في حوار أجرته مجلة "ماريان" الفرنسية مع الروائي البيروفي ماريو بارغاس يوسا (1936)، تحدّث فيه عن واقع النخب الثقافية في العالم الغربي، في ظل هيمنة الثقافة الاستهلاكية. يعتقد صاحب نوبل للآداب (2010)، أنّ العالم الغربي دخل في مرحلة انهيار ثقافة النخبة، وصعود الثقافة الاستهلاكية القائمة على ما تصنعه مؤسسات الإعلام من بدائل ثقافية، قائمة على وسيط لغوي جديد هو الصورة الإعلامية.
لم تعد الثقافة معنيّة بالنقد، بل ولم تعد النخب الثقافية تحمل هموماً نقدية، ويخصّ بالذكر الأكاديميّين الذين ابتعدوا عن الاهتمام بالواقع السياسي والاجتماعي لمجتمعاتهم، مكتفين بوظائفهم البيداغوجية التي لا تخرج عن قاعات الدرس، ويصف معارفهم بأنّها حبيسة النظريات.
لقد ظهر اليوم وبشكل واضح ما يسمى بالمثقف الـ"ميدياتيكي" الذي تظلّ صورته لصيقة بشاشات التلفاز، ويُسهب في الكلام في كل شؤون الحياة، وغالباً ما يحلّل بسطحية كلّ مشكلات المجتمع دون أن يكون متخصّصاً فيها، وهذا النوع من المثقفين ليس أكثر من صناعة يتم استخدامها لتحقيق أجندات إعلامية.
لا نعرف بالضبط ما يقوم به يوسا نفسه كمثقف بعد نوبل، لكنه يقول ساخراً إن المثقف في هذا العصر تحوّل إلى مهرّج، علماً أنّ من حقه أن يصير كذلك، طالما أنّ المجتمع المعاصر في حاجة إلى التهريج، وأنّ الجماهير أصبحت في حاجة إلى التنفيس وليس إلى التوعية.