13 نوفمبر 2024
ما أثبتته معركة الانتخابات الإسرائيلية
ستُقرأ هذه الكلمات، بعد أن تكون ظهرت نتائج الانتخابات الإسرائيلية العامة التي جرت أمس، منطويةً على مؤشرات قوية نحو هوية الحكومة الجديدة التي ستُؤلَف، وتتولّى إدارة دفّة سياسة دولة الاحتلال في غضون الأعوام القليلة المقبلة.
وبمنأى عن هذه النتائج، أثبتت المعركة الانتخابية التي دارت حتى يوم الانتخابات عدة سيروراتٍ لا يمكن لأي معطيات أخرى أن تضبّبها. ومن الطبيعي أن تركز تحليلات كثيرة، ولا سيما من أطراف فلسطينية وعربية، على احتمالات تطبيق تعهدات رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، بشأن ضم الأغوار وشمال البحر الميت والخليل والمستوطنات في أراضي 1967، وما إذا كانت مجرّد دعاية انتخابية لا أكثر، ولكن ما يجري على الصعيد الداخلي لا يُعد أقل لفتاً للانتباه.
ولعلّ أول سيرورة مرتبطة بتطورات الوضع الداخلي هي تعزّز العقلية الفاشية في صفوف مجتمع دولة الاحتلال وزعمائه، والتي لا يعتبر نتنياهو المُعبّر الوحيد عنها. بيد أنه في ما يتعلّق بنتنياهو نفسه، يشير الباحث المختص في شؤون الفاشية، زئيف شتيرنهيل، إلى أن العقلية الفاشية لديه قائمة على أساس "الحاجة إلى عدو"، خارجياً كان أو داخلياً، عملاً بمقاربة الألماني كارل شميدت التي أرست مفهوماً للسياسة مؤداه أنها، قبل أي شيء، القدرة على استكشاف العدو، وبالتالي اتباع نهج عام فحواه: من ليس صديقاً فهو عدو يجب إخراسه.
وبرأي شتيرنهيل من دون كراهية المواطنين العرب، ومن دون التشهير بـ"اليسار" بأنه خائن، ومن دون الهجوم الفظّ على حرية التعبير والنقد، ما كان في وسع قومية نتنياهو المتطرّفة أن تصبح كاملة. أمّا في المعركة الانتخابية أخيرا، شأن ما كان قبلها أيضاً، فقد ارتسم الإعلام الذي كشف عن فساده بشكل يوميّ باعتباره العدو الفوري الذي من أجل المسّ به كل شيء مسموح، كون تصفية العدو هي الشرط لتولّي الحكم؛ وهكذا هو الأمر تماماً بالنسبة لنتنياهو.
وكان كاتب هذه السطور أشار إلى أنه بينما تركز الاهتمام، في البداية، في ما يتعلق بملفات الفساد التي تحوم حول نتنياهو، على تلقيه هدايا/ عطايا من رجال أعمال بخلاف القانون، في مقابل منحهم امتيازاتٍ تعود على رساميلهم بالنفع، انتقل التركيز لاحقاً على محاولاته الدؤوبة الرامية إلى السيطرة شبه المُطلقة على وسائل الإعلام، المكتوبة والإلكترونية والمرئية، أو على وجه الدقّة التحكّم بخطابها حيال أدائه العام، بحيث لا يتعدّى هذا الخطاب غاية "التغطية الإيجابية" له ولأفراد عائلته. وهذا هو ما بات يشكل ثلاثة ملفات من مجموع أربعة ملفات فساد رئيسة، جرت تحقيقاتٌ فيها.
ويقرّ إعلاميون إسرائيليون كُثر بأن هذه المسألة ليست عابرة على الإطلاق؛ ففي حال نجاح نتنياهو في أن تصطفّ معظم المنابر الإعلامية المتنافسة التي تغطي الأحداث السياسية وغيرها إلى جانبه، باستطاعته تحقيق غاياتٍ كثيرة، بينها: تخريب دور هذه المنابر كـ"رقابة مستقلة"؛ توجيه مواقف القرّاء والمستمعين والمشاهدين؛ المضي خطواتٍ بعيدة إلى الأمام، نحو تعزيز مكانته رئيسا للحكومة، وهو منصب غير محدود المدة من حيث عدد الولايات. ولا يعني هذا أن رقابة المنابر الإعلامية تتسم بمناهضة للسياسة الإسرائيلية العامة، فهذا ما تُبدّده تقارير تتناول أداء هذه المنابر، لا سيّما في أثناء فترات الحروب، منذ عدة عقود.
