تسبب حريق اندلع في مخيم الإيمان للنازحين في منطقة سجو شمال حلب، في وفاة الطفلتين آيسل ورهف، اللتين لا يتجاوز عمراهما الأربع سنوات مع أمهما، كما تسبب في احتراق الكرفان الذي كانوا يقيمون فيه وعدد من الكرافانات المجاورة.
ونشب الحريق بسبب مدفأة تعمل بمادة الكاز سريعة الاشتعال، وهي إحدى وسائل التدفئة غير الآمنة التي يضطر النازحون إلى استخدامها، مع غياب وسائل ومواد التدفئة الآمنة في مخيماتهم.
وتضاف هذه الحادثة إلى عشرات حوادث الحريق التي تنشب شهرياً في مخيمات النازحين الممتدة في مناطق شاسعة في الأراضي السورية. إذ شهد شهر يناير/كانون الثاني الجاري حريقاً في مخيم النور، في بلدة جرجناز في ريف إدلب، تسبب في دمار ست خيام، وإصابة سبعة أشخاص بحروق، بينهم أطفال. كما تسبب حريق آخر في إصابة عائلة كاملة بحروق في مخيم أطمة في ريف إدلب.
وتُعد المدافئ البدائية التي يستعملها النازحون لمقاومة برد الشتاء القارس، السبب الرئيسي للحرائق. ويوضح طلال الحاج حسن، الذي يعمل سائقاً في ريف إدلب، لـ"العربي الجديد": "إنها ليست مدافئ في الأصل. لا قدرة لمعظم الناس على شراء مدافئ حقيقية، معظمهم يستعملون تنكات قديمة لإشعال النار داخل الخيمة، عدا عن أن دخانها كثيف وسام، بعضهم لا يركّبون مدخنة، والتنكة لا تحجب النار عما حولها، ويمكن أن يصل لهيبها إلى أي شيء داخل الخيمة ويندلع الحريق".
ويضيف "الناس هنا لا تشتري مازوت التدفئة النظامي، فاللتر منه يصل سعره إلى 350 ليرة، ومن يعمل منهم لا يجني أكثر من 500 ليرة في اليوم. منهم من يشتري المازوت غير المكرر وسعره أقل قليلاً لكن دخانه سام، وبعضهم يستعمل الكاز، أو الأخشاب، أو أي شيء يتيسر له، حتى الورق والملابس القديمة والبلاستيك، فالبرد هذه الأيام لا يُحتمل. يقول لي الركاب خلّينا نموت مختنقين ولا نموت من البرد".
أما خالد المسلم، وهو ممرّض يعمل في إحدى العيادات المتنقلة في ريف إدلب، يقول لـ"العربي الجديد": "منذ بداية كانون الأول الماضي عالجنا ما يزيد عن 25 طفلاً مصاباً بحروق، كثيرون منهم يحاولون إشعال النار بأنفسهم خارج الخيمة، ومنهم من يصاب داخل الخيمة، لا تمر أيام قليلة إلا ونسمع عن احتراق خيام. في هذه الأيام الرياح شديدة والحريق يمتد إلى خيام أخرى ويلتهم كل ما فيها، ريثما يصل فريق الدفاع المدني أو يستطيع الناس إخماده. كما أن هناك مخيمات عشوائية كثيرة وفي أراض بعيدة عن مراكز المدن التي يتواجد فيها فريق إطفاء".
ويضيف المسلم "من يعيش هنا يفهم لماذا يخاطر الناس كي يحصلوا على الدفء، هناك موجة صقيع شديدة لا يمكن للإنسان تحملها. الكثير من الأطفال يصابون بحالات انخفاض درجات الحرارة، وهناك انتشار لنزلات البرد والانفلونزا. كثيرون يشكون من أوجاع في أطرافهم ومفاصلهم بسبب البرد، في حين يشتكي آخرون من عدم قدرتهم على النوم في الليل لنفس السبب".