق مع مسلحين لإنهاء حصارهم لأربعة موانئ نفط، والذي فرضوه للمطالبة بحصة أكبر من الثروة النفطية الليبية. وبدأت ناقلات بالفعل في تحميل شحنات من أحد الموانئ.
لكن عبد الله، قال إن الإغلاق قلص إيرادات النفط إلى أقل من أربعة مليارات دولار منذ بداية العام بما يقل 20% عن المستوى الذي أعدت الميزانية على أساسه.
ورغم ذلك ليس هناك ما يثير قلق ليبيا حتى الآن، نظرا إلى وجود احتياطيات أجنبية لدى البنك المركزي تزيد على 110 مليارات دولار.
وتملك ليبيا فوائض سابقة تتراوح قيمتها بين 10 مليارات و17 مليار دينار فضلا عن إيرادات نفط لدى البنك المركزي يبلغ إجماليها 17 مليار دينار.
وقال عبد الله :"الخيار الثالث، الذي أتمنى ألا نلجأ إليه لأننا لسنا مستعدين له، هو إصدار بعض السندات (الإسلامية) الحكومية."
وأضاف "هذا خيار ندرسه حاليا مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. قد ننظر في طرح إصدار محدود للسندات إلى بنوك خاصة وحكومية محلية".
ورأى عبد الله أن البنوك الليبية المملوكة للدولة بنسبة كبيرة، لم تجهز بعد لسوق تصدر فيها السندات الحكومية وفقا للشريعة الإسلامية.
وتأمل ليبيا بزيادة إنتاج النفط بعد إعادة فتح مرسى الحريقة في شرق البلاد في إطار الاتفاق مع مسلحين يريدون حكما ذاتيا أكبر وحصة من إيرادات الخام.
وقال عبد الله إن الإنتاج قد يزيد 400 ألف برميل يوميا في الأسابيع القليلة المقبلة بفضل إعادة فتح مرسى الحريقة، ليقترب من هدف الوصول إلى 600 ألف برميل يوميا بحلول نهاية يونيو/حزيران الوارد في مسودة للميزانية.
وينبغي أن يصل الإنتاج إلى مليون برميل يوميا بحلول نهاية الربع الثالث لتحقيق هدف الميزانية وسداد قرض البنك المركزي، وهي خطة تحوم حولها الشكوك في ظل ضعف الحكومة وعدم سيطرتها على أجزاء من البلاد.
وذكر عبد الله، أن بلاده في حاجة إلى خفض كبير في النفقات، لوضع نهاية للخسائر، التي تقدر بمليارات الدولارات، والناجمة عن الهدر وعدم الكفاءة والفساد وتهريب المنتجات من الخبز إلى البنزين.
وتعاني ليبيا من قطاع عام غير فعال ورثته عن القذافي، الذي أدرج معظم البالغين على جدول الرواتب الحكومي لإضعاف المعارضة.
ويتقاضى الكثير من الليبيين راتبين من الدولة، لكن الخدمات العامة تظل رديئة إلى حد كبير.
وأشار عبد الله إلى أن البرلمان سيوافق في الوقت الحالي على 44 مليار دينار فقط ـ بما يقل من ثمانية إلى تسعة مليارات عن العام الماضي ـ لتغطية رواتب القطاع العام وغيرها من النفقات الحكومية، بما فيها فاتورة الدعم لتعويض الخسائر في إيرادات النفط.
ومن المقرر أن يبلغ إجمالي الإنفاق 55 مليار دينار هذا العام، انخفاضاً من 66 مليار دينار في 2013.
وستعلق ليبيا ميزانية ثانية لتغطية خطط التنمية لحين تشكيل حكومة جديدة.
وكان رئيس الوزراء، عبد الله الثني، قد استقال قبل أسبوع بعد شهر واحد قضاه في منصبه قائلا إن مسلحين حاولوا مهاجمة عائلته.
وقال عبد الله إن ليبيا تشهد أكبر نصيب للفرد من معدل استهلاك الوقود في العالم، نظرا إلى أن الأسعار المدعمة تشجع على الهدر والتهريب.
وتنفق الدولة سبعة مليارات دولار على دعم الوقود سنويا، لكنها تأمل بتوفير ملياري دولار من خلال تدشين "بطاقات ذكية" للمواطنين، في وقت لاحق هذا العام، لشراء كميات محدودة من الوقود.
وسيخفض البرلمان أيضا عدد السلع الغذائية المدعمة، من عشر سلع، من بينها الأرز والسكر، على مراحل لتقتصر على الحبوب بحلول نهاية مارس/ آذار 2015، بهدف التقليل من تهريب المنتجات.
الدولار = 1.23 دينار ليبي.