وكانت هذه المجزرة، قد وقعت، في الأول من فبراير/ شباط 2012، في استاد بورسعيد، وراح ضحيتها 74 من مشجعي "الألتراس الأهلاوي"، أثناء مباراة كرة القدم بين الأهلي والمصري البورسعيدي.
وحددت المحكمة جلسة 30 مايو/ أيار المقبل للنطق بالحكم على جميع المتهمين.
وقد بدأت المحاكمة بعد وصول عدد من أهالي ضحايا مذبحة بورسعيد وعدد من أهالي المتهمين فيها، إلى مقر محكمة جنايات بورسعيد التي عقدت بأكاديمية الشرطة في القاهرة الجديدة، لسماع قرار المحكمة، إلا أنه تم حجزهم على بوابة الدخول انتظاراً من الأمن لتعليمات رئيس المحكمة.
وجاء في نص القرار "إحالة أوراق 11 متهماً إلى المفتي لأخذ رأيه الشرعي في إعدامهم وهم كل من السيد محمد رفعت مسعد الدنف وشهرته السيد الدنف (44 عاماً ويعمل فراناً)، ومحمد محمد رشاد محمد علي قوطة وشهرته قوطة الشيطان (21 عاماً)، ومحمد السيد السيد مصطفى وشهرته مناديلو (21 عاماً ويعمل سماكاً)، والسيد محمود خلف أبو زيد وشهرته السيد حسيبة (26 عاماً ويعمل عاملاً بالاستثمار)، ومحمد عادل محمد شحاتة وشهرته محمد حمص (21 عاماً)".
كذلك ضمت قائمة المحالين للمفتي "أحمد فتحي أحمد علي مزروع وشهرته الموزة (23 عاماً ويعمل مستخلصاً جمركياً)، ومحمد محمود أحمد البغدادي وشهرته الماندو (25 عاماً ويعمل أرزقياً)، وفؤاد أحمد التابعي محمد وشهرته فؤاد فوكس (21 عاماً ويعمل بائع كراسي)، وحسن محمد حسن المجدي - مخلى سبيله - (18 عاماً)، وعبدالعظيم غريب عبده وشهرته عظيمة (هارب)، ومحمود علي عبدالرحمن صالح (هارب)".
وحضّ نص القرار على "سرعة إلقاء القبض على عدد من المتهمين الهاربين" وهم "حسن الفقي، ورامي مصطفى المالكي، ومحمد هاني محمد صبحي، ومحمد السعيد مبارك، وأحمد محمد على رجب، وعادل حسني حاحة، ومحمود علي عبدالرحمن صالح، وحبسهم على ذمة القضية لحين جلسة النطق بالحكم".
كذلك حظر القرار "النشر بالقضية في جميع وسائل الإعلام حتى صدور الحكم وعلى النيابة العامة اتخاد الإجراءات الخاصة بهذا الشأن".
وصدر الحكم برئاسة المستشار محمد السعيد محمد الشربيني، وعضوية المستشارين سعيد عيسى حسن وبهاء الدين فؤاد توفيق وبحضور كل من طارق كروم ومحمد الجميل وكلاء النيابة وبسكرتارية محمد عبدالستار.
تحقيقات فضحت قصور الأمن
وكانت محكمة الجنايات المصرية "أول درجة"، أصدرت أحكاماً بمعاقبة 21 متهماً بالإعدام شنقاً، وبالسجن المؤبد 25 عاماً لخمسة متهمين، والسجن 15 عاماً لعشرة آخرين، والسجن 10 سنوات لستة متهمين، وخمس سنوات لمتهمين اثنين، وسنة مع الشغل لمتهم. كما قبلت المحكمة طعن النيابة العامة على براءة 28 آخرين من بينهم قيادات الشرطة، إلا أن محكمة النقض قبلت طعنهم وقررت إعادة محاكمتهم من جديد.
وفضحت التحقيقات قصور الموقف الأمني المتعمد، إذ إن الأمن قبل بداية المباراة ظهر بحالة من "اللامبالاة" ولم يكن على المستوى الأمني المطلوب على الرغم من أن هناك معلومات أولية لدى القيادات الأمنية ببورسعيد تشير إلى وجود احتقان بين جماهير الأهلي وجماهير النادي المصري.
وفتحت الشوارع المؤدية للاستاد للمرور، وفق التحقيقات، رغم اعتياد الأمن في المرات السابقة على غلقها قبل المباريات بساعات، ولم يتم التفتيش الوقائي للجماهير وزوار الاستاد الذين حضروا لمشاهدة المباراة، ولم يتم التأكد من حملهم تذاكر المباراة أو كارنيهات العضوية، ولم يعِر الأمن أي اهتمام للداخلين من بوابات الاستاد، وتم تخفيف الحراسة على المباراة عما كان يحدث في السابق، وأن سيارات الأمن المركزي على أطراف المدينة كانت خالية من أي قوات.
