فهذا المولود داخل إحدى المدارس، التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين،(الأونروا)، والذي حمل اسم أحمد، تريد والدته كما تقول "أن يكبر ويتبسم بفخر، وهو يشاهد مقاطع الفيديو الخاصة باحتفال أسبوع ميلاده، هو وستة آخرون، ولدوا في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة".
وأقامت جمعية الكشافة والمرشدات الفلسطينية، اليوم الثلاثاء، احتفالا خاصا بمرور أسبوع على ولادة "سبعة مواليد" داخل مراكز الإيواء.
تقول السرساوي، وهي تلتقط صورة لمولودها أحمد وهدايا ميلاده: "عندما يكبر ويرى صوره داخل هذه المدرسة، سيتساءل عن سر هذه اللقطات، والاحتفال في هذا المكان، وسنروي له وللبقيّة أنه وُلد في ظل عدوانٍ شرسٍ شنّته إسرائيل، وهدمت خلاله بيوتنا وشردتنا، ولكن رغم كل الألم والوجع احتفلنا بميلادهم".
وتحرص العائلات في قطاع غزة على إقامة "أسبوع المولود"، ويعد الاحتفال بهذه المناسبة من العادات والتقاليد البارزة للفلسطينيين، وتتم دعوة الأصدقاء والأقارب، وتحمل جدّة المولود وعاءً معدنيا، تطرق على أطرافه، كي تحدث رنيناً، تتخلله الأهازيج والأغاني الشعبية.
وبدا صوت هذه الأغاني في مدرسة الزيتون، شرق مدينة غزة، رنّاناً وعالياً على لسان الأطفال، الذين تحلّقوا بفرحٍ أمام المواليد السبعة، الذين وضعوا على إحدى طاولات المدرسة.
وكوّن عشرات الأطفال شكلا دائريا، وأخذوا يدورون بشكل متكرر حول الطاولة، وهم يحملون الشموع المضاءة، فيما أصواتهم ترتفع شيئا فشيئا وهي تُردّد أغاني الميلاد.
وأمام الهدايا، التي وزّعتها جمعية الكشافة و"الأونروا"، على المواليد وعائلاتهم، اقترب الأطفال من آذان المواليد وهم يُرددون خلف الكبار: "اسمع كلام أمك، متسمعش (لا تسمع) كلام أبوك" (أغنية شعبية).
تصف عايدة الضبّة هذا الاحتفال بأنه الأجمل في حياتها. تقول وهي تنظر بحبٍّ إلى رضيعتها، التي أطلقت عليها اسم "براءة": "إسرائيل هدمت منزلنا، ولم يتبقَّ لنا شيء. هنا عشرات النساء، وأنا واحدة منهن،ّ وَلَدنا وسط الخوف من الحرب والتشريد. هذا الاحتفال وهذه الأغاني أعادت لنا الروح بالحياة، وإن من حق صغارنا أن يعيشوا حياة أفضل".
وسجّلت وزارة الصحة في غزة ولادة ما يقارب خمسة آلاف مولود خلال ثلاثين يوما من القصف الإسرائيلي.
ووُلد عشرات الأطفال في مراكز الإيواء والمستشفيات، بعد أن لجأت غالبية النازحين إلى مدارس وكالة الغوث.
وتشير إحصائيّة لـ"المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان" إلى أنّ عدد النازحين، من المناطق الحدودية لقطاع غزة، يصل إلى نصف مليون شخص.
وتشنّ إسرائيل حربًا على قطاع غزة، تسببت في استشهاد 2016 فلسطينياً، من بينهم 541 طفلا، 250 امرأة، و95 مسنا. كما أصيب قرابة عشرة آلاف آخرين، فضلاً عن تدمير وتضرر 38086 منزلاً سكنيًا ومقرات حكومية ومواقع عسكرية في غزة، بحسب أرقام رسمية فلسطينية.