يعقد مجلس النواب اللبناني، جلسة عند الساعة الحادية عشرة (بالتوقيت المحلي) من صباح اليوم الخميس، لمناقشة قرار مجلس الوزراء إعلان حالة الطوارئ في مدينة بيروت، بعد الانفجار الضخم الذي هزّ مرفأها في 4 أغسطس/آب الحالي، والذي راح ضحيته أكثر من 170 شخصاً وما يزيد عن 6000 جريح ومفقود وآلاف العائلات المشردة والممتلكات المدمّرة.
وكان رئيس مجلس النواب نبيه بري قد دعا الأسبوع الماضي إلى عقد جلسة برلمانية لمساءلة الحكومة في قضية انفجار مرفأ بيروت، قبل أن تتحوّل لجلسة تناقش إعلان حالة الطوارئ، بعد استقالة حكومة حسان دياب، مساء الإثنين.
وستتلى في مستهل جلسة مجلس النواب، التي تُعقد في قصر اليونيسكو في بيروت، كتب استقالة النواب الذين تقدموا بها خطياً إلى رئاسة المجلس، وفق ما ذكرته "الوكالة الوطنية للإعلام" الرسمية اللبنانية. والنواب هم مروان حمادة، سامي الجميل، إلياس حنكش، نديم الجميل، بولا يعقوبيان، هنري حلو، ميشال معوض ونعمت افرام.
وكان مجلس الوزراء اللبناني قرّر، غداة الانفجار، تبني ما صدر عن المجلس الأعلى للدفاع، بما في ذلك إعلان بيروت مدينة منكوبة، وإعلان حالة الطوارئ فيها لمدة أسبوعين من تاريخ 4/8/2020، طالباً من السلطة العسكرية العليا فرض الإقامة الجبرية على كل من أدار شؤون تخزين "نترات الأمونيوم" (2750 طنا) وحراستها وفحص ملفها أياً كان منذ يونيو/ حزيران 2014 حتى تاريخ الانفجار.
وتتزامن هذه الجلسة مع حراك سياسي مكثف بغية إيجاد بديل عن حسان دياب لرئاسة الحكومة اللبنانية، في وقت يجري الحديث عن حكومة وحدة وطنية تجتمع فيها مختلف الأقطاب السياسية، الأمر الذي يرفضه الشارع اللبناني الذي يحمّل الطبقة السياسية الحاكمة وجميع من تعاقبوا على الحكم، مسؤولية جريمة مرفأ بيروت، خصوصاً أن "نترات الأمونيوم" التي تسبّبت بالانفجار الضخم، مخزنة بالمرفأ بطريقة غير آمنة منذ أكثر من 6 سنوات.
وبرزت دعوات اليوم لتحركات احتجاجية بالتزامن مع الجلسة، تطالب باستقالة مجلس النواب ورئيس الجمهورية ميشال عون، استكمالاً لاستقالة رئيس الحكومة حسان دياب، وبإجراء تحقيق دولي لأن أي تحقيق تقوم به لجنة مؤلفة من أشخاص هم في السلطة وموقع المسؤولية والاتهام، ومن جانب قضاء محسوب على المنظومة السياسية، لن يتمتع بالشفافية والمصداقية، ولن يؤمن العدالة الحقيقية للضحايا الذين فاق عددهم الـ170.
ويقول النائب قاسم هاشم، عضو كتلة "التنمية والتحرير" التي يرأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري، لـ"العربي الجديد"، إنّ الجلسة اليوم مُختصَرة وتقتصر على تلاوة الاستقالات المقدّمة خطياً حتى تصبح نافذة سواء حضروا الجلسة أم لم يحضروها، وعندها لا يمكن الرجوع عنها، فضلاً عن البحث في موضوع إعلان حالة طوارئ في بيروت وفق الآليات الدستورية والقانون، والتي يُفترَض بعد أسبوع على إعلانها إما البت بالقبول بها أو رفضها من قبل البرلمان.
ويلفت هاشم، إلى أنّ استقالة الحكومة أدت إلى انتفاء موضوع الجلسة الأساسي التي تبقى دستورية عندما يتأمن نصاب النصف زائداً واحداً أي 65 نائباً من أصل 128، وعند تلاوة الاستقالة يتعرض النصاب المجلسي إلى التعديل، وقد يكون هناك احتمال لاقتراح قانون من خارج جدول الأعمال له علاقة بالمهل نتيجة الظروف، لناحية المواضيع المالية والقروض وعلاقة المواطنين مع المؤسسات لتفادي الإشكاليات القانونية بين المؤسسات والمواطنين والإدارات بين بعضها.
برزت دعوات اليوم لتحركات احتجاجية بالتزامن مع الجلسة، تطالب بإجراء تحقيق دولي وباستقالة مجلس النواب ورئيس الجمهورية ميشال عون، استكمالاً لاستقالة رئيس الحكومة حسان دياب
بدوره، يقول النائب المستقيل ميشال معوض، وهو كان عضواً في "تكتل لبنان القوي" الذي يرأسه النائب جبران باسيل (صهر رئيس الجمهورية)، لـ"العربي الجديد"، أن لا تراجع عن استقالته، حيث إنه ملتزمٌ بواجب أخلاقي تجاه المواطنين والناخبين يفرض عليه الاستمرار في القرار الذي اتخذه، ولا سيما مقارنة مع حجم الكارثة التي حصلت في مرفأ بيروت، وتقاعس السلطة عن تحمّل مسؤولياتها ورفضها الاتجاه إلى طلب إجراء تحقيق دولي.
