ليلة القدر: في انتظار شمس بيضاء
لم ينقطع الاحتفال الرسمي والشعبي بليلة القدر على مدار التاريخ الإسلامي عاماً واحداً، فهي ليلة خير من ألف شهر، كمل ورد في القرآن الكريم، الذي بدأ نزوله على النبي محمد في مكة في مثل هذه الليلة في حدود سنة 612 ميلادية. وقد أضافت التفسيرات المأثورة والأساطير الشعبية لمكانتها الكثير من الأفكار والحكايات. وفي هذا العام كان دعاء ليلة القدر المسيطر هو كشف الغمة التي يعيشها العالم بسبب فيروس كورونا.
وبالرغم من الاختلاف المعروف حول تحديد هذه الليلة، فقد استراح التيار العام من أهل السنة إلى اعتبارها ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان، بينما يميل الشيعة إلى اعتبارها ليلة الثالث والعشرين، وعموماً فإن الناس يتحرونها في الليالي المفردة من العشر الأواخر من شهر رمضان.
وهناك علامات يتناقلها الناس حول بلوغهم ليلة القدر؛ منها أن الشمس تطلع في صباح اليوم التالي بيضاء لا شعاع لها. وينتقد بعض الفلكيين هذه العلامة، لأن الشمس تسير في نسق كوني ثابت لا يقل فيه شعاعها ولا مدة وصوله إلى الأرض. وهناك علامات أخرى يتداولها الناس؛ من مثل إنها تكون ليلة لا حارة ولا باردة، تنتشر فيها السكينة والهدوء، وأنها يستجاب فيها الدعاء.
في معظم البلدان الإسلامية، تتخذ الإجراءات الرسمية للاحتفال بقراءة القرآن والإنشاد الديني مع الإعلان عن كثير من أعمال الخير. وفي أحوال كثيرة يقوم المصلون بختم القرآن في صلاة التراويح في تلك الليالي، كما كان يحدث في مصر في جوامع عمرو بن العاص والأزهر الشريف والسلطان حسن وغيرها. يضيف الشيعة طقوسهم الخاصة؛ كزيارتهم لضريح الإمام الحسين وغيره من الأئمة، والاغتسال، وبعض الأدعية المحفوظة التي يتلونها والمصحف على رؤوسهم.
في التاريخ
صعد القضاة والفقهاء إلى القلعة لتهنئة السلطان المملوكي الظاهر خشقدم (1413-1467) بحلول شهر رمضان؛ فباغتهم السلطان بسؤال: أيهم أفضل ليلة القدر أم يوم عرفة؟ ويبدو أن السؤال كان مباغتاً فلم يستطيعوا الإجابة عنه.
وفي الأندلس كان اجتماع الناس في المساجد والزوايا والأربطة من العشاء حتى الفجر؛ وكانت منزلة ليلة القدر تشبه في أعراف الأندلسيين منزلة ليلة المولد النبوي. يقول الخطيب الغرناطي في وصف احتفالات هذه الليلة: "ونزلوا إلى القلعة سحور الليلة الثامنة والعشرين من شهر رمضان عام 760 هـ، فاستظهروا بالمشاعل والصراخ... فما راعه إلا النداء والضجيج وأصوات الطبول".
وفي العصر العثماني كان يتم ترتيب موكب ومراسم ليلة القدر في قصر "طوب قابي"؛ لأن السلطان كان يؤدي صلاة التراويح في تلك الليلة في أحد الجوامع الكبيرة خارج القصر، غالباً كان جامع "أيا صوفيا"، حيث يضاء الطريق بين الجامع والقصر بالمشاعل، وكان كبار موظفي القصر يشاركون في هذا الموكب المشهود.
اقــرأ أيضاً
عادات وتقاليد
يقول أحمد أمين في كتابه "قاموس العادات والتقاليد والتعابير المصرية" إن "المصريين يعتقدون أنه في هذه الليلة تظهر طاقة من نور في السماء، وحينئذ يجب أن يسرعوا في الدعوة، مع أنه قد يكون هذا النور ناشئًا من تماس أسلاك كهربائية أو نحو ذلك فيظنون أنه نور ليلة القدر".
وفي الماضي كانت ترتبط بليلة القدر عادة تسمى "حفلة التكنية"، يقول عنها أحمد أمين: "يجلس سيد السادات على منصة عالية وسط هذا الجمع، وبالقرب منه كاتب أمامه سجل، فإذا أراد أحد الحاضرين أن يكنى من شيخ السادات تقدم ومعه نقيبان من النقباء، وتقرأ الفاتحة، وتمر برهة في سكون وصمت يتوهم فيها أن شيخ السادات يستلهم السماء، ثم يلقبه بأبي الأنوار أو أبي الوفاء أو نحو ذلك، والمسجل يسجل اسم الشخص وكنيته وتاريخه، ومن المشاع أن من تكنى كنية لا تعطى الكنية لغيره، ثم بطلت هذه العادة".
وعن مشاهداته في مصر في القرن التاسع عشر، يقول المستشرق إدوارد وليم لين (1801-1876) إن من اعتقادات المصريين أن الماء المالح ينقلب فجأة إلى ماء عذب سائغ شرابه في هذه الليلة المباركة، إذ يجلس الأتقياء في هذه الليلة بخشوع كبير، وأمامهم إناء فيه ماء مالح، وبين حين وآخر يتذوقون طعمه ليروا إن أصبح حلو المذاق فيتأكدوا أن هذه الليلة هي "ليلة القدر".
وبالرغم من الاختلاف المعروف حول تحديد هذه الليلة، فقد استراح التيار العام من أهل السنة إلى اعتبارها ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان، بينما يميل الشيعة إلى اعتبارها ليلة الثالث والعشرين، وعموماً فإن الناس يتحرونها في الليالي المفردة من العشر الأواخر من شهر رمضان.
وهناك علامات يتناقلها الناس حول بلوغهم ليلة القدر؛ منها أن الشمس تطلع في صباح اليوم التالي بيضاء لا شعاع لها. وينتقد بعض الفلكيين هذه العلامة، لأن الشمس تسير في نسق كوني ثابت لا يقل فيه شعاعها ولا مدة وصوله إلى الأرض. وهناك علامات أخرى يتداولها الناس؛ من مثل إنها تكون ليلة لا حارة ولا باردة، تنتشر فيها السكينة والهدوء، وأنها يستجاب فيها الدعاء.
في معظم البلدان الإسلامية، تتخذ الإجراءات الرسمية للاحتفال بقراءة القرآن والإنشاد الديني مع الإعلان عن كثير من أعمال الخير. وفي أحوال كثيرة يقوم المصلون بختم القرآن في صلاة التراويح في تلك الليالي، كما كان يحدث في مصر في جوامع عمرو بن العاص والأزهر الشريف والسلطان حسن وغيرها. يضيف الشيعة طقوسهم الخاصة؛ كزيارتهم لضريح الإمام الحسين وغيره من الأئمة، والاغتسال، وبعض الأدعية المحفوظة التي يتلونها والمصحف على رؤوسهم.
في التاريخ
صعد القضاة والفقهاء إلى القلعة لتهنئة السلطان المملوكي الظاهر خشقدم (1413-1467) بحلول شهر رمضان؛ فباغتهم السلطان بسؤال: أيهم أفضل ليلة القدر أم يوم عرفة؟ ويبدو أن السؤال كان مباغتاً فلم يستطيعوا الإجابة عنه.
وفي الأندلس كان اجتماع الناس في المساجد والزوايا والأربطة من العشاء حتى الفجر؛ وكانت منزلة ليلة القدر تشبه في أعراف الأندلسيين منزلة ليلة المولد النبوي. يقول الخطيب الغرناطي في وصف احتفالات هذه الليلة: "ونزلوا إلى القلعة سحور الليلة الثامنة والعشرين من شهر رمضان عام 760 هـ، فاستظهروا بالمشاعل والصراخ... فما راعه إلا النداء والضجيج وأصوات الطبول".
وفي العصر العثماني كان يتم ترتيب موكب ومراسم ليلة القدر في قصر "طوب قابي"؛ لأن السلطان كان يؤدي صلاة التراويح في تلك الليلة في أحد الجوامع الكبيرة خارج القصر، غالباً كان جامع "أيا صوفيا"، حيث يضاء الطريق بين الجامع والقصر بالمشاعل، وكان كبار موظفي القصر يشاركون في هذا الموكب المشهود.
يقول أحمد أمين في كتابه "قاموس العادات والتقاليد والتعابير المصرية" إن "المصريين يعتقدون أنه في هذه الليلة تظهر طاقة من نور في السماء، وحينئذ يجب أن يسرعوا في الدعوة، مع أنه قد يكون هذا النور ناشئًا من تماس أسلاك كهربائية أو نحو ذلك فيظنون أنه نور ليلة القدر".
وفي الماضي كانت ترتبط بليلة القدر عادة تسمى "حفلة التكنية"، يقول عنها أحمد أمين: "يجلس سيد السادات على منصة عالية وسط هذا الجمع، وبالقرب منه كاتب أمامه سجل، فإذا أراد أحد الحاضرين أن يكنى من شيخ السادات تقدم ومعه نقيبان من النقباء، وتقرأ الفاتحة، وتمر برهة في سكون وصمت يتوهم فيها أن شيخ السادات يستلهم السماء، ثم يلقبه بأبي الأنوار أو أبي الوفاء أو نحو ذلك، والمسجل يسجل اسم الشخص وكنيته وتاريخه، ومن المشاع أن من تكنى كنية لا تعطى الكنية لغيره، ثم بطلت هذه العادة".
وعن مشاهداته في مصر في القرن التاسع عشر، يقول المستشرق إدوارد وليم لين (1801-1876) إن من اعتقادات المصريين أن الماء المالح ينقلب فجأة إلى ماء عذب سائغ شرابه في هذه الليلة المباركة، إذ يجلس الأتقياء في هذه الليلة بخشوع كبير، وأمامهم إناء فيه ماء مالح، وبين حين وآخر يتذوقون طعمه ليروا إن أصبح حلو المذاق فيتأكدوا أن هذه الليلة هي "ليلة القدر".
المساهمون
المزيد في منوعات