يئن المهاجر النيجيري محمد وهو في حالة شبه هستيرية ممدداً على حمالة للمسعفين الليبيين ممسكاً بجواز سفره، بعدما قصفت طائرة تابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر مركز إيواء مهاجرين بتاجوراء شرقي طرابلس ليل الأربعاء، ما أسفر عن مقتل 33 مهاجرا من بينهم خمسة جثث عبارة عن أشلاء، فيما بلغ عدد الجرحى 67 مهاجرا خرج منهم 10 حالات من المشافي بعد حصولهم على العلاج وفق ما أكدته لـ "العربي الجديد" وداد أبو النيران رئيس قسم الإعلام في وزارة الصحة الليبية، موضحة أن جنسيات الضحايا تعود إلى الجزائر والمغرب والسودان وموريتانيا وبنغلاديش والصومال.
يقول محمد "أنا حي... أنا حي... أشعر بالضعف... أشعر بالضعف... أنا من نيجيريا... لماذا هذا القصف؟ لماذا نقتل هكذا؟". يصرخ المهاجر الثلاثيني متذكرا كيف تحول المبنى إلى ركام فجأة، بينما سادت حالة من الفوضى والإرباك في محيط مركز الإيواء بعد القصف الجوي، وهرول بعض المهاجرين الناجين من المجزرة البشعة دون أن يعرفوا وجهتهم، فيما تحاول فرق الإسعاف جمع الجثث والأشلاء البشرية وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، بعدما قضت مجزرة المهاجرين البشعة على ما تبقى من بصيص أمل لدى بعضهم، كما قال أحدهم وهو سوداني الجنسية لم يشأ الكشف عن اسمه، نظرا لسوء الأحوال التي يعيشونها بالمركز قائلا "أضطر إلى النوم على الفراش مناصفة مع مهاجر سوداني آخر.. كنا مكدسين هنا ونعاني من سوء في النظام الغذائي بالمركز.. أنتمي لدولة جنوب السودان وليس هناك تواصل بين حكومة دولة الجنوب والحكومة الليبية.. أعيش هنا وأنتظر المجهول".
اقــرأ أيضاً
قصة مأساوية
خرج المهاجر اليمني عمر قبل عام ونصف من اليمن إلى مصر كما يروي بأسى لحال رفاقه القتلى والجرحى، ويشكر الله على نجاته من القصف بينما يضيف: "أوقفني المصريون ولم يسمحوا لي بمواصلة رحلتي إلى ليبيا بسبب حالة عدم الاستقرار فيها، ولم يعيدوني إلى اليمن للسبب نفسه، فرحلوني إلى السودان، ومنه قدمت إلى ليبيا وركبت البحر لمحاولة الوصول إلى أوروبا، فغرق مركبنا ووصل نبأ غرقي إلى أهلي في اليمن، فأقاموا لي مأتماً لاعتقادهم بأن البحر قد ابتلعني.. إلا أن أحد الليبيين كان قد أنقذني وأسعفني ومن ثم وجدت نفسي هنا داخل هذا المركز منذ ثلاثة عشر شهراً.. في وضع مأساوي ولا نعلم مصيرنا.. المنظمات الدولية التي تقوم بمنح حق اللجوء زارتنا أكثر من مرة، وفي كل مرة تمنح مجموعة من المهاجرين حق اللجوء.. إلا أن الحظ لم يحالفني في هذه أيضا لا أنا ولا رفيقي اليمني".
داخل مكان المجزرة
المبنى الذي كان يؤوي عمر ورفاقه، يقع على مساحة مائة وعشرين متراً مربعاً، في داخله قرابة 120 مهاجر غير شرعي من جنسيات عدة، وفق إفادات شهود العيان من المهاجرين الناجين، لكن المبنى تحول إلى ركام مختلط ببقايا ملابس وأحذية وأغطية وبطاطين مضرجة بالدماء، بعدما قصفت طائرة تابعة لحفتر المبنى ما أحدث حفرة قطرها قرابة ثلاثة أمتار، خلّفها الصاروخ الذي استهدف المبنى، وتقبع أمام المبنى سيارة تابعة لمركز إيواء تاجوراء بجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية أصبحت شبه مدمرة بعد أن مزقتها شظايا الصاروخ.
وحتى بعد مضي اثنتي عشرة ساعة من القصف، قال محمد المرحاني وكيل وزارة الداخلية لشؤون الهجرة غير الشرعية إن عمليات الإنقاذ متواصلة حتى الآن، ورجّح تزايد حصيلة القتلى بسبب وجود بعض المهاجرين عالقين تحت الأنقاض، وبسبب الحالة الحرجة لبعض الجرحى الذين تم إنقاذهم وإسعافهم.
وتابع المرحاني لـ"العربي الجديد": "نحن أمام خرق خطير لحقوق الإنسان بعملية قتل وإبادة جماعية للمهاجرين داخل المركز"، مطالبا المنظمات الدولية بتحمل مسؤولياتها، وإيجاد حلول للمهاجرين العالقين لأنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها استهداف المهاجرين".
