27 سبتمبر 2024
مجلس الأمن والأزمة الليبية
"يكرّر مجلس الأمن التأكيد على أن الاتفاق السياسي الليبي يظل، بعد مرور سنتين منذ التوقيع عليه في 17 ديسمبر/ كانون الأول 2015 في الصخيرات، الإطار الوحيد الصالح لإنهاء الأزمة السياسية الليبية". هذا ما جاء في بيان رئيس مجلس الأمن في الجلسة المنعقدة في 14 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، وجاء أيضاً في جلسة 10 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي: "يؤكد مجلس الأمن من جديد أن الاتفاق السياسي الليبي يظل الإطار الوحيد الصالح لإنهاء الأزمة السياسية الليبية، وأن تنفيذه لا يزال أساسياً لإجراء الانتخابات وإتمام عملية الانتقال السياسي". وبهذا يتضح أن الأزمة الليبية تراوح مكانها، فقد مضى على الاتفاق السياسي (اتفاق الصخيرات) المشار إليه في البيان عامان، ولم يتزحزح، لا تنفيذاً ولا تعديلاً، والحالة الليبية تزداد سوءاً، اقتصاديا وسياسيا. إذاً السؤال هنا: لماذا يُصرُّ مجلس الأمن، والأمم المتحدة قبله، على هذا الاتفاق المُتعطّل؟
واقعياً، الظاهر أن الأمم المتحدة بدأت بعد عامين من الاتفاق بالانسلاخ منه بطرق غير مباشرة، أهمها محاولتها الدفع بكل قوة إلى إجراء انتخابات تشريعية في العام المقبل، وهذا ما أردفه بيان مجلس الأمن، عقب تمسّكه باتفاق الصخيرات، بقوله: "لا يزال تنفيذه أساسياً لإجراء الانتخابات وإتمام عملية الانتقال السياسي". ومن جهة أخرى، لم تستطع بعثة الأمم المتحدة، طوال العامين الماضيين، إقناع الأطراف الموقعة عليه بتعديله، على الرغم من المحاولات الحثيثة من أجل ذلك.
نظرياً، تعمل الأمم المتحدة على النقيض من ذلك، فهي لا تفتأ، في أي محفل أو مشاورات سياسية داخلية أو أممية، تؤكد أن اتفاق الصخيرات هو الحل الوحيد للأزمة الليبية، وفي هذا تناقض كبير، فعلى سبيل المثال: رحب مجلس الأمن، في جلسته في 10 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بما سمّاها الجهود المبذولة لتعزيز حوار سياسي شامل يجمع بين الليبيين، بما في ذلك جهود دول الجوار، وهذا سياق غير منضبط وتوصيف مضطرب، حيث يفهم من وصف "الحوار الشامل" نَقضٌ لاتفاق الصخيرات، لأن كثيرين لم يعترفوا به جملةً ولا تفصيلاً، خصوصا ممن وكلهم الاتفاق بتمريره، وكذلك دول الجوار، فعلى الرغم من تأييد غالبيتها له نظرياً، إلا أن الواقع على الأرض يدحض هذا، فالتدخلات السياسية وغيرها قائمة إلى الآن من بعضها، وهذا يناقض أيضا ما جاء في عدة بيانات أخرى، صادرة عنه في هذا الشأن. ثم إنه في الجلسة نفسها، نراه "يشدّد على توحيد جميع هذه المبادرات تحت قيادة الأمم المتحدة"، وهذا دليل على أنه اتفاق ناقص، وإلاّ ما احتاج مبادرات أخرى تؤازره.
ثم نراه، في بيانه أخيرا، يؤيد إدخال تعديلات محدودة على اتفاق الصخيرات، وليس واضحا من أي جانب قد يفهم هذا الأمر، فمن جانب تجديده مثلاً، وهذا لا يعتبر مقبولاً بالكلية، لا من المجلس نفسه نظرياً، ولا حتى من الموقعين عليه عملياً، أو أنه قد يفهم من جانب استغلال الوقت، إلى حين إجراء الانتخابات، وهذا لا فائدة منه أيضاً، فما عجز عنه أربعة وعشرون شهراً وما قبل صدوره، لا يمكن الاتفاق عليه في أشهر معدودة.
ويرفض البيان التدخل الأجنبي في البلاد، ففيه: "يؤكد المجلس على أن الليبيين ينبغي لهم أن يقروا مستقبلهم بأنفسهم من دون تدخل أجنبي"، وهذا نقيض الواقع، فالتدخلات الأجنبية هي من أفسدت العملية السياسية في ليبيا، وكان على مجلس الأمن، بما أنه يعتبر اتفاق الصخيرات الإطار الوحيد لحل الأزمة في البلاد، أن يُلجم الدول التي تعرقله، أو تعمل على تقويضه، لا التأكيد على ذلك فقط.
