مبادرة سياسية جديدة لحل الأزمة السورية أطلقتها المجموعة الاستشارية السورية المكوّنة من مجموعة من مراكز الأبحاث السورية، تطرح إطلاق حوار وطني بين الفرقاء السياسيين السوريين، وصولاً إلى اتفاقهم على عقد اجتماعي جديد يرسم معالم الدولة السورية الجديدة ويضع أسس المصالحة الوطنية.
ووقّع على المبادرة كل من بدر جاموس عن المعهد الملكي لتنمية القدرات البشرية، وبسمة قضماني عن مبادرة الإصلاح العربي، وسمير التقي عن مركز الشرق للبحوث، ومؤيد رشيد عن المعهد الملكي لتنمية القدرات البشرية، وعماد الدين رشيد عن مركز الاستشراق للدراسات والأبحاث.
وأوضح مطلقو المبادرة في بيان إعلانها أنها "تستند إلى مبدأ أساسي لازم، وهو أنّ الحوار يجب أن يقوم بين السوريين أنفسهم"، لافتين إلى أن "الحوار في هذا المستوى ينبغي أن يكون جهداً سورياً صرفاً لا تسبقه الجهود العربية والدولية، إذ يحتاج قدراً عالياً من الحياد والتدرج".
وحدد القائمون على المبادرة بنودها بإقامة حوار سوري-سوري بين الفرقاء السياسيين، مع إشارتهم إلى أنها غير موجّهة بأي شكل إلى النظام السوري الحاكم حالياً بل إلى أفرقاء المعارضة من جهة وحاضن النظام السوري الشعبي من جهة أخرى، بحيث يتمخض عن ذلك حوار وطني شامل على أساس الحوار الضيق الذي ستنطلق منه المبادرة.
كذلك تضمنّت المبادرة بنداً ينص على ضرورة أن يقوم الطرفان بوضع ترتيبات أمنية عملية لفرض حد أدنى من الاستقرار من خلال تجميد القتال، تنتشر بموجب الترتيبات قوى سورية في مختلف المناطق بحسب ما يُتفق عليه مسبقاً. وإذا قرر المجتمع الدولي نشر قوات حفظ سلام أو مراقبين فمن المتوقع ألا تكون الأعداد ولا المهمة المنوطة بهم بالمستوى المطلوب، لذا فهي لن تشكل البديل عن اتفاق سوري-سوري، وعليه فلا بد من التخطيط على أساس الاعتماد على قوى سورية.
وأشارت بنود المبادرة إلى أن الاتفاق على تشكيل الجيش وقوى الأمن يشكّل العمود الفقري للحل السياسي، وتُعدّ إعادة هيكلتها بشكل حقيقي متوازن تقبل به الأطراف المدخل الأكثر واقعية للتعامل مع مخاوف سكان مختلف مناطق سورية.
اقرأ أيضاً: الفوعة... نموذج لصناعة العداء الطائفي على طريقة النظام السوري
وبخصوص مؤسسات الدولة السورية فقد أكدت المبادرة ضرورة الحفاظ عليها بعد تقسيمها إلى ثلاثة أنواع، النوع الأول هو المؤسسات التي قد تبقى عاملة إذا قُطع رأسها، فينبغي رعايتها وتحريرها من رأسها الفاسد، والنوع الثاني هو مؤسسات الدولة المدنية العميقة، والتي تشكّل أدوات السيطرة على البلاد والمجتمع والموارد الحيوية، لكل حكومة وطنية يمكن أن تقوم بدورها التنفيذي، فينبغي حمايتها ورعايتها مع إزالة ما فيها من فساد، أما النوع الثالث فهو المؤسسات الطفيلية التي تمتص دماء البلد، وتشكّل السلطة العميقة للنظام الاستبدادي، فينبغي تفكيكها واستبدالها بمؤسسات وطنية.
ويشرح التقي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه من دون وجود حوار بين السوريين فإن أي محاولة للحل في سورية ستؤدي إلى تحويل البلاد إلى مجموعة من الدويلات الفاشلة المتصارعة فيما بينها بسبب ارتهانها للقوى الإقليمية والدولية، لذلك فمن الضروري محاولة إطلاق حوار بين السوريين.
ويعلن أنه أجرى لقاءات مع قيادة الائتلاف السوري المعارض والمجموعات الكردية ومجموعة الديمقراطيين والإسلاميين المعارضة للنظام السوري ولاقت المبادرة قبولاً في أوساط هؤلاء، كما لاقت المبادرة قبولاً في أوساط موالية للنظام لم يرغب بالإفصاح عن أسمائها حالياً. ويرى أن القبول الواسع الذي لاقته المبادرة في أوساط المعارضة السورية السياسية وحتى في أوساط تشكيلات المعارضة السورية المسلحة الإسلامية وأوساط مؤيدة للنظام السوري، يشير إلى إمكانية خلق أرضية لتسوية سياسية على المستوى الوطني في سورية.
ويوضح التقي أن قبول السوريين بالتفاوض مع الإيرانيين أو الروس، هو إقرار ضمني من قِبلهم بتسليم البلد لهم، باعتبار أن الإيرانيين والروس باتوا يملكون قوى عسكرية على الأرض السورية وهي قوى احتلال، وسيتورط الروس، بحسب وجهة نظر التقي، في مواجهة مسلحة مع المعارضة السورية في حال أصروا على وجود عسكري لهم على الأرض السورية لينتهوا بخسارة عسكرية كبيرة كما حصل في أفغانستان سابقاً، لذلك يرى أن الحل في سورية يجب أن ينطلق من حوار سوري يمكن من خلاله أن يتصدى السوريون للتحديات التي تهدد مستقبلهم.
ويلفت التقي إلى أن هناك حاضناً شعبياً للنظام السوري يقارب نحو 30 في المائة من السكان يجب أن يتم إشراكه في التسوية السياسية عوضاً عن التفاوض مع النظام السوري لتسليم السلطة لهيئة حكم انتقالية كما ورد في إعلان جنيف.
اقرأ أيضاً: هدنة جديدة بين أحرار الشام والإيرانيين في الزبداني والفوعة