في إطار مبادرة "معدات الحماية الشخصية للناس"، التي تهدف إلى مواجهة تداعيات فيروس كورونا على المجتمعات الضعيفة والنازحين واللاجئين، بدأ فريق من العلماء والفنانين البريطانيين بمساعدة اللاجئين السوريين في مخيمات الأردن، لإنتاج معدات الحماية الشخصية التي يمكن إعادة استخدامها.
وتضم المبادرة، أكاديميين من جامعة شيفيلد وكلية لندن للأزياء وجامعة الفنون بلندن (UAL) ، وباحثين من جامعتين في الأردن، جامعة آل البيت وجامعة البتراء.
ويقدم المشروع الذي حصل على تمويل بقيمة 766 ألف جنيه إسترليني، مليار دولار تقريباً، من حكومة المملكة المتحدة للاجئين في مخيم الزعتري في الأردن، الفرصة لتولي وظائف صناعية صغيرة الحجم، من خلال إنتاج أقنعة ودروع وأردية قابلة لإعادة الاستخدام وسط جائحة فيروس كورونا.
ويتم تصنيع معدات الحماية الشخصية باستخدام مواد منخفضة التكلفة ومن مصادر محلية وقابلة لإعادة التدوير.
وأوضح محمد الطاهر، مسؤول العلاقات الخارجية في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أن المشروع يساعد في دعم اللاجئين السوريين في المخيم من خلال خلق "فرص لكسب العيش، والمساعدة في زيادة التوعية لمكافحة فيروس كورونا".
وقال الطاهر "إن التعاون مع جامعة شيفيلد وكلية لندن للأزياء أدى إلى تدريب العديد من اللاجئات السوريات، في مخيم الزعتري، على مهارات تطوير معدات الوقاية الشخصية"، موضحاً أن هذه المهارات خلقت فرصاً لكسب العيش للاجئين ودعمت مجتمع اللاجئين.
وأضاف الطاهر أن المفوضية "تخطط لتغطية احتياجات مجتمع المخيم بمعدات الوقاية الشخصية، باستخدام مواد عالية الجودة ومنخفضة التكلفة"، باستخدام "حلول مبتكرة" في القيام بذلك.
وبحسب تقرير صادر عن صحيفة "إندبندنت" البريطانية، تم تصميم واقيات الوجه المطبوعة ثلاثية الأبعاد، كجزء من معدات الوقاية الشخصية للأشخاص باستخدام iForge، وهي مساحة عمل تعاونية في جامعة شيفيلد يديرها طلاب الهندسة.
من جهته، صرح البروفيسور توني رايان، مدير مركز غرانثام للمستقبل المستدام في جامعة شيفيلد والباحث الرئيسي في مشروع The People’s PPE مشروع "معدات الحماية الشخصية"، أن المبادرة تتعلق "بتمكين اللاجئين في أوقات الأزمات الصحية"، وقال "لقد أمضيت سنوات في العمل مع أهالي مخيم الزعتري لتحفيزهم وزيادة الإبداع لديهم، وفي مواجهة جائحة عالمية، نعمل معاً لتصميم وإنتاج معدات الحماية التي يحتاجها اللاجئون والمجتمع المضيف لهم للبقاء آمنين، مع تقليل النفايات البلاستيكية، وخلق فرص العمل وبناء المرونة داخل مجتمع المخيم"، وتم تنظيم المبادرة في مخيم الزعتري من قبل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR).
زيادة حدة الوباء
في تقرير حديث نشرته صحيفة "واشنطن بوست" بعنوان "تجنبت مخيمات اللاجئين أسوأ ما في هذا الوباء، لكن هذا الوضع على وشك التغيير"، حيث إنه، وبعد ما يقارب ستة أشهر من انتشار الوباء، دق الخبراء ناقوس الخطر من أن الفيروس التاجي بدأ في العثور على موطئ قدم جديد في بعض المخيمات، أو على مقربة منها بشكل خطير، مما يهدد بعض الفئات السكانية الأكثر ضعفاً في العالم.
وبالنسبة لملايين الأشخاص حول العالم الذين نزحوا بسبب الانهيار الاقتصادي والعنف والحرب ، غالباً ما يكون من المستحيل اتباع ممارسات مثل التباعد الاجتماعي وغسل اليدين وعزل المرضى والأكثر عرضة للخطر.
وفي الأسبوع الماضي، أبلغ قطاع غزة، أحد أفقر الأماكن وأكثرها كثافة سكانية على وجه الأرض، عن أولى حالات انتقال رسمية في المجتمع، وفي غضون أيام، تم تأكيد أكثر من 250 مريضاً بفيروس كورونا وأربع وفيات في الجيب الساحلي المحاصر، حيث تعاني المياه النظيفة والكهرباء والرعاية الطبية من نقص شديد.
ويعتمد ما يقارب 80% من سكان غزة، البالغ عددهم 2 مليون نسمة، على المساعدات الدولية بعد عقود من الصراع ، وما زال حوالي 600 ألف فلسطيني يعيشون في مخيمات لاجئين حضرية تشبه إلى حد كبير الأحياء الفقيرة، وكانت المنطقة قد سجلت في وقت سابق نحو 100 حالة بين مسافرين خاضعين للحجر الصحي، وسط شائعات عن انتشار غير مؤكد للمجتمع.
وفي جزيرة ليسبوس اليونانية، يوجد مخيم ضخم للمهاجرين المتجهين إلى أوروبا، وأكدت السلطات وجود إصابات بين اللاجئين. وقالت كارولين ويليمن، منسقة استجابة منظمة أطباء بلا حدود لفيروس كورونا، "تزداد أعداد الإصابات بكورونا في العديد من المخيمات، بسبب غياب إجراءات التباعد الاجتماعي من جهة، وغياب الإجراءات الخاصة بالنظافة والعناية، ونقص المعدات"، وأضافت أن المخيمات في كثافتها تشبه "المهرجان الذي لا يريد أحد أن يحضره".
وفي مثال آخر على تداعيات فيروس كورونا في المخيمات، أكد المسؤولون عن مخيم الهول للاجئين، شمال شرق سورية، تسجيل أول إصابة محلية بفيروس كورونا في 27 آب/أغسطس، بعد عدة أسابيع من إصابة ثلاثة عاملين طبيين هناك بالفيروس.
وسجلت المنطقة الشمالية الشرقية رسمياً 394 حالة إصابة بفيروس كورونا منذ 24 أغسطس/آب. ويقول ويل تيرنر، مدير الطوارئ في منظمة أطباء بلا حدود في سورية، إن الاختبارات تبقى محدودة العدد، ما يشير إلى انتشار أوسع بكثير.
وقال ميستي بوسويل، المدير الإقليمي للشرق الأوسط في لجنة الإنقاذ الدولية (IRC) "فوجئنا جميعاً بأننا لم نشهد انفجاراً سابقاً في المخيمات، ولكن أعتقد أننا الآن بدأنا بالفعل في الوصول إلى نقطة تحول".
وفي الأشهر الأخيرة، قالت مجموعات الإغاثة إن المانحين أبدوا اهتماماً أقل بتمويل أعمال الاستجابة لفيروس كورونا في الأماكن التي لا يوجد بها تفش كبير، الأمر الذي جعل المجموعات تطلب الموارد لمنع الكوارث المحتملة.