05 نوفمبر 2024
ما هم بجيش العراق
كان مشهد أبو خليل، ذاهباً إلى جبهات القتال، أو عائدا منها، يبعث على التفاؤل والاطمئنان، أحاسيس جرّبها من عاش حقبة ثمانينيات القرن الماضي إبّان الحرب الإيرانية على العراق، والتي استمرت ثمانية أعوام متلاحقة، استطاع فيها الجندي العراقي، أبو خليل كما يطلق عليه في العراق، في أن يكون درعا ليس للوطن وحسب، وإنما لكل الوطن العربي، يوم أن حماه من مخططات إيران التي عادت إلى المنطقة، وبقوة، بعد الاحتلال الأميركي وانهيار البوابة الشرقية.
أبو خليل، ذاك الجندي العراقي الذي كان لشاربه هيبة، كان إنساناً، ليس لأنه من طينةٍ مختلفة، ولكن، لأنه ابن الأرض، عراقي في الصميم، لم تلوثه أحقاد أو تلعب بها أهواء، فكان بارّاً بأرضه وأهلهم، وكان يعرف أن لحدوده حرمةً يجب أن تُصان، فأرخص دمه، ومنع العدو من دخول ارضه.
يوم أن كانت إيران تعذّب أسرى العراق، وتسحلهم بشاحنتين، كل واحدة تأخذ طريقاً، كان ابن الرافدين يعامل أسراه معاملةً إنسانية، ويوم أن دخل هذا الجيش إلى الكويت، قرّر أبو خليل ألا يقاتل، لأنه يؤمن بأن الأرض ليست أرضه، فتعرّض الجيش لأكبر نكسةٍ في تاريخه، يوم أن قرّر التحالف الدولي ارتكاب مجزرةٍ بالأرتال المنسحبة، لكنه بقي إنساناً.
حُلّ هذا الجيش، الجيش ذو التاريخ العريق، الذي يعود تأسيسه إلى العام 1921، وذلك عقب الاحتلال الأميركي، أول القرارات التي يشم منها رائحة التآمر على جيش العراق الذي نجحت وحدة الصواريخ الخاصة به في أن تصل إلى تل أبيب عام 1991.
تاريخ الجيش العراقي حافلٌ، وأكبر بكثير من حصره بكلماتٍ، فحرب 1948 ضد الوجود الصهيوني في فلسطين شاهدة، وما تلاها من حروبٍ أخرى، فأكثر جندي عربي يعرف
الإسرائيلي بأسه كان الجندي العراقي، هذا المقاتل الشرس الذي طار فوق تل أبيب عام 1973، ونجح في دكّ أغلب المقاتلات الإسرائيلية، حتى قبل إقلاعها، بل إن حروب الجو التي كانت شبه معدومة لخطورتها، برع فيها الطيار العراقي. هذا الجندي الذي ما زالت رفاته تعطّر تراب الأرض العربية، في فلسطين والأردن وأرض الشام، فلم يبخل بدمه وجاد بالغالي، إيمانا منه بقضيته.
وربما تحكي لنا دمشق قصة الجباه السّمر التي جاءت ملبيةً نداء العروبة يوم أن قال قادة تل أبيب إنهم سيتناولون غداءهم في الغوطة، يومها سارت الدبابات على رصيفها، لقلة الناقلات، ووصلت إلى دمشق، وخاضت واحدةً من أصعب المعارك وأشرسها ضد الكيان المحتل، لتنجح في إبعاد شره وخطورته عن دمشق العروبة، ولولا خيانة الخائنين من حكام سورية وقتذاك، لكانت الجولان اليوم تقف مع إخواتها مدن سورية الأخرى في الثورة ضد نظام الأسد.