ويلفت معوض إلى أنّ هناك إشكاليات دستورية واضحة دائماً ما تقترن بالجلسات النيابية، حيث إن الجلسة كانت مخصصة لمساءلة الحكومة، علماً أنّ المجلس لم يجتمع منذ وقوع الانفجار، وهو اليوم يريد أن يناقش إعلان حالة الطوارئ بغياب الحكومة.
ويشدد معوض أن لا حلّ للأزمات في لبنان، حتى معالجة المشاكل الأساسية التي تكمن في ضرورة الخروج من الصراعات الإقليمية ومحاربة الفساد وآليات التعطيل المتبادلة، والبدء بإجراء الإصلاحات المطلوبة لوقف الهدر في المؤسسات وقطاعات الدولة، والذهاب بخطة لإعادة هيكلة الدين العام والمنظومة المالية، وطالما لم نقم بأي خطوة على هذا المستوى فسنبقى مكاننا لا بل نتجه إلى مزيدٍ من الانتحار، حتى وإن عقدوا تسويات جديدة.
وأكد النائب المستقيل وعضو "حزب الكتائب اللبنانية" الذي يرأسه سامي الجميل، إلياس حنكش، لـ"العربي الجديد"، أنّ نواب الكتائب الثلاثة لن يحضروا جلسة اليوم، وهم ماضون في استقالاتهم التي تقدّموا بها خطياً.
وقال النائب المستقيل سامي الجميل، أمس الأربعاء، بعد لقائه وفداً من "حزب القوات اللبنانية" الذي يرأسه سمير جعجع، حاول إقناع "الكتائب" بالعدول عن الاستقالة، إن لا تراجع عن هذه الخطوة لما لها من أهمية لجهة سحب الشرعية من مجلس النواب، وبالتالي المنظومة السياسية المهترئة والفاسدة.
كشف المشنوق أمس أن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون اتصل برؤساء عددٍ من الكتل النيابية وتمنى عليهم التريث في تقديم استقالاتهم
وعشية جلسة مجلس النواب، أعلن رئيس "القوات" سمير جعجع في مؤتمر صحافي أنّ نواب تكتله "الجمهورية القوية" لن يحضروا الجلسة اليوم الخميس، مناشداً النواب سحب استقالاتهم كي لا ينفرد المجلس بقرارات مصيرية عند انسحاب القوى السيادية.
وأشار جعجع، الى أن تكتله كان ماضيا في الاستقالة، بيد أن تراجع "تيار المستقبل" الذي يرأسه سعد الحريري، و"الحزب التقدمي الاشتراكي" برئاسة النائب السابق وليد جنبلاط، دفع بـ"القوات" إلى العدول عن الخطوة كي لا يتقدم الحزب منفرداً بها وتنتفي عندها الغاية منها.
من جهته، كشف النائب نهاد المشنوق (كان محسوباً على تيار المستقبل قبل حصول خلافات داخلية أخرجته منه)، في مؤتمر صحافي أمس الأربعاء، أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اتصل برؤساء عددٍ من الكتل النيابية وتمنى عليهم التريث في تقديم استقالاتهم.
ولم يحسم "تيار المستقبل" مشاركته في جلسة اليوم، تاركاً القرار للحظة الأخيرة، في ظلّ تكتم كبير يحرص عليه نواب الكتلة منذ وقوع الانفجار، وترداد موضوع استقالة النواب، علماً أنّ النائبة في "كتلة المستقبل" النيابية ديما جمالي كانت قد تقدّمت باستقالتها، لكنها بقيت في الإطار الإعلاني ولم تتقدّم بها خطياً، وبالتالي لا يؤخذ بها.
إلى ذلك، تجري وزيرة الجيوش الفرنسية فلورنس بارلي زيارة إلى بيروت اليوم الخميس وغداً الجمعة، لاستقبال حاملة المروحيات "تونير" المكلفة تقديم المساعدة بعد الانفجار الذي هزّ العاصمة اللبنانية، وفق ما أعلن مكتبها الأربعاء.
وقال المكتب في بيان إن الرسالة من هذه الزيارة، هي "نحن هنا، الدعم مستمر، المساعدة المعلنة سلمت". وأضاف أن "أحد الأهداف هو إزالة الأنقاض من المرفأ لجعله قادراً على العمل مرة أخرى".
وتأتي هذه الزيارة عقب أسبوع من زيارة إيمانويل ماكرون لبيروت بعد المأساة. ووعد حينها الرئيس الفرنسي بتقديم المساعدة للبنانيين، وحثّ السلطات على إجراء إصلاحات هيكلية للاستفادة من دعم دولي لإعادة الإعمار.
وستستقبل فلورنس بارلي "تونير" التي ينتظر وصولها ليل الخميس - الجمعة، كما ستلتقي الرئيس اللبناني ميشال عون.
وأبحرت "تونير" الأحد من تولون الفرنسية، وتحمل على متنها مجموعة هندسية من القوات البرية تتكون من نحو 350 عنصراً، ومفرزة غواصين من البحرية للتثبت من عدم وجود حطام يصعّب الوصول إلى المرفأ.
وتوجد أيضاً على متن حاملة الحوامات، إمكانيات لاستطلاع المنافذ البحرية والدعم في مجال المسح البحري، فيما تحول المرفأ إلى ركام ودمرت عدة أحياء محيطة به.
وتنقل "تونير" أيضاً مساعدة غذائية، تشمل خاصة الحبوب، ومواد بناء وفرتها عدة وزارات فرنسية وشركات خاصة.
Parti hier soir de Toulon, le porte-helicoptères Tonnerre traverse la Méditerranée en direction de Beyrouth. À son bord plus de 700 militaires, des denrées alimentaires, des médicaments, des moyens du génie. Nous nous tenons aux côtés du peuple libanais dans cette épreuve. pic.twitter.com/XYCmRDciI3
— Florence Parly (@florence_parly) August 10, 2020