سلطت جائحة كورونا الضوء على أزمة جديدة قد تتسبب في نزاعات قضائية بين المصارف الكويتية والوافدين المتعثرين الذي حصلوا على قروض بمبالغ كبيرة ولن يتمكنوا من سداد أقساطهم الشهرية.
وأقرت البنوك الكويتية لوائح جديدة لتشديد شروط منح القروض إلى العمالة الوافدة، كما تبحث عن حلول بالتنسيق مع البنك المركزي الكويتي لتحصيل القروض المتعثرة.
وقال مصدر مصرفي لـ "العربي الجديد" إن إجمالي قيمة القروض المستحقة على الوافدين بلغت نحو 2.7 مليار دولار، مشيرا إلى أن نسبة المتعثرين الوافدين قبل أزمة كورونا كانت قد وصلت إلى 6.5 في المائة، متوقعا أن ترتفع هذه النسبة بصورة كبيرة بعد انتهاء فترة الستة أشهر التي أعلنتها البنوك الكويتية لتأجيل الأقساط الاستهلاكية للمواطنين والمقيمين.
وأكد المصدر، الذي رفض الكشف عن اسمه، أن هناك مخاوف كبيرة لدى المصارف الكويتية من زيادة نسبة المتعثرين بصورة غير مسبوقة، خلال الفترة المقبلة، بسبب إنهاء خدمات مئات الآلاف من الوافدين، فضلا عن الأوضاع السيئة في غالبية شركات القطاع الخاص التي قلصت رواتب موظفيها أو توقفت عن دفع الأجور، كما أنها لن تتمكن من سداد مكافآت نهاية الخدمة للموظفين الذين تم إنهاء خدماتهم.
ولفت إلى أن هناك لوائح وإجراءات جديدة لتقييد شروط منح القروض للوافدين سيتم الإعلان عنها قريبا. وتمنح البنوك الكويتية قروضا للوافدين الذي يعملون في الجهات الحكومية، خصوصا وزارتي الصحة والتربية، كما تقوم بمنح الوافدين العاملين في الشركات الكبرى بالقطاع الخاص، شرط أن يكون لدى الموظف مكافأة نهاية خدمة تغطي مبلغ القرض، فيما تسمح المصارف بمنح قروض بقيمة تبلغ 25 ضعف الراتب، كما تبلغ أعلى قيمة قرض يحصل عليه الوافد نحو 81 ألف دولار.
وبحسب الأرقام الصادرة عن البنك المركزي الكويتي، التي اطلعت عليها "العربي الجديد"، يبلغ إجمالي قيمة القروض التي تم تأجيلها للمواطنين والمقيمين لستة أشهر بسبب جائحة كورونا، نحو مليار و300 مليون دولار. وقال الخبير الاقتصادي الكويتي حجاج بوخضور لـ "العربي الجديد" إن قرار البنوك الكويتية تأجيل الأقساط ساهم في استقرار الأوضاع المالية والمعيشية لمئات الآلاف من المواطنين والمقيمين في بداية أزمة تفشي فيروس كورونا. وأكد بوخضور أن هناك شريحة استفادت من قرار تأجيل القروض، غير أن هناك شريحة أخرى كبيرة من الوافدين تضررت من أزمة جائحة كورونا بسبب فقدان وظائفهم وتأثر رواتبهم، وأصبحوا غير قادرين على الوفاء بالتزاماتهم الشهرية ودفع الإيجارات، وبالتالي لن يكونوا قادرين على دفع الأقساط الشهرية.
وفي أعقاب تفشي فيروس كورونا، لجأت شركات في القطاع الخاص الكويتي إلى إنهاء خدمات موظفيها، فيما قررت شركات أخرى تقليص رواتب العاملين بنسب تصل إلى 50 في المائة في بعض الحالات، كما تسعى الحكومة الكويتية إلى إقرار قانون يسمح لأصحاب الأعمال بتخفيض رواتب الموظفين، حيث سيتم تطبيقه بأثر رجعي منذ مارس/آذار الماضي.
وغادر عشرات الآلاف من الوافدين بسبب قرارات إنهاء خدمات من القطاع الخاص والجهات الحكومية وإجراءات عزل المناطق التي تضم المقيمين، من دون تسوية أوضاعهم المالية وسداد قروضهم، غير أن إغلاق المجال الجوي وعدم استقبال الوافدين الذين غادروا قبل أزمة جائحة كورونا أثار الشكوك بشأن عودتهم مرة أخرى. وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة الكويت محمد الهاجري لـ "العربي الجديد" إن القرارات الارتجالية للحكومة الكويتية قد تتسبب في مشكلات كبيرة تؤثر على كافة القطاعات، خصوصا قطاع المصارف الذي يعاني بسبب الخسائر الفادحة، على خلفية قرار تأجيل تحصيل أقساط القروض من المواطنين والمقيمين. ودعا الهاجري الحكومة وبنك الكويت المركزي إلى البحث عن حلول لمعالجة أزمة البنوك والمشكلات القانونية المتوقعة مع بداية شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، حيث ستستأنف المصارف تحصيل الأقساط، على الرغم من تعثر غالبية الوافدين بسبب فقدان وظائفهم، مؤكدا أن عدم تحصيل القروض المتأخرة للوافدين سيفاقم أزمة المصارف الكويتية التي تراجعت إيراداتها خلال الأشهر الماضية.
تكبدت المصارف الكويتية خسائر قياسية، حيث أظهرت الإفصاحات التي أعلنتها البنوك الكويتية أن إجمالي الخسائر لتسعة بنوك، بلغ أكثر من 370 مليون دينار
وتكبدت المصارف الكويتية خسائر قياسية، حيث أظهرت الإفصاحات التي أعلنتها البنوك الكويتية أن إجمالي الخسائر لتسعة بنوك، بلغ أكثر من 370 مليون دينار، فيما لم يعلن البنك الأهلي المتحد عن خسائره حتى الآن.
وكان بنك الكويت المركزي قد وجّه البنوك لاحتساب تأجيل أقساط القروض المؤجلة، وفق المعيار الدولي للتقرير رقم 9، بخصمها من الأرباح المحتجزة في بنود حقوق الملكية، على أن تجري إعادة بناء المبالغ المستخدمة من الأرباح المحتجزة، فيما يمكن توزيعها على أربع سنوات.
وجاء بنك الكويت الوطني في صدارة البنوك الكويتية من حيث حجم الخسائر، بنسبة تصل إلى 30 في المائة، ثم بيت التمويل الكويتي بنسبة 26 في المائة، ثم بنك بوبيان بنسبة 15 في المائة، ثم بنك الخليج والأهلي والتجاري. وشهدت أروقة المحاكم الكويتية آلاف القضايا المتعلقة بعدم دفع الإيجارات المتأخرة خلال فترة أزمة تفشي كورونا.