ثمّة أمر آخر أثبتته المعركة الانتخابية هو أن التنافس الرئيسي دار ويدور بين اليمين الصلب واليمين الناعم، والأخير يمثل تحالف الجنرالات "أزرق أبيض" الذي يتبنّى أجندة اليمين الصلب، في ما يتعلق بالتسوية السياسية مع الفلسطينيين، ورئيسه أكد في آخر نداء إلى الناخبين أنه، من ناحية سياسية وأمنية، يميل جداً نحو اليمين، وذلك لأن أي تسويةٍ مستقبليةٍ مع الفلسطينيين ترتبط باعتبارات أمنية. وحتى "اليسار الصهيونيّ" الهشّ الذي كان يمثله حزب ميرتس ابتلع، في نطاق تحالف "المعسكر الديمقراطي"، سوية مع حزب رئيس الحكومة السابق إيهود باراك، الذي صرّح يوم 5 أيلول/ سبتمبر الحالي بأن "المعسكر الديمقراطي يقف إلى يمين حزب العمل"!
ولعلّ أول سيرورة مرتبطة بتطورات الوضع الداخلي هي تعزّز العقلية الفاشية في صفوف مجتمع دولة الاحتلال وزعمائه، والتي لا يعتبر نتنياهو المُعبّر الوحيد عنها. بيد أنه في ما يتعلّق بنتنياهو نفسه، يشير الباحث المختص في شؤون الفاشية، زئيف شتيرنهيل، إلى أن العقلية الفاشية لديه قائمة على أساس "الحاجة إلى عدو"، خارجياً كان أو داخلياً، عملاً بمقاربة الألماني كارل شميدت التي أرست مفهوماً للسياسة مؤداه أنها، قبل أي شيء، القدرة على استكشاف العدو، وبالتالي اتباع نهج عام فحواه: من ليس صديقاً فهو عدو يجب إخراسه.
وبرأي شتيرنهيل من دون كراهية المواطنين العرب، ومن دون التشهير بـ"اليسار" بأنه خائن، ومن دون الهجوم الفظّ على حرية التعبير والنقد، ما كان في وسع قومية نتنياهو المتطرّفة أن تصبح كاملة. أمّا في المعركة الانتخابية أخيرا، شأن ما كان قبلها أيضاً، فقد ارتسم الإعلام الذي كشف عن فساده بشكل يوميّ باعتباره العدو الفوري الذي من أجل المسّ به كل شيء مسموح، كون تصفية العدو هي الشرط لتولّي الحكم؛ وهكذا هو الأمر تماماً بالنسبة لنتنياهو.
وكان كاتب هذه السطور أشار إلى أنه بينما تركز الاهتمام، في البداية، في ما يتعلق بملفات الفساد التي تحوم حول نتنياهو، على تلقيه هدايا/ عطايا من رجال أعمال بخلاف القانون، في مقابل منحهم امتيازاتٍ تعود على رساميلهم بالنفع، انتقل التركيز لاحقاً على محاولاته الدؤوبة الرامية إلى السيطرة شبه المُطلقة على وسائل الإعلام، المكتوبة والإلكترونية والمرئية، أو على وجه الدقّة التحكّم بخطابها حيال أدائه العام، بحيث لا يتعدّى هذا الخطاب غاية "التغطية الإيجابية" له ولأفراد عائلته. وهذا هو ما بات يشكل ثلاثة ملفات من مجموع أربعة ملفات فساد رئيسة، جرت تحقيقاتٌ فيها.
ويقرّ إعلاميون إسرائيليون كُثر بأن هذه المسألة ليست عابرة على الإطلاق؛ ففي حال نجاح نتنياهو في أن تصطفّ معظم المنابر الإعلامية المتنافسة التي تغطي الأحداث السياسية وغيرها إلى جانبه، باستطاعته تحقيق غاياتٍ كثيرة، بينها: تخريب دور هذه المنابر كـ"رقابة مستقلة"؛ توجيه مواقف القرّاء والمستمعين والمشاهدين؛ المضي خطواتٍ بعيدة إلى الأمام، نحو تعزيز مكانته رئيسا للحكومة، وهو منصب غير محدود المدة من حيث عدد الولايات. ولا يعني هذا أن رقابة المنابر الإعلامية تتسم بمناهضة للسياسة الإسرائيلية العامة، فهذا ما تُبدّده تقارير تتناول أداء هذه المنابر، لا سيّما في أثناء فترات الحروب، منذ عدة عقود.
ثمّة أمر آخر أثبتته المعركة الانتخابية هو أن التنافس الرئيسي دار ويدور بين اليمين الصلب واليمين الناعم، والأخير يمثل تحالف الجنرالات "أزرق أبيض" الذي يتبنّى أجندة اليمين الصلب، في ما يتعلق بالتسوية السياسية مع الفلسطينيين، ورئيسه أكد في آخر نداء إلى الناخبين أنه، من ناحية سياسية وأمنية، يميل جداً نحو اليمين، وذلك لأن أي تسويةٍ مستقبليةٍ مع الفلسطينيين ترتبط باعتبارات أمنية. وحتى "اليسار الصهيونيّ" الهشّ الذي كان يمثله حزب ميرتس ابتلع، في نطاق تحالف "المعسكر الديمقراطي"، سوية مع حزب رئيس الحكومة السابق إيهود باراك، الذي صرّح يوم 5 أيلول/ سبتمبر الحالي بأن "المعسكر الديمقراطي يقف إلى يمين حزب العمل"!