هكذا كان الجيش العراقي، جيش أبو خليل الذي كتب سطوراً ناصعة في تاريخه، إلا أن الحال تغير بعد أن رأت فيه سلطة الاحتلال الجديدة أنه أحد أسباب ليس قوة العراق، وإنما وحدته أيضا، فحلت الجيش وسرحت جنوده وضباطه، لتبدأ إنشاء جيش من بقايا المليشيات التي تدربت في إيران، والتي كانت ذات يوم سكّيناً في خاصرة العراق.
اعتمد الاحتلال الأميركي على حلفائه من أحزاب ما قبل احتلال العراق التي قبلت أن تضع يدها بيد عدوٍّ جاء لاحتلال بلادهم، فكان أن تم تشكيل الجيش العراقي من مليشيات الأحزاب الشيعية حصراً، بل الأكثر من ذلك، حتى استمارة الانتساب لتلك القوات كانت فيها خانة مخصصة للمذهب، ليتم استبعاد كل سنيٍّ يرغب بالتطوع.
ليس صحيحاً أن السنة أحجموا عن الدخول في الجيش الذي شكله بول بريمر، بعد حل الجيش السابق، وليس صحيحاً أن هيئة علماء المسلمين أصدرت فتوىً بتحريم الانضمام إلى هذا الجيش، ويمكن الرجوع إلى كل بياناتها في هذا المجال، الصحيح أن هناك قوة احتلال أرادت أن تشكل جيشاً على مقاس مطامعها بالعراق، جيشاً يقتل أبناء شعبه، إذا طلب منه المحتل ذلك، وذاك ما حصل.
اليوم في الموصل، وفي عموم مدن سنة العراق، لا أحد يثق بهذا الجيش، وربما كان ذلك واحداً من أسباب سقوط المدن العراقية، الواحدة تلو الأخرى، بيد تنظيم الدولة الإسلامية عام 2014، وإذا كان بعضهم يعتقد أن المليشيات الطائفية الشيعية هي من يرتكب الجرائم بحق السنة، فهو مخطئ، كون هذا الجيش لا يقل مليشياوية وجرميةً عن الحشد الشعبي.
بات العراقي اليوم أسير مليشيات تحكمه، تارةً ترتدي زي الشرطة، وهي جزءٌ منها، بل جزءٌ أساسي، وتارة أخرى زي الجيش، وثالثة زي السياسي والمسؤول. لذا، لن تقوم للعراق قائمة، وجرائم هذه المليشيات والقوات الحكومية لن تتوقف، بل القادم أدهى وأمرّ، وستكون الموصل شاهدةً على واحدة من أبشع المجازر التي يُراد لها أن ترتكب.
الذين شاهدهم العالم وهم يدهسون جثة الطفل بعد قتله، والله ما هم بجيش العراق، هؤلاء رُعاع، جمعتهم أميركا لتحمي بها مشروعها في العراق.
أبو خليل، ذاك الجندي العراقي الذي كان لشاربه هيبة، كان إنساناً، ليس لأنه من طينةٍ مختلفة، ولكن، لأنه ابن الأرض، عراقي في الصميم، لم تلوثه أحقاد أو تلعب بها أهواء، فكان بارّاً بأرضه وأهلهم، وكان يعرف أن لحدوده حرمةً يجب أن تُصان، فأرخص دمه، ومنع العدو من دخول ارضه.
يوم أن كانت إيران تعذّب أسرى العراق، وتسحلهم بشاحنتين، كل واحدة تأخذ طريقاً، كان ابن الرافدين يعامل أسراه معاملةً إنسانية، ويوم أن دخل هذا الجيش إلى الكويت، قرّر أبو خليل ألا يقاتل، لأنه يؤمن بأن الأرض ليست أرضه، فتعرّض الجيش لأكبر نكسةٍ في تاريخه، يوم أن قرّر التحالف الدولي ارتكاب مجزرةٍ بالأرتال المنسحبة، لكنه بقي إنساناً.
حُلّ هذا الجيش، الجيش ذو التاريخ العريق، الذي يعود تأسيسه إلى العام 1921، وذلك عقب الاحتلال الأميركي، أول القرارات التي يشم منها رائحة التآمر على جيش العراق الذي نجحت وحدة الصواريخ الخاصة به في أن تصل إلى تل أبيب عام 1991.