اعتداءات متكررة على مراكز إيواء المهاجرين
يوثق مصطفى المجعي الناطق باسم قوات عملية بركان الغضب التابعة لحكومة الوفاق الوطني جرائم مليشيات حفتر واعتداءتها على المدنيين، قائلا "هذه ليست المرة الأولى التي تعتدي فيها مليشيات حفتر على المهاجرين الذين لا حول لهم ولا قوة في مراكز إيوائهم.. ففي إبريل/نيسان الماضي، استهدفت مليشيات حفتر مركزا لإيواء المهاجرين غير الشرعيين في منطقة قصر بن غشير جنوبي طرابلس، ما أسفر عن إصابة 12 مهاجرا من جنسيات أفريقية مختلفة، وفي مايو/أيار الماضي قصفت طائرة تابعة لحفتر مركز الإيواء هذا نفسه، وتسبب حينها في حالة من الهلع والخوف بين المهاجرين دون وقوع قتلى".
اقــرأ أيضاً
يُضيف المجعي "الهجوم على مراكز إيواء مهاجرين انتهاك جسيم للقانون الدولي والإنساني، وهو ليس إحراجا للمجتمع الدولي فقط، بل يعتبر إدانة له إن سكت ولم يتخذ خطوات تحقيق حول الفعل، كون هذه المراكز تتبع أو تحت إشراف منظمات دولية تراقب وتدعم".
ويخشى المجعي من عدم استجابة المجتمع الدولي لنداء الحكومة بالتحقيق في هذه الانتهاكات المتكررة من قبل مليشيات حفتر وإرسال لجان تقصي حقائق ما يشجع على استمرار قتل المهاجرين والليبيين، قائلا :"على مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمنظمات الدولية للهجرة والاتحاد الأوروبي، التعاون مع السلطات الليبية، من أجل إعادة المهاجرين إلى أوطانهم، وتوطين من تستدعي ظروفه في بلد ثالث".
ونقل جهاز الهجرة غير الشرعية باقي المهاجرين الناجين إلى أماكن آمنة حفاظا على سلامتهم، وفق إفادة العقيد المبروك عبدالحفيظ رئيس الجهاز والناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية، والذي لفت إلى أن المبنى المستهدف يعد واحدا من خمسة مبان تضم في مجموعها 610 مهاجرين داخل مركز الإيواء من مختلف الجنسيات.
وشدّد عبد الحفيظ في إفادته لـ"العربي الجديد" على أن "هذه الأعمال الإجرامية تعتبر جرائم حرب ضد الإنسانية، و طالبنا في بيان لوزارة الداخلية المجتمع الدولي والاتحاد الأفريقي بالتحقيق في هذه الجرائم التي تقوم بها مليشيات حفتر، وضرورة ملاحقة مرتكبي هذه الأعمال الإجرامية وتقديمهم للعدالة".
يقول محمد "أنا حي... أنا حي... أشعر بالضعف... أشعر بالضعف... أنا من نيجيريا... لماذا هذا القصف؟ لماذا نقتل هكذا؟". يصرخ المهاجر الثلاثيني متذكرا كيف تحول المبنى إلى ركام فجأة، بينما سادت حالة من الفوضى والإرباك في محيط مركز الإيواء بعد القصف الجوي، وهرول بعض المهاجرين الناجين من المجزرة البشعة دون أن يعرفوا وجهتهم، فيما تحاول فرق الإسعاف جمع الجثث والأشلاء البشرية وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، بعدما قضت مجزرة المهاجرين البشعة على ما تبقى من بصيص أمل لدى بعضهم، كما قال أحدهم وهو سوداني الجنسية لم يشأ الكشف عن اسمه، نظرا لسوء الأحوال التي يعيشونها بالمركز قائلا "أضطر إلى النوم على الفراش مناصفة مع مهاجر سوداني آخر.. كنا مكدسين هنا ونعاني من سوء في النظام الغذائي بالمركز.. أنتمي لدولة جنوب السودان وليس هناك تواصل بين حكومة دولة الجنوب والحكومة الليبية.. أعيش هنا وأنتظر المجهول".
قصة مأساوية
خرج المهاجر اليمني عمر قبل عام ونصف من اليمن إلى مصر كما يروي بأسى لحال رفاقه القتلى والجرحى، ويشكر الله على نجاته من القصف بينما يضيف: "أوقفني المصريون ولم يسمحوا لي بمواصلة رحلتي إلى ليبيا بسبب حالة عدم الاستقرار فيها، ولم يعيدوني إلى اليمن للسبب نفسه، فرحلوني إلى السودان، ومنه قدمت إلى ليبيا وركبت البحر لمحاولة الوصول إلى أوروبا، فغرق مركبنا ووصل نبأ غرقي إلى أهلي في اليمن، فأقاموا لي مأتماً لاعتقادهم بأن البحر قد ابتلعني.. إلا أن أحد الليبيين كان قد أنقذني وأسعفني ومن ثم وجدت نفسي هنا داخل هذا المركز منذ ثلاثة عشر شهراً.. في وضع مأساوي ولا نعلم مصيرنا.. المنظمات الدولية التي تقوم بمنح حق اللجوء زارتنا أكثر من مرة، وفي كل مرة تمنح مجموعة من المهاجرين حق اللجوء.. إلا أن الحظ لم يحالفني في هذه أيضا لا أنا ولا رفيقي اليمني".