وجاءت شهادة أحد الأفراد من المقيمين ببيت شباب بورسعيد المواجه لبوابة الاستاد، أنه شاهد القيادات الأمنية المسؤولة عن تأمين المباراة والمدينة، متواجدين في بيت الشباب أثناء المباراة، وبعد وقوع الاشتباكات ظلوا متواجدين في أماكنهم من دون أن يحركوا ساكناً، وظلوا "يحتسون الشاي ويدخنون السجائر ويشاهدون المباراة من خلال شاشة التلفاز"، وفقاً لنص الشهادة.
لائحة الاتهامات
وأسندت النيابة العامة إلى المتهمين من القيادات الأمنية وهم مدير الأمن ومساعدوه وقائد الأمن المركزي ومدير عام النادي المصري ومسؤول الأمن بالنادي ومشرف الإضاءة، باشتراكهم مع بقية المتهمين وآخرين مجهولين في قتل المجني عليهم، بأن علموا أن هؤلاء المتهمين قد بيّتوا النية وعقدوا العزم على الاعتداء على جمهور النادي الأهلي "الأولترس"، وتيقنوا من ذلك.
وقد سهلوا لهم دخول استاد بورسعيد بأعداد غفيرة تزيد على العدد المقرر لهم من دون تفتيشهم لضبط ما كانوا يحملون من أسلحة بيضاء مختلفة الأنواع ومواد مفرقعة وأدوات أخرى، مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص، وسمحوا بتواجدهم في مضمار الملعب وفي مدرج قريب جداً من مدرج جمهور النادي الأهلي، مع علمهم بأنهم من أرباب السوابق الإجرامية.
وذكرت النيابة أن المتهمين من قوات الشرطة أحجموا، كل في ما يخصه، عن مباشرة الواجبات التي يفرض الدستور والقانون القيام بها لحفظ النظام والأمن العام وحماية الأرواح والأموال ومنع وقوع الجرائم، بينما قام متهم آخر وهو "مشرف الإضاءة بالنادي المصري البورسعيدي" بإطفاء كشافات إضاءة الملعب لتمكين المتهمين من ارتكاب جريمتهم.
وأكد المستشار عادل السعيد النائب العام المساعد ورئيس المكتب الفني، أن النيابة العامة تولت التحقيق في القضية منذ بدايتها وحتى نهايتها بإحالتها إلى محكمة الجنايات، وتولى التحقيق فيها المستشار مجدي الديب المحامي العام الأول لنيابات مدن القناة، والمستشار سامي عديلة المحامي العام لنيابات بورسعيد، وفريق من النيابة العامة.
وأضاف أنه انتقل مع النائب العام السابق المستشار عبد المجيد محمود وفريق من النيابة لمباشرة التحقيق تحت إشرافهما المباشر، وأن النائب العام وقتها أمر بالتحفظ على غرفة التحكم المركزية باستاد بورسعيد، والتي تتضمن 12 شاشة عرض تتحكم في 32 كاميرا تصوير، ما بين ثابتة ومتحركة، وقامت بنقل أحداث المباراة وكافة وقائعها وتسجيلها.
وذكر أنه تم التحفظ عليها، وتفريغها بمعرفة الفنيين المختصين الذين انتدبتهم النيابة، وتبين من الاطلاع على محتوياتها من جانب أعضاء النيابة العامة أنها تحتوي على مشاهد ولقطات مصورة تتضمن أدلة قاطعة بإدانة المتهمين لحظة ارتكاب الجريمة، والتقصير الأمني المتعمد الواضح بالقضية، مما استوجب إدخال عدد من القيادات الأمنية بالقضية كمتهمين وحصلوا على أحكام قضائية بإدانتهم من قبل محكمة الجنايات.
كذلك أسندت النيابة العامة إلى المتهمين "المدنيين" اتهامات بارتكاب جنايات القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد المقترن بجنايات القتل والشروع فيه بأن قام المتهمون بتبييت النية وعقد العزم على قتل بعض جمهور فريق النادي الأهلي، انتقاماً منهم لخلافات سابقة واستعراضاً للقوة أمامهم، وأعدوا لهذا الغرض أسلحة بيضاء مختلفة الأنواع ومواد مفرقعة وقطعاً من الحجارة وأدوات أخرى، مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص، وتربصوا لهم في استاد بورسعيد الذي أيقنوا سلفاً قدومهم إليه، ووقعت الجريمة بناء على مساعدة من القيادات الأمنية المتورطة في الأحداث.
اقرأ أيضاً:حكايات "الأولتراس" والحريّة في مصر: أكثر من مدرّجات وسياسة