وماي عالقة حالياً بين النواب المطالبين بالمشاركة في ضربة عسكرية سريعة بعد الهجوم الكيميائي على مدينة دوما السورية، وآخرين يطالبونها بالحصول على الموافقة البرلمانية قبل المشاركة في مثل هذه الضربات، وهو ما يتطلب الانتظار حتى عودة البرلمان إلى العمل، يوم الإثنين المقبل.
وقالت ماي "بالطبع نعمل بشكل عاجل مع حلفائنا وشركائنا لتقييم ما جرى على الأرض. إذا كانت مسؤولية هذا الأمر تقع على عاتق نظام الأسد في سورية فهو دليل آخر على هجميته وتجاهله الوقح لشعبه".
وفي إشارة على استعداد ماي للتدخل، حذّرت المتورطين في تنفيذ الهجوم بأنهم "سيتعرضون للمحاسبة". غير أنّ عدداً من النواب طالبها بعدم الدخول في مواجهة عسكرية في سورية من دون موافقة برلمانية.
وكانت رئيس الوزراء البريطاني السابق، ديفيد كاميرون، قد طرح موضوع التدخل في سورية عام 2013 على البرلمان، وصوت حينها حزب "العمال" وعدد من متمردي حزب المحافظين ضد التدخل، ما أفشل الضربات ضد نظام الأسد بعد استخدامه السلاح الكيميائي في الغوطة الشرقية.
ولا تتمتع ماي حالياً بالأغلبية البرلمانية التي امتلكها كاميرون حينها، ويمكن أن تعرض زعامتها للحزب للخطر في حال المجازفة.
وفي السياق، قالت وزيرة الخارجية السابقة في حكومة الظل العمالية، إيما رينولندز، إنّ "حزب العمال أخطأ عام 2013 عندما صوت ضد التدخل في سورية"، إلا أنها شددت على ضرورة حصول ماي على موافقة البرلمان قبل التحرك.
وقالت رينولندز، في تصريح لـ"البي بي سي"، إنه "عند النظر إلى الأحداث الماضية أعتقد أننا أخطأنا في التصويت ضد الرد على استخدام الأسلحة الكيميائية، حيث قمنا بسابقة خطيرة. وإن قول الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما إنها خط أحمر لا يجب تجاوزه ومن ثم عدم الرد عند وقوعها؛ كان الأمر الخطأ. لا نستطيع تطبيع استخدام السلاح الكيميائي".
إلا أنه من المتوقع أن يصوت حزب "العمال" ضد التحرك في سورية، وفقاً لرؤية زعيمه جيريمي كوربن، الذي طالب بضرورة الحصول على تفويض دولي، رغم إعاقة روسيا للجهود الدولية في هذه الخصوص باستخدامها المتكرر لـ"الفيتو" في مجلس الأمن.
أمّا وزيرة الخارجية في حكومة الظل، إيميلي ثورنبيري، فقد طالبت حكومة ماي بأن تجدّد تفويضها في العمل العسكري في سورية، إذ إنّ التفويض البرلماني الذي تمتلكه الآن يقتصر على محاربة "داعش"، الذي أصبحت هزيمته وشيكة.
من جهته، أكّد رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان البريطاني، والنائب عن حزب المحافظين، طوم توغندات، أحقية ماي بالتدخل مع الحلفاء في سورية من دون تفويض برلماني، قائلاً "إنّ ضرب مخزون سورية من الأسلحة الكيميائية سيقوض من قدرتها على ارتكاب المزيد من جرائم الحرب، ويمكن عمل ذلك مع الحلفاء ولا يتطلب ذلك تصويتاً في البرلمان".
ومن ناحية أخرى، يسود القلق في صفوف إدارة ماي بسبب تأخير مكالمتها الهاتفية مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والذي هاتف الرئيس الفرنسي مرتين قبل أن يتحدث إليها، على خلفية الاعتداء الكيميائي على دوما.
وشهدت هذه الأزمة تقارباً بين الرئيسين، ما عزز من قلق وزارة الخارجية البريطانية ورئاسة الوزراء، حيث يصور ماكرون نفسه على أنه الشريك الأوروبي للإدارة الأميركية. وكان ماكرون قد عزز العلاقة مع ترامب بعد الدعوة التي وجهها إليه في يوم "الباستيل" في يوليو/ تموز الماضي لحضور عرض عسكري.
كما يزور ماكرون الولايات المتحدة في الثاني والعشرين من هذا الشهر، وهو الذي يرى أن الاستراتيجية الأفضل في التعامل مع الولايات المتحدة هي التركيز على النقاط المشتركة عوضاً عن الجدل في نقاط الخلاف. ويشكل استعداد الطرفين للتحرك ضد نظام الأسد نقطة مشتركة تبعد ماي المترددة عن التقارب الحاصل بينهما.