والملفت للنظر في بيان مجلس الأمن أخيرا أنه لم يتطرق لإصدار الدستور إلا تشجيعاً، حيث جاء فيه: "ويشجع على مواصلة إحراز التقدم نحو وضع الصيغة النهائية لدستور ليبي جديد"، ولم يتطرق للمواعيد التي وضعت له، ولا حتى لمسودة الدستور التي وضعتها لجنة الستين المعنية بهذا الشأن.
يتبين من هذا كله أن هناك خللا ليس في الاتفاق السياسي بحد ذاته فقط، بل أيضاً في الآليات الأممية المؤيدة هذا الاتفاق، وكأنه أريد لهذا الاتفاق أن يكون ورقةً تقف عندها كل المحاولات الأخرى لحل الأزمة الليبية، إلا إذا سارت في مساره وكفى.
واقعياً، الظاهر أن الأمم المتحدة بدأت بعد عامين من الاتفاق بالانسلاخ منه بطرق غير مباشرة، أهمها محاولتها الدفع بكل قوة إلى إجراء انتخابات تشريعية في العام المقبل، وهذا ما أردفه بيان مجلس الأمن، عقب تمسّكه باتفاق الصخيرات، بقوله: "لا يزال تنفيذه أساسياً لإجراء الانتخابات وإتمام عملية الانتقال السياسي". ومن جهة أخرى، لم تستطع بعثة الأمم المتحدة، طوال العامين الماضيين، إقناع الأطراف الموقعة عليه بتعديله، على الرغم من المحاولات الحثيثة من أجل ذلك.
نظرياً، تعمل الأمم المتحدة على النقيض من ذلك، فهي لا تفتأ، في أي محفل أو مشاورات سياسية داخلية أو أممية، تؤكد أن اتفاق الصخيرات هو الحل الوحيد للأزمة الليبية، وفي هذا تناقض كبير، فعلى سبيل المثال: رحب مجلس الأمن، في جلسته في 10 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بما سمّاها الجهود المبذولة لتعزيز حوار سياسي شامل يجمع بين الليبيين، بما في ذلك جهود دول الجوار، وهذا سياق غير منضبط وتوصيف مضطرب، حيث يفهم من وصف "الحوار الشامل" نَقضٌ لاتفاق الصخيرات، لأن كثيرين لم يعترفوا به جملةً ولا تفصيلاً، خصوصا ممن وكلهم الاتفاق بتمريره، وكذلك دول الجوار، فعلى الرغم من تأييد غالبيتها له نظرياً، إلا أن الواقع على الأرض يدحض هذا، فالتدخلات السياسية وغيرها قائمة إلى الآن من بعضها، وهذا يناقض أيضا ما جاء في عدة بيانات أخرى، صادرة عنه في هذا الشأن. ثم إنه في الجلسة نفسها، نراه "يشدّد على توحيد جميع هذه المبادرات تحت قيادة الأمم المتحدة"، وهذا دليل على أنه اتفاق ناقص، وإلاّ ما احتاج مبادرات أخرى تؤازره.
ثم نراه، في بيانه أخيرا، يؤيد إدخال تعديلات محدودة على اتفاق الصخيرات، وليس واضحا من أي جانب قد يفهم هذا الأمر، فمن جانب تجديده مثلاً، وهذا لا يعتبر مقبولاً بالكلية، لا من المجلس نفسه نظرياً، ولا حتى من الموقعين عليه عملياً، أو أنه قد يفهم من جانب استغلال الوقت، إلى حين إجراء الانتخابات، وهذا لا فائدة منه أيضاً، فما عجز عنه أربعة وعشرون شهراً وما قبل صدوره، لا يمكن الاتفاق عليه في أشهر معدودة.
ويرفض البيان التدخل الأجنبي في البلاد، ففيه: "يؤكد المجلس على أن الليبيين ينبغي لهم أن يقروا مستقبلهم بأنفسهم من دون تدخل أجنبي"، وهذا نقيض الواقع، فالتدخلات الأجنبية هي من أفسدت العملية السياسية في ليبيا، وكان على مجلس الأمن، بما أنه يعتبر اتفاق الصخيرات الإطار الوحيد لحل الأزمة في البلاد، أن يُلجم الدول التي تعرقله، أو تعمل على تقويضه، لا التأكيد على ذلك فقط.
والملفت للنظر في بيان مجلس الأمن أخيرا أنه لم يتطرق لإصدار الدستور إلا تشجيعاً، حيث جاء فيه: "ويشجع على مواصلة إحراز التقدم نحو وضع الصيغة النهائية لدستور ليبي جديد"، ولم يتطرق للمواعيد التي وضعت له، ولا حتى لمسودة الدستور التي وضعتها لجنة الستين المعنية بهذا الشأن.
يتبين من هذا كله أن هناك خللا ليس في الاتفاق السياسي بحد ذاته فقط، بل أيضاً في الآليات الأممية المؤيدة هذا الاتفاق، وكأنه أريد لهذا الاتفاق أن يكون ورقةً تقف عندها كل المحاولات الأخرى لحل الأزمة الليبية، إلا إذا سارت في مساره وكفى.