داخل مكان المجزرة
المبنى الذي كان يؤوي عمر ورفاقه، يقع على مساحة مائة وعشرين متراً مربعاً، في داخله قرابة 120 مهاجر غير شرعي من جنسيات عدة، وفق إفادات شهود العيان من المهاجرين الناجين، لكن المبنى تحول إلى ركام مختلط ببقايا ملابس وأحذية وأغطية وبطاطين مضرجة بالدماء، بعدما قصفت طائرة تابعة لحفتر المبنى ما أحدث حفرة قطرها قرابة ثلاثة أمتار، خلّفها الصاروخ الذي استهدف المبنى، وتقبع أمام المبنى سيارة تابعة لمركز إيواء تاجوراء بجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية أصبحت شبه مدمرة بعد أن مزقتها شظايا الصاروخ.
وحتى بعد مضي اثنتي عشرة ساعة من القصف، قال محمد المرحاني وكيل وزارة الداخلية لشؤون الهجرة غير الشرعية إن عمليات الإنقاذ متواصلة حتى الآن، ورجّح تزايد حصيلة القتلى بسبب وجود بعض المهاجرين عالقين تحت الأنقاض، وبسبب الحالة الحرجة لبعض الجرحى الذين تم إنقاذهم وإسعافهم.
وتابع المرحاني لـ"العربي الجديد": "نحن أمام خرق خطير لحقوق الإنسان بعملية قتل وإبادة جماعية للمهاجرين داخل المركز"، مطالبا المنظمات الدولية بتحمل مسؤولياتها، وإيجاد حلول للمهاجرين العالقين لأنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها استهداف المهاجرين".
اعتداءات متكررة على مراكز إيواء المهاجرين
يوثق مصطفى المجعي الناطق باسم قوات عملية بركان الغضب التابعة لحكومة الوفاق الوطني جرائم مليشيات حفتر واعتداءتها على المدنيين، قائلا "هذه ليست المرة الأولى التي تعتدي فيها مليشيات حفتر على المهاجرين الذين لا حول لهم ولا قوة في مراكز إيوائهم.. ففي إبريل/نيسان الماضي، استهدفت مليشيات حفتر مركزا لإيواء المهاجرين غير الشرعيين في منطقة قصر بن غشير جنوبي طرابلس، ما أسفر عن إصابة 12 مهاجرا من جنسيات أفريقية مختلفة، وفي مايو/أيار الماضي قصفت طائرة تابعة لحفتر مركز الإيواء هذا نفسه، وتسبب حينها في حالة من الهلع والخوف بين المهاجرين دون وقوع قتلى".
يُضيف المجعي "الهجوم على مراكز إيواء مهاجرين انتهاك جسيم للقانون الدولي والإنساني، وهو ليس إحراجا للمجتمع الدولي فقط، بل يعتبر إدانة له إن سكت ولم يتخذ خطوات تحقيق حول الفعل، كون هذه المراكز تتبع أو تحت إشراف منظمات دولية تراقب وتدعم".
ويخشى المجعي من عدم استجابة المجتمع الدولي لنداء الحكومة بالتحقيق في هذه الانتهاكات المتكررة من قبل مليشيات حفتر وإرسال لجان تقصي حقائق ما يشجع على استمرار قتل المهاجرين والليبيين، قائلا :"على مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمنظمات الدولية للهجرة والاتحاد الأوروبي، التعاون مع السلطات الليبية، من أجل إعادة المهاجرين إلى أوطانهم، وتوطين من تستدعي ظروفه في بلد ثالث".
ونقل جهاز الهجرة غير الشرعية باقي المهاجرين الناجين إلى أماكن آمنة حفاظا على سلامتهم، وفق إفادة العقيد المبروك عبدالحفيظ رئيس الجهاز والناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية، والذي لفت إلى أن المبنى المستهدف يعد واحدا من خمسة مبان تضم في مجموعها 610 مهاجرين داخل مركز الإيواء من مختلف الجنسيات.
وشدّد عبد الحفيظ في إفادته لـ"العربي الجديد" على أن "هذه الأعمال الإجرامية تعتبر جرائم حرب ضد الإنسانية، و طالبنا في بيان لوزارة الداخلية المجتمع الدولي والاتحاد الأفريقي بالتحقيق في هذه الجرائم التي تقوم بها مليشيات حفتر، وضرورة ملاحقة مرتكبي هذه الأعمال الإجرامية وتقديمهم للعدالة".