مؤسسة ثقافية عربية في بوسطن

يعتبر الحضور العربي داخل بلدان المهجر حضورا باهتا بالنظر إلى العدد الهائل من العرب الذين يتواجدون في الغرب (أوروبا وأميركا)، وبالنظر إلى الدور الذي يمكن أن يلعبوه على المستوى الثقافي داخل هذه البلدان، إذ تهيمن عليهم، في الغالب، عقلية "المسلم" الذي لايتجاوز دوره الدفاع عن الدين والترويج له والدعوة إليه، في محاولة لأسلمة العالم والتكنولوجيا والحداثة الغربية.
والحال أن عملية المسخ والتغريب لا تزداد إلا استفحالا وتجذرا، وهو ما يتمظهر من خلال عدة تجليات سلوكية، ولغوية، وأخلاقية تساهم في الترويج لصورة نمطية سلبية، تزيد من شساعة الهوة، وتذكي الخلاف والصراع والعنف الثقافي بكل مظاهره.
من هذه الخلفية، جعل عدد من المثقفين العرب في بوسطن، من التعدد والاختلاف والحوار مدخلا لتداول القيم الثقافية، من خلال الاهتمام بالجوانب المعرفية الثقافية والإبداعية العربية ذات النزوع الحداثي/التنويري، التي تجعل من القيم الإنسانية المثلى الهدف الأسمى، وذلك عبر تشييد جسر للتواصل الثقافي بين المثقفين العرب في البلاد العربية أو المقيمين في أوروبا والمثقفين العرب والأميركيين داخل الولايات المتحدة الأميركية.
وقد صدرت حتى الآن عن مؤسسة (كا.إن.آي) مجلة "مرايا من المهجر"، التي تعنى بقضايا الإبداع، إلى جانب سلسلة كراسات التنوير، التي صدر منها العدد الأول تحت عنوان "نقد الفكر الديني وإصلاح الإسلام"، ثم أخيراً سلسلة "إبداعات" التي تعنى بنشر الإبداع العربي باللغتين العربية والإنجليزية، وقد صدر الكتاب الأول منها وهو ديوان شعري للمبدعة المغربية، فاتحة مرشيد. ويشرف على هذه السلسلة كل من: خالد سليكي ونجوى المجاهد ومبارك السريفي وأندرو روزن.