تاريخ الجيش العراقي حافلٌ، وأكبر بكثير من حصره بكلماتٍ، فحرب 1948 ضد الوجود الصهيوني في فلسطين شاهدة، وما تلاها من حروبٍ أخرى، فأكثر جندي عربي يعرف
وربما تحكي لنا دمشق قصة الجباه السّمر التي جاءت ملبيةً نداء العروبة يوم أن قال قادة تل أبيب إنهم سيتناولون غداءهم في الغوطة، يومها سارت الدبابات على رصيفها، لقلة الناقلات، ووصلت إلى دمشق، وخاضت واحدةً من أصعب المعارك وأشرسها ضد الكيان المحتل، لتنجح في إبعاد شره وخطورته عن دمشق العروبة، ولولا خيانة الخائنين من حكام سورية وقتذاك، لكانت الجولان اليوم تقف مع إخواتها مدن سورية الأخرى في الثورة ضد نظام الأسد.
هكذا كان الجيش العراقي، جيش أبو خليل الذي كتب سطوراً ناصعة في تاريخه، إلا أن الحال تغير بعد أن رأت فيه سلطة الاحتلال الجديدة أنه أحد أسباب ليس قوة العراق، وإنما وحدته أيضا، فحلت الجيش وسرحت جنوده وضباطه، لتبدأ إنشاء جيش من بقايا المليشيات التي تدربت في إيران، والتي كانت ذات يوم سكّيناً في خاصرة العراق.
اعتمد الاحتلال الأميركي على حلفائه من أحزاب ما قبل احتلال العراق التي قبلت أن تضع يدها بيد عدوٍّ جاء لاحتلال بلادهم، فكان أن تم تشكيل الجيش العراقي من مليشيات الأحزاب الشيعية حصراً، بل الأكثر من ذلك، حتى استمارة الانتساب لتلك القوات كانت فيها خانة مخصصة للمذهب، ليتم استبعاد كل سنيٍّ يرغب بالتطوع.
ليس صحيحاً أن السنة أحجموا عن الدخول في الجيش الذي شكله بول بريمر، بعد حل الجيش السابق، وليس صحيحاً أن هيئة علماء المسلمين أصدرت فتوىً بتحريم الانضمام إلى هذا الجيش، ويمكن الرجوع إلى كل بياناتها في هذا المجال، الصحيح أن هناك قوة احتلال أرادت أن تشكل جيشاً على مقاس مطامعها بالعراق، جيشاً يقتل أبناء شعبه، إذا طلب منه المحتل ذلك، وذاك ما حصل.
اليوم في الموصل، وفي عموم مدن سنة العراق، لا أحد يثق بهذا الجيش، وربما كان ذلك واحداً من أسباب سقوط المدن العراقية، الواحدة تلو الأخرى، بيد تنظيم الدولة الإسلامية عام 2014، وإذا كان بعضهم يعتقد أن المليشيات الطائفية الشيعية هي من يرتكب الجرائم بحق السنة، فهو مخطئ، كون هذا الجيش لا يقل مليشياوية وجرميةً عن الحشد الشعبي.
بات العراقي اليوم أسير مليشيات تحكمه، تارةً ترتدي زي الشرطة، وهي جزءٌ منها، بل جزءٌ أساسي، وتارة أخرى زي الجيش، وثالثة زي السياسي والمسؤول. لذا، لن تقوم للعراق قائمة، وجرائم هذه المليشيات والقوات الحكومية لن تتوقف، بل القادم أدهى وأمرّ، وستكون الموصل شاهدةً على واحدة من أبشع المجازر التي يُراد لها أن ترتكب.
الذين شاهدهم العالم وهم يدهسون جثة الطفل بعد قتله، والله ما هم بجيش العراق، هؤلاء رُعاع، جمعتهم أميركا لتحمي بها مشروعها في العراق.