يستعد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، لتقديم "حبل النجاة" لرئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، إذ سيدفع قادة دول الاتحاد الأوروبي نحو القبول بمنح بريطانيا علاقة خاصة بعد بريكست، ضمن إطار رؤيته الخاصة لمستقبل أوروبا.
وبينما كانت الرئاسة الفرنسية قد أعلنت، الإثنين، رفضها منح بريطانيا علاقة تفضيلية مع الاتحاد الأوروبي على حساب تكامل الاتحاد الأوروبي، نقلت صحيفة "التايمز" البريطانية عن مصادر دبلوماسية أن الرئيس الفرنسي سيكشف عن رؤية جديدة للعلاقات الأوروبية في القمة التي ستعقد في النمسا الشهر المقبل، والتي ستشمل منح بريطانيا علاقة خاصة مع الكتلة الأوروبية.
ويرى ماكرون المستقبل الأوروبي على شكل دوائر نفوذ يكون مركزها منطقة اليورو، وخاصة تحت هيمنة فرنسا وألمانيا، وتحيط بها دائرة أوسع من الدول الأوروبية خارج اليورو، تربطها بالاتحاد علاقات خاصة، وتضم بريطانيا، شرط التوصل إلى "بريكست ودي" بين الجانبين.
وتعزز هذه التطورات من جو التفاؤل الذي تلا تصريحات رئيس الوفد الأوروبي المفاوض، ميشيل بارنييه، عن استعداد الاتحاد الأوروبي لمنح بريطانيا صفقة تجارية غير مسبوقة ستبقي على العلاقات بين الجانبين "أقرب ما يمكن"، لتبدد التشاؤم الذي ساد الأسبوع الماضي من احتمال خروج بريطانيا من الاتحاد من دون اتفاق.
وكان بارنييه قد أدلى بتصريحاته بعد لقائه وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، حيث قال إن الكتلة الأوروبية مستعدة هذا الخريف لتوقيع إعلان سياسي يضع الأطر لعلاقة مستقبلية ستكون "أقرب ما يمكن" مع بريطانيا، وأضاف: "نحن مستعدون لطرح شراكة لم نقدمها لأي طرف ثالث على الإطلاق".
ويبدو أن اللقاء الذي جرى بين ماي وماكرون في مقر إقامة الأخير الصيفي بداية الشهر الحالي قد كان أكثر إيجابية مما يعتقد، والذي لم يفصح عن تفاصيله حينها، إلا أن نتائجه بدأت تظهر العلن، فالمصادر التي اعتمدت على "التايمز" أكدت اهتمام الجانب الفرنسي بالحفاظ على ودية العلاقات الأوروبية وتقويتها، وهو ما لن يتحقق في حال عدم الاتفاق على بريكست.
وتأمل ماي أن تنجح في إقناع القادة الأوروبيين المجتمعين في مدينة سالزبرغ النمساوية في العشرين من الشهر المقبل بتقديم تنازلات خاصة في العلاقات الدفاعية والأمنية بعد بريكست، وهو جانب يتفق فيه الطرفان البريطاني والفرنسي، ويدعم حظوظ بريطانيا في ضمان التعاون الوثيق في ما يتعلق بالشراكة الأمنية.
وفي حال نجاح ماي في تأمين الاتفاق مع الجانب الأوروبي في هذه المسائل، ستتوجه إلى مؤتمر حزب المحافظين السنوي بذخيرة تؤمن لها الدفاع عن استراتيجيتها التفاوضية وخطة تشيكرز في وجه منتقديها.
ويتوقع أن تواجه الرؤية الفرنسية معارضة أوروبية، نظراً لأنها ستهمش من دور الدول الأعضاء غير المركزية. فعدا عن الهرمية التي ستخلقها مثل هذه الرؤية، والتي ستجعل من الدائرة المركزية أكثر أهمية ممن يقع خارجها، فإنها تعتمد على التوافق التام بين الدول المركزية، وهو ما يخالف الواقع، وفقا لغونترام ولف، مدير معهد بروغل للدراسات والمقرب من ماكرون.
ومن جانبه، يتجه وزير البريكست البريطاني، دومينيك راب، إلى بروكسل يوم غد لعقد مباحثات مع بارنييه متسلحاً بالتفاؤل الأخير.
وقال راب تعقيباً على تصريحات بارنييه: "إني متأكد من أن صفقة في مرمى البصر" أمام مجلس اللوردات. وأضاف: "إننا نعتمد على الطموح والبراغماتية والطاقة التي إن وجدنا مثلها (في بروكسل)، فإننا سنحصل على صفقة".
ولا يزال من غير الجلي كيف سيستطيع الجانبان التوصل إلى اتفاق يحافظ على تكامل الاتحاد الأوروبي الذي يطالب به بارنييه، حيث رفض مراراً وتكراراً، وبدعم من الدول الأعضاء، الانتقائية في عضوية السوق المشتركة.
وكان وزير الخارجية الألماني قد علق على ذلك، بقوله إن الصفقة مع بريطانيا لن تضم كافة حسنات العضوية في السوق، "وإلا فإن الدول الأعضاء الأخرى ستسأل نفسها عن سبب العضوية في الاتحاد الأوروبي إذا كان الخروج منه لا يعني فقدان أي من هذه